responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : المغني المؤلف : ابن قدامة المقدسي    الجزء : 10  صفحة : 53
إلَّا بِمُطَالَبَةِ صَاحِبِهِ؛ لِأَنَّ الْحَاكِمَ لَا يَسْتَوْفِي حَقًّا لِمَنْ لَا وِلَايَةَ عَلَيْهِ بِغَيْرِ مُطَالَبَتِهِ، فَإِنْ طَلَبَ صَاحِبُهُ؛ ذَلِكَ نَقَضَهُ.
وَإِنْ كَانَ الْقَاضِي قَبْلَهُ لَا يَصْلُحُ لِلْقَضَاءِ، نُقِضَتْ قَضَايَاهُ الْمُخَالِفَةُ لِلصَّوَابِ كُلُّهَا، سَوَاءٌ كَانَتْ مِمَّا يَسُوغُ فِيهِ الِاجْتِهَادُ أَوْ لَا يَسُوغُ؛ لِأَنَّ حُكْمَهُ غَيْرُ صَحِيحٍ، وَقَضَاؤُهُ كَلَا قَضَاءٍ، لِعَدَمِ شَرْطِ الْقَضَاءِ فِيهِ، وَلَيْسَ فِي نَقْضِ قَضَايَاهُ نَقْضُ الِاجْتِهَادِ بِالِاجْتِهَادِ؛ لِأَنَّ الْأَوَّلَ لَيْسَ بِاجْتِهَادٍ، وَلَا يَنْقُضُ مَا وَافَقَ الصَّوَابَ؛ لِعَدَمِ الْفَائِدَةِ فِي نَقْضِهِ، فَإِنَّ الْحَقَّ وَصَلَ إلَى مُسْتَحِقِّهِ.
وَقَالَ أَبُو الْخَطَّابِ يَنْقُضُ قَضَايَاهُ كُلَّهَا؛ مَا أَخْطَأَ فِيهِ وَمَا أَصَابَ. وَهُوَ مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ؛ لِأَنَّ وُجُودَ قَضَائِهِ كَعَدَمِهِ. وَلَا أَعْلَمُ فِيهِ فَائِدَةً، فَإِنَّ الْحَقَّ لَوْ وَصَلَ إلَى مُسْتَحِقِّهِ بِطَرِيقِ الْقَهْرِ مِنْ غَيْرِ حُكْمٍ، لَمْ يُغَيَّرْ ذَلِكَ، وَكَذَلِكَ إذَا كَانَ بِقَضَاءٍ وُجُودُهُ كَعَدَمِهِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

[فَصْلٌ وَحُكْمُ الْحَاكِمِ لَا يُزِيلُ الشَّيْءَ عَنْ صِفَتِهِ]
(8242) فَصْلٌ: وَحُكْمُ الْحَاكِمِ لَا يُزِيلُ الشَّيْءَ عَنْ صِفَتِهِ، فِي قَوْلِ جُمْهُورِ الْعُلَمَاءِ؛ مِنْهُمْ مَالِكٌ، وَالْأَوْزَاعِيُّ، وَالشَّافِعِيُّ، وَأَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ، وَأَبُو ثَوْرٍ، وَدَاوُد، وَمُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: إذَا حَكَمَ الْحَاكِمُ بِعَقْدٍ أَوْ فَسْخٍ أَوْ طَلَاقٍ، نَفَذَ حُكْمُهُ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا، فَلَوْ أَنَّ رَجُلَيْنِ تَعَمَّدَا الشَّهَادَةَ عَلَى رَجُلٍ أَنَّهُ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ، فَقَبِلَهُمَا الْقَاضِي بِظَاهِرِ عَدَالَتِهِمَا، فَفَرَّقَ بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ، لَجَازَ لِأَحَدِ الشَّاهِدَيْنِ نِكَاحُهَا بَعْدَ قَضَاءِ عِدَّتِهَا، وَهُوَ عَالِمٌ بِتَعَمُّدِهِ الْكَذِبَ، وَلَوْ أَنَّ رَجُلًا ادَّعَى نِكَاحَ امْرَأَةٍ، وَهُوَ يَعْلَمُ أَنَّهُ كَاذِبٌ، وَأَقَامَ شَاهِدَيْ زُورٍ، فَحَكَمَ الْحَاكِمُ، حَلَّتْ لَهُ بِذَلِكَ، وَصَارَتْ زَوْجَتَهُ قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ: وَتَفَرَّدَ أَبُو حَنِيفَةَ، فَقَالَ: لَوْ اسْتَأْجَرَتْ امْرَأَةٌ شَاهِدَيْنِ، شَهِدَا لَهَا بِطَلَاقِ زَوْجِهَا، وَهُمَا يَعْلَمَانِ كَذِبَهُمَا وَتَزْوِيرَهُمَا، فَحَكَمَ الْحَاكِمُ بِطَلَاقِهَا، لَحَلَّ لَهَا أَنْ تَتَزَوَّجَ، وَحَلَّ لِأَحَدِ الشَّاهِدَيْنِ نِكَاحُهَا. وَاحْتَجَّ بِمَا رُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّ رَجُلًا ادَّعَى عَلَى امْرَأَةٍ نِكَاحَهَا. فَرَفَعَهَا إلَى عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فَشَهِدَ لَهُ شَاهِدَانِ بِذَلِكَ، فَقَضَى بَيْنَهُمَا بِالزَّوْجِيَّةِ، فَقَالَتْ: وَاَللَّهِ مَا تَزَوَّجَنِي يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، اعْقِدْ بَيْنَنَا عَقْدًا حَتَّى أَحِلَّ لَهُ. فَقَالَ: شَاهِدَاك زَوَّجَاك.
فَدَلَّ عَلَى أَنَّ النِّكَاحَ ثَبَتَ بِحُكْمِهِ. وَلِأَنَّ اللِّعَانِ يَنْفَسِخُ بِهِ النِّكَاحُ وَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا كَاذِبًا، فَالْحُكْمُ أَوْلَى. وَلَنَا، قَوْلُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إنَّمَا أَنَا بَشَرٌ، وَإِنَّكُمْ تَخْتَصِمُونَ إلَيَّ، وَلَعَلَّ بَعْضَكُمْ يَكُونُ أَلْحَنَ بِحُجَّتِهِ مِنْ بَعْضٍ، فَأَقْضِيَ لَهُ عَلَى نَحْوِ مَا أَسْمَعُ مِنْهُ، فَمَنْ قَضَيْت لَهُ بِشَيْءٍ مِنْ حَقِّ أَخِيهِ، فَلَا يَأْخُذْ مِنْهُ شَيْئًا، فَإِنَّمَا أَقْطَعُ لَهُ قِطْعَةً مِنْ النَّارِ» . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ
وَهَذَا يَدْخُلُ فِيهِ مَا إذَا ادَّعَى أَنَّهُ اشْتَرَى مِنْهُ شَيْئًا، فَحَكَمَ لَهُ، وَلِأَنَّهُ حُكْمٌ بِشَهَادَةِ زُورٍ، فَلَا يُحِلُّ لَهُ مَا كَانَ مُحَرَّمًا عَلَيْهِ، كَالْمَالِ الْمُطْلَقِ.

اسم الکتاب : المغني المؤلف : ابن قدامة المقدسي    الجزء : 10  صفحة : 53
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست