responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : المغني المؤلف : ابن قدامة المقدسي    الجزء : 10  صفحة : 62
وَقَوْلُهُمْ: إنَّهُ يُفْضِي إلَى جَرْحِ الْجَارِحِ، وَإِيجَابِ الْحَدِّ عَلَيْهِ.
قُلْنَا: لَيْسَ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ يُمْكِنُهُ التَّعْرِيضُ مِنْ غَيْرِ تَصْرِيحٍ. فَإِنْ قِيلَ: فَفِي بَيَانِ السَّبَبِ هَتْكُ الْمَجْرُوح. قُلْنَا: لَا بُدَّ مِنْ هَتْكِهِ؛ فَإِنَّ الشَّهَادَةَ عَلَيْهِ بِالْفِسْقِ هَتْكٌ لَهُ. وَلَكِنْ جَازَ ذَلِكَ لِلْحَاجَةِ الدَّاعِيَةِ إلَيْهِ، كَمَا جَازَتْ الشَّهَادَةُ عَلَيْهِ بِهِ لِإِقَامَةِ الْحَدِّ عَلَيْهِ، بَلْ هَاهُنَا أَوْلَى؛ فَإِنَّ فِيهِ دَفْعَ الظُّلْمِ عَنْ الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ، وَهُوَ حَقُّ آدَمِيٍّ، فَكَانَ أَوْلَى بِالْجَوَازِ، وَلِأَنَّ هَتْكَ عِرْضِهِ بِسَبَبِهِ، لِأَنَّهُ تَعَرَّضَ لِلشَّهَادَةِ مَعَ ارْتِكَابِهِ مَا يُوجِبُ جَرْحَهُ، فَكَانَ هُوَ الْهَاتِكَ لِنَفْسِهِ، إذْ كَانَ فِعْلُهُ هُوَ الْمُحْوِجَ لِلنَّاسِ إلَى جَرْحِهِ. فَإِنْ صَرَّحَ الْجَارِحُ بِقَذْفِهِ بِالزِّنَى، فَعَلَيْهِ الْحَدُّ إنْ لَمْ يَأْتِ بِتَمَامِ أَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ.
وَبِهَذَا قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ. وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: لَا حَدَّ عَلَيْهِ إذَا كَانَ بِلَفْظِ الشَّهَادَةِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَقْصِدْ إدْخَالَ الْمَعَرَّةِ عَلَيْهِ. وَلَنَا، قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً} [النور: 4] . الْآيَةَ. وَلِأَنَّ أَبَا بَكْرَةَ وَرَفِيقَيْهِ شَهِدُوا عَلَى الْمُغِيرَةِ بِالزِّنَى، وَلَمْ يُكْمِلْ زِيَادٌ شَهَادَتَهُ فَجَلَدَهُمْ عُمَرُ حَدَّ الْقَذْفِ بِمَحْضَرِ الصَّحَابَةِ، فَلَمْ يُنْكِرْهُ مُنْكِرٌ، فَكَانَ إجْمَاعًا. وَيَبْطُلُ مَا ذَكَرُوهُ بِمَا إذَا شَهِدُوا عَلَيْهِ لِإِقَامَةِ الْحَدِّ عَلَيْهِ.

[فَصْلٌ أَقَامَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بَيِّنَةً عَلَى فِسْقِ الشُّهُود]
(8255) فَصْلٌ: وَإِذَا أَقَامَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بَيِّنَةً، أَنَّ هَذَيْنِ الشَّاهِدَيْنِ شَهِدَا بِهَذَا الْحَقِّ عِنْدَ حَاكِمٍ، فَرَدَّ شَهَادَتَهُمَا لِفِسْقِهِمَا، بَطَلَتْ شَهَادَتُهُمَا؛ لِأَنَّ الشَّهَادَةَ إذَا رُدَّتْ لِفِسْقٍ، لَمْ تُقْبَلْ مَرَّةً ثَانِيَةً.

[فَصْلٌ الْجَرْحُ وَالتَّعْدِيلُ فِي الشُّهُود مِنْ النِّسَاءِ]
(8256) فَصْلٌ: وَلَا يُقْبَلُ الْجَرْحُ وَالتَّعْدِيلُ مِنْ النِّسَاءِ، وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: يُقْبَلُ؛ لِأَنَّهُ لَا يُعْتَبَرُ فِيهِ لَفْظُ الشَّهَادَةِ، فَأَشْبَهَ الرِّوَايَةَ، وَأَخْبَارَ الدِّيَاتِ. وَلَنَا، أَنَّهَا شَهَادَةٌ فِيمَا لَيْسَ بِمَالٍ، وَلَا الْمَقْصُودُ مِنْهُ الْمَالُ، وَيَطَّلِعُ عَلَيْهِ الرِّجَالُ فِي غَالِبِ الْأَحْوَالِ، فَأَشْبَهَ الشَّهَادَةَ فِي الْقِصَاصِ. وَمَا ذَكَرُوهُ غَيْرُ مُسَلَّمٍ.

[فَصْلٌ الْجَرْحُ فِي الشُّهُودِ مِنْ الْخَصْمِ]
(8257) فَصْلٌ: وَلَا يُقْبَلُ الْجَرْحُ مِنْ الْخَصْمِ. بِلَا خِلَافٍ بَيْنَ الْعُلَمَاءِ. فَلَوْ قَالَ الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ: هَذَانِ فَاسِقَانِ، أَوْ عَدُوَّانِ لِي، أَوْ آبَاءُ لِلْمَشْهُودِ لَهُ. لَمْ يُقْبَلْ قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ مُتَّهَمٌ فِي قَوْلِهِ، وَيَشْهَدُ بِمَا يَجُرُّ إلَيْهِ نَفْعًا، فَأَشْبَهَ الشَّهَادَةَ لِنَفْسِهِ، وَلَوْ قَبِلْنَا

اسم الکتاب : المغني المؤلف : ابن قدامة المقدسي    الجزء : 10  صفحة : 62
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست