responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : المغني المؤلف : ابن قدامة المقدسي    الجزء : 10  صفحة : 54
وَأَمَّا الْخَبَرُ عَنْ عَلِيٍّ إنْ صَحَّ، فَلَا حُجَّةَ لَهُمْ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ أَضَافَ التَّزْوِيجَ إلَى الشَّاهِدَيْنِ، لَا إلَى حُكْمِهِ، وَلَمْ يُجِبْهَا إلَى التَّزْوِيجِ؛ لِأَنَّ فِيهِ طَعْنًا عَلَى الشُّهُودِ. فَأَمَّا اللِّعَانُ، فَإِنَّمَا حَصَلْت الْفُرْقَةُ بِهِ، لَا بِصِدْقِ الزَّوْجِ، وَلِهَذَا لَوْ قَامَتْ الْبَيِّنَةُ بِهِ، لَمْ يَنْفَسِخْ النِّكَاحُ.
إذَا ثَبَتَ هَذَا، فَإِذَا شَهِدَ عَلَى امْرَأَةٍ بِنِكَاحٍ، وَحَكَمَ بِهِ الْحَاكِمُ، وَلَمْ تَكُنْ زَوْجَتَهُ، فَإِنَّهَا لَا تَحِلُّ لَهُ، وَيَلْزَمُهَا فِي الظَّاهِرِ، وَعَلَيْهَا أَنْ تَمْتَنِعَ مَا أَمْكَنَهَا، فَإِنْ أَكْرَهَهَا عَلَيْهِ، فَالْإِثْمُ عَلَيْهِ دُونَهَا، وَإِنْ وَطِئَهَا الرَّجُلُ، فَقَالَ أَصْحَابُنَا، وَبَعْضُ الشَّافِعِيَّةِ: عَلَيْهِ الْحَدُّ؛ لِأَنَّهُ وَطِئَهَا وَهُوَ يَعْلَمُ أَنَّهَا أَجْنَبِيَّةٌ. وَقِيلَ: لَا حَدَّ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ وَطْءٌ مُخْتَلَفٌ فِي حِلِّهِ، فَيَكُونُ ذَلِكَ شُبْهَةً وَلَيْسَ لَهَا أَنْ تَتَزَوَّجَ غَيْرَهُ.
وَقَالَ أَصْحَابُ الشَّافِعِيِّ: تَحِلُّ لِزَوْجٍ ثَانٍ، غَيْرَ أَنَّهَا مَمْنُوعَةٌ مِنْهُ فِي الْحُكْمِ. وَقَالَ الْقَاضِي: يَصِحُّ النِّكَاحُ.
وَلَنَا، أَنَّ هَذَا يَقْضِي إلَى الْجَمْعِ بَيْنَ الْوَطْءِ لِلْمَرْأَةِ مِنْ اثْنَيْنِ، أَحَدُهُمَا يَطَؤُهَا بِحُكْمِ الظَّاهِرِ، وَالْآخَرُ، بِحُكْمِ الْبَاطِنِ. وَهَذَا فَسَادٌ، فَلَا يُشْرَعُ، وَلِأَنَّهَا مَنْكُوحَةٌ لِهَذَا الَّذِي قَامَتْ لَهُ الْبَيِّنَةُ، فِي قَوْلِ بَعْضِ الْأَئِمَّةِ، فَلَمْ يَجُزْ تَزْوِيجُهَا لِغَيْرِهِ، كَالْمُتَزَوِّجَةِ بِغَيْرِ وَلِيٍّ.
وَحَكَى أَبُو الْخَطَّابِ، عَنْ أَحْمَدَ، رِوَايَةً أُخْرَى، مِثْلَ مَذْهَبِ أَبِي حَنِيفَةَ، فِي أَنَّ حُكْمَ الْحَاكِمِ يُزِيلُ الْفُسُوخَ وَالْعُقُودَ. وَالْأَوَّلُ هُوَ الْمَذْهَبُ.

[فَصْلٌ وَإِذَا اسْتَعْدَى رَجُلٌ عَلَى رَجُلٍ إلَى الْحَاكِمِ]
(8243) فَصْل: وَإِذَا اسْتَعْدَى رَجُلٌ عَلَى رَجُلٍ إلَى الْحَاكِمِ، فَفِيهِ رِوَايَتَانِ؛ إحْدَاهُمَا، أَنَّهُ يَلْزَمُهُ أَنْ يُعْدِيَهُ، وَيَسْتَدْعِيَ خَصْمَهُ، سَوَاءٌ عَلِمَ بَيْنَهُمَا مُعَامَلَةً أَوْ لَمْ يَعْلَمْ، وَسَوَاءٌ كَانَ الْمُسْتَعْدِي مِمَّنْ يُعَامِلُ الْمُسْتَعْدَى عَلَيْهِ أَوْ لَا يُعَامِلُهُ، كَالْفَقِيرِ يَدَّعِي عَلَى ذِي ثَرْوَةٍ وَهَيْئَةٍ.
نَصَّ عَلَى هَذَا، فِي رِوَايَةِ الْأَثْرَمِ، فِي الرَّجُلِ يَسْتَعْدِي، عَلَى الْحَاكِمِ، أَنَّهُ يُحْضِرُهُ وَيَسْتَحْلِفُهُ. وَهَذَا اخْتِيَارُ أَبِي بَكْرٍ، وَمَذْهَبُ أَبِي حَنِيفَةَ، وَالشَّافِعِيِّ؛ لِأَنَّ فِي تَرْكِهِ تَضْيِيعًا لِلْحُقُوقِ، وَإِقْرَارًا لِلظُّلْمِ، فَإِنَّهُ قَدْ ثَبَتَ لَهُ الْحَقُّ عَلَى مَنْ هُوَ أَرْفَعُ مِنْهُ بِغَصْبٍ، أَوْ يَشْتَرِي مِنْهُ شَيْئًا وَلَا يُوَفِّيهِ، أَوْ يُودِعُهُ شَيْئًا، أَوْ يُعِيرُهُ إيَّاهُ فَلَا يَرُدُّهُ، وَلَا تُعْلَمُ بَيْنَهُمَا مُعَامَلَةٌ، فَإِذَا لَمْ يَعْدُ عَلَيْهِ، سَقَطَ حَقُّهُ، وَهَذَا أَعْظَمُ ضَرَرًا مِنْ حُضُورِ مَجْلِسِ الْحَاكِمِ، فَإِنَّهُ لَا نَقِيصَةَ فِيهِ، وَقَدْ حَضَرَ عُمَرُ وَأُبَيُّ عِنْدَ زَيْدٍ، وَحَضَرَ هُوَ وَآخَرُ عِنْدَ شُرَيْحٍ، وَحَضَرَ عَلِيٌّ عِنْدَ شُرَيْحٍ وَحَضَرَ الْمَنْصُورُ عِنْدَ رَجُلٍ وَلَدِ طَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ.
وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ، لَا يَسْتَدْعِيهِ إلَّا أَنْ يَعْلَمَ بَيْنَهُمَا مُعَامَلَةً، وَيَتَبَيَّنَ أَنَّ لِمَا ادَّعَاهُ أَصْلًا.
رُوِيَ ذَلِكَ عَنْ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَهُوَ مَذْهَبُ مَالِكٍ؛ لِأَنَّ فِي ادِّعَائِهِ عَلَى كُلِّ أَحَدٍ تَبْذِيلَ أَهْلِ الْمُرُوءَاتِ، وَإِهَانَةً لِذَوِي الْهَيْئَاتِ، فَإِنَّهُ لَا يَشَاءُ أَحَدٌ أَنْ يَبْذُلَهُمْ عِنْدَ الْحَاكِمِ إلَّا فَعَلَ، وَرُبَّمَا فَعَلَ هَذَا مَنْ لَا حَقَّ لَهُ لِيَفْتَدِيَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ مِنْ حُضُورِهِ وَشَرِّ خَصْمِهِ بِطَائِفَةٍ مِنْ مَالِهِ، وَالْأُولَى أَوْلَى؛ لِأَنَّ ضَرَرَ تَضْيِيعِ الْحَقِّ أَعْظَمُ مِنْ هَذَا. وَلِلْمُسْتَدْعَى عَلَيْهِ أَنْ يُوَكِّلَ مَنْ يَقُومُ مَقَامَهُ أَنْ كَرِهَ الْحُضُورَ.
وَإِنْ كَانَ الْمُسْتَدْعَى عَلَيْهِ امْرَأَةً

اسم الکتاب : المغني المؤلف : ابن قدامة المقدسي    الجزء : 10  صفحة : 54
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست