responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : المغني المؤلف : ابن قدامة المقدسي    الجزء : 10  صفحة : 68
[فَصْلٌ ادَّعَى رَجُلٌ عَلَى الْحَاكِمِ أَنَّك حَكَمْت لِي بِهَذَا الْحَقِّ عَلَى خَصْمِي فَذَكَرَ الْحَاكِمُ حُكْمَهُ]
(8266) فَصْلٌ: فَإِنْ ادَّعَى رَجُلٌ عَلَى الْحَاكِمِ، أَنَّك حَكَمْت لِي بِهَذَا الْحَقِّ عَلَى خَصْمِي. فَذَكَرَ الْحَاكِمُ حُكْمَهُ، أَمْضَاهُ، وَأَلْزَمَ خَصْمَهُ مَا حَكَمَ بِهِ عَلَيْهِ. وَلَيْسَ هَذَا حُكْمًا بِالْعِلْمِ، إنَّمَا هُوَ إمْضَاءٌ لِحُكْمِهِ السَّابِقِ. وَإِنْ لَمْ يَذْكُرْهُ الْقَاضِي، فَشَهِدَ عِنْدَهُ شَاهِدَانِ عَلَى حُكْمِهِ، لَزِمَهُ قَبُولُهَا، وَإِمْضَاءُ الْقَضَاءِ. وَبِهِ قَالَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى، وَمُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ. قَالَ الْقَاضِي: هَذَا قِيَاسُ قَوْلِ أَحْمَدَ؛ لِأَنَّهُ قَالَ: يَرْجِعُ الْإِمَامُ إلَى قَوْلِ اثْنَيْنِ فَصَاعِدًا مِنْ الْمَأْمُومِينَ.
وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ، وَأَبُو يُوسُفَ، وَالشَّافِعِيُّ: لَا يَقْبَلُ؛ لِأَنَّهُ يُمْكِنُهُ الرُّجُوعُ إلَى الْإِحَاطَةِ وَالْعِلْمِ، فَلَا يَرْجِعُ إلَى الظَّنِّ، كَالشَّاهِدِ إذَا نَسِيَ شَهَادَتَهُ، فَشَهِدَ عِنْدَهُ شَاهِدَانِ أَنَّهُ شَهِدَ، لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَشْهَدَ. وَلَنَا، أَنَّهُمَا لَوْ شَهِدَا عِنْدَهُ بِحُكْمِ غَيْرِهِ قَبِلَ، فَكَذَلِكَ إذَا شَهِدَا عِنْدَهُ بِحُكْمِ نَفْسِهِ، وَلِأَنَّهُمَا شَهِدَا بِحُكْمِ حَاكِمٍ.
وَمَا ذَكَرُوهُ لَا يَصِحُّ؛ لِأَنَّ ذِكْرَ مَا نَسِيَهُ لَيْسَ إلَيْهِ، وَيُخَالِفُ الشَّاهِدَ؛ لِأَنَّ الْحَاكِمَ يُمْضِي مَا حَكَمَ بِهِ إذَا ثَبَتَ عِنْدَهُ، وَالشَّاهِدُ لَا يَقْدِرُ عَلَى إمْضَاءِ شَهَادَتِهِ، وَإِنَّمَا يُمْضِيهَا الْحَاكِمُ.

[مَسْأَلَةٌ قَبُول الْقَاضِي الْهَدِيَّةَ]
(8267) مَسْأَلَةٌ؛ قَالَ: (وَلَا يَقْبَلُ هَدِيَّةَ مَنْ لَمْ يَكُنْ يُهْدِي إلَيْهِ قَبْلَ وِلَايَتِهِ) وَذَلِكَ لِأَنَّ الْهَدِيَّةَ يُقْصَدُ بِهَا فِي الْغَالِبِ اسْتِمَالَةُ قَلْبِهِ، لِيَعْتَنِيَ بِهِ فِي الْحُكْمِ، فَتُشْبِهُ الرِّشْوَةَ. قَالَ مَسْرُوقٌ: إذَا قَبِلَ الْقَاضِي الْهَدِيَّةَ، أَكَلَ السُّحْتَ، وَإِذَا قَبِلَ الرِّشْوَةَ، بَلَغَتْ بِهِ الْكُفْرَ.
وَقَدْ رَوَى أَبُو حُمَيْدٍ السَّاعِدِيُّ، قَالَ: بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رَجُلًا مِنْ الْأَزْدِ، يُقَالُ لَهُ ابْنُ اللُّتْبِيَّةِ عَلَى الصَّدَقَةِ، فَقَالَ: هَذَا لَكُمْ، وَهَذَا أُهْدِيَ إلَيَّ. فَقَامَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَحَمِدَ اللَّهَ، وَأَثْنَى عَلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ: «مَا بَالُ الْعَامِلِ نَبْعَثُهُ، فَيَجِيءُ فَيَقُولُ: هَذَا لَكُمْ، وَهَذَا أُهْدِيَ إلَيَّ، أَلَا جَلَسَ فِي بَيْتِ أُمِّهِ، فَيَنْظُرَ أَيُهْدَى إلَيْهِ أَمْ لَا؟ وَاَلَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ، لَا نَبْعَثُ أَحَدًا مِنْكُمْ، فَيَأْخُذُ شَيْئًا، إلَّا جَاءَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَحْمِلُهُ عَلَى رَقَبَتِهِ، إنْ كَانَ بَعِيرًا لَهُ رُغَاءٌ، أَوْ بَقَرَةً لَهَا خُوَارٌ، أَوْ شَاةً تَيْعَرُ. فَرَفَعَ يَدَيْهِ حَتَّى رَأَيْت عُفْرَةَ إبْطَيْهِ، فَقَالَ: اللَّهُمَّ هَلْ بَلَّغْت ثَلَاثًا؟» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
وَلِأَنَّ حُدُوثَ الْهَدِيَّةِ عَنَدَ حُدُوثِ الْوِلَايَةِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهَا مِنْ أَجْلِهَا، لِيَتَوَسَّلَ بِهَا إلَى مَيْلِ الْحَاكِمِ مَعَهُ عَلَى خَصْمِهِ، فَلَمْ يَجُزْ قَبُولُهَا مِنْهُ كَالرِّشْوَةِ، فَأَمَّا إنْ كَانَ يُهْدِي إلَيْهِ قَبْلَ وِلَايَتِهِ، جَازَ قَبُولُهَا مِنْهُ بَعْدَ الْوِلَايَةِ؛ لِأَنَّهَا لَمْ تَكُنْ مِنْ أَجْلِ الْوِلَايَةِ؛ لِوُجُودِ سَبَبِهَا قَبْلَ الْوِلَايَةِ، بِدَلِيلِ وُجُودِهَا قَبْلَهَا.

اسم الکتاب : المغني المؤلف : ابن قدامة المقدسي    الجزء : 10  صفحة : 68
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست