responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : المغني المؤلف : ابن قدامة المقدسي    الجزء : 10  صفحة : 60
[مَسْأَلَةٌ عَدَّلَ الشَّاهِد اثْنَانِ وَجَرَّحَهُ اثْنَانِ]
(8250) مَسْأَلَةٌ، قَالَ: (وَإِنْ عَدَّلَهُ اثْنَانِ، وَجَرَّحَهُ اثْنَانِ، فَالْجِرَاحَةُ أَوْلَى) وَبِهَذَا قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ، وَالشَّافِعِيُّ. وَقَالَ مَالِكٌ: يُنْظَرُ أَيُّهُمَا أَعْدَلُ؟ اللَّذَانِ جَرَّحَاهُ، أَوْ اللَّذَانِ عَدَّلَاهُ؟ فَيُؤْخَذُ بِقَوْلِ أَعْدَلِهِمَا.
وَلَنَا، أَنَّ الْجَارِحَ مَعَهُ زِيَادَةُ عِلْمٍ خَفِيَتْ عَلَى الْمُعَدِّلِ، فَوَجَبَ تَقْدِيمُهُ؛ لِأَنَّ التَّعْدِيلَ يَتَضَمَّنُ تَرْكَ الرَّيْبِ وَالْمَحَارِمِ، وَالْجَارِحُ مُثْبِتٌ لِوُجُودِ ذَلِكَ، وَالْإِثْبَاتُ مُقَدَّمٌ عَلَى النَّفْيِ، وَلِأَنَّ الْجَارِحَ يَقُولُ: رَأَيْته يَفْعَلُ كَذَا. وَالْمُعَدِّلُ مُسْتَنَدُهُ أَنَّهُ لَمْ يَرَهُ يَفْعَلُ، وَيُمْكِنُ صِدْقُهُمَا، وَالْجَمْعُ بَيْنَ قَوْلَيْهِمَا بِأَنْ يَرَاهُ الْجَارِحُ يَفْعَلُ الْمَعْصِيَةَ، وَلَا يَرَاهُ الْمُعَدِّلُ، فَيَكُونُ مَجْرُوحًا.

[فَصْلٌ وَلَا يُقْبَلُ الْجَرْحُ وَالتَّعْدِيلُ إلَّا مِنْ اثْنَيْنِ]
(8251) فَصْلٌ: وَلَا يُقْبَلُ الْجَرْحُ وَالتَّعْدِيلُ إلَّا مِنْ اثْنَيْنِ. وَبِهَذَا قَالَ مَالِكٌ، وَالشَّافِعِيُّ، وَمُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ، وَابْنُ الْمُنْذِرِ. وَرُوِيَ عَنْ أَحْمَدَ: يُقْبَلُ ذَلِكَ مِنْ وَاحِدٍ. وَهُوَ اخْتِيَارُ أَبِي بَكْرٍ وَقَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ؛ لِأَنَّهُ خَبَرٌ لَا يُعْتَبَرُ فِيهِ لَفْظُ الشَّهَادَةِ، فَقُبِلَ مِنْ وَاحِدٍ، كَالرِّوَايَةِ. وَلَنَا، أَنَّهُ إثْبَاتُ صِفَةِ مَنْ يَبْنِي الْحَاكِمُ حُكْمَهُ عَلَى صِفَتِهِ، فَاعْتُبِرَ فِيهِ الْعَدَدُ، كَالْحَضَانَةِ، وَفَارَقَ الرِّوَايَةَ؛ فَإِنَّهَا عَلَى الْمُسَاهَلَةِ، وَلَا نُسَلِّمُ أَنَّهَا لَا تَفْتَقِرُ إلَى لَفْظِ الشَّهَادَةِ، وَيُعْتَبَرُ فِي التَّعْدِيلِ وَالْجَرْحِ لَفْظُ الشَّهَادَةِ، فَيَقُولُ فِي التَّعْدِيلِ: أَشْهَدُ أَنَّهُ عَدْلٌ.
وَيَكْفِي هَذَا. وَإِنْ لَمْ يَقُلْ: عَلَيَّ وَلِي. وَهَذَا قَوْلُ أَكْثَرِ أَهْلِ الْعِلْمِ، وَبِهِ يَقُولُ شُرَيْحٌ وَأَهْلُ الْعِرَاقِ، وَمَالِكٌ، وَبَعْضُ الشَّافِعِيَّةِ. وَقَالَ أَكْثَرُهُمْ: لَا يَكْفِيهِ إلَّا أَنْ يَقُولَ: عَدْلٌ عَلَيَّ وَلِي. وَاخْتَلَفُوا فِي تَعْلِيلِهِ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: لِئَلَّا تَكُونَ بَيْنَهُمَا عَدَاوَةٌ أَوْ قَرَابَةٌ.
وَقَالَ بَعْضُهُمْ: لِئَلَّا يَكُونَ عَدْلًا فِي شَيْءٍ دُونَ شَيْءٍ. وَلَنَا، قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى: {وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ} [الطلاق: 2] فَإِذَا شَهِدَا أَنَّهُ عَدْلٌ، ثَبَتَ ذَلِكَ بِشَهَادَتِهِمَا، فَيَدْخُلُ ذَلِكَ فِي عُمُومِ الْأَمْرِ، لِأَنَّهُ إذَا كَانَ عَدْلًا، لَزِمَ أَنْ يَكُونَ لَهُ وَعَلَيْهِ، وَفِي حَقِّ سَائِرِ النَّاسِ، وَفِي كُلِّ شَيْءٍ، وَلَا يَحْتَاجُ إلَى ذِكْرِهِ.
وَلَا يَصِحُّ مَا ذَكَرُوهُ؛ فَإِنَّ الْإِنْسَانَ لَا يَكُونُ عَدْلًا فِي شَيْءٍ دُونَ شَيْءٍ، وَلَا فِي حَقِّ شَخْصٍ دُونَ شَخْصٍ، فَإِنَّهَا لَا تُوصَفُ بِهَذَا، وَلَا تَنْتَفِي أَيْضًا بِقَوْلِهِ: عَدْلٌ وَلِي فَإِنَّ مَنْ ثَبَتَتْ عَدَالَتُهُ، لَمْ تَزُلْ بِقَرَابَةٍ وَلَا عَدَاوَةٍ، وَإِنَّمَا تُرَدُّ شَهَادَتُهُ لِلتُّهْمَةِ مَعَ كَوْنِهِ عَدْلًا، ثُمَّ إنَّ هَذَا إذَا كَانَ مَعْلُومًا انْتِقَاؤُهُ بَيْنَهُمَا، لَمْ يَحْتَجْ إلَى ذِكْرِهِ وَلَا نَفْيِهِ عَنْ نَفْسِهِ، كَمَا لَوْ شَهِدَ بِالْحَقِّ مَنْ عَرَفَ الْحَاكِمُ عَدَالَتَهُ، لَمْ يَحْتَجْ إلَى أَنْ يَنْفِيَ

اسم الکتاب : المغني المؤلف : ابن قدامة المقدسي    الجزء : 10  صفحة : 60
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست