responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : المغني المؤلف : ابن قدامة المقدسي    الجزء : 10  صفحة : 437
فَإِنْ قُلْنَا: يَعْتِقُ بِالْأَدَاءِ بَرِئَ الْمُكَاتَبُ مِنْ مَالِ الْكِتَابَةِ، وَيَرْجِعُ السَّيِّدُ عَلَى الْمُشْتَرِي بِمَا قَبَضَهُ؛ لِأَنَّهُ كَالنَّائِبِ عَنْهُ. فَإِنْ كَانَ مِنْ جِنْسِ الثَّمَنِ، وَكَانَ قَدْ تَلِفَ، تَقَاصَّا بِقَدْرِ أَقَلِّهِمَا، وَرَجَعَ ذُو الْفَضْلِ بِفَضْلِهِ. وَإِنْ قُلْنَا: لَا يَعْتِقُ بِذَلِكَ. فَمَالُ الْكِتَابَةِ بَاقٍ عَلَى الْمُكَاتَبِ، وَيَرْجِعُ الْمُكَاتَبُ عَلَى الْمُشْتَرِي بِمَا دَفَعَهُ إلَيْهِ، وَيَرْجِعُ الْمُشْتَرِي عَلَى الْبَائِعِ. فَإِنْ سَلَّمَهُ الْمُشْتَرِي إلَى الْبَائِعِ، لَمْ يَصِحَّ التَّسْلِيمُ؛ لِأَنَّهُ قَبَضَهُ بِغَيْرِ إذْنِ الْمُكَاتَبِ، فَأَشْبَهَ مَا لَوْ أَخَذَهُ مِنْ مَالِهِ بِغَيْرِ إذْنِهِ. فَإِنْ كَانَ مِنْ غَيْرِ جِنْسِ مَالِ الْكِتَابَةِ تَرَاجَعَا بِمَا لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى الْآخَرِ.
وَإِنْ بَاعَهُ مَا أَخَذَهُ بِمَالِهِ فِي ذِمَّتِهِ، وَكَانَ مِمَّا يَجُوزُ الْبَيْعُ فِيهِ، جَازَ إذَا كَانَ مَا قَبَضَهُ السَّيِّدُ، بَاقِيًا، وَإِنْ كَانَ قَدْ تَلِفَ، وَوَجَبَتْ قِيمَتُهُ، وَكَانَتْ مِنْ جِنْسِ مَالِ الْكِتَابَةِ، تَقَاصَّا، وَإِنْ كَانَ الْمَقْبُوضُ مِنْ جِنْسِ مَالِ الْكِتَابَةِ، فَتَحَاسَبَا بِهِ، جَازَ.

[فَصْلٌ كَانَتْ الْمُكَاتَبَةُ ذَاتَ وَلَدٍ يَتْبَعُهَا فِي الْكِتَابَةِ فَبَاعَهُمَا مَعًا]
(8800) فَصْلٌ: وَإِذَا كَانَتْ الْمُكَاتَبَةُ ذَاتَ وَلَدٍ يَتْبَعُهَا فِي الْكِتَابَةِ، فَبَاعَهُمَا مَعًا، صَحَّ؛ لِأَنَّهُمَا مِلْكُهُ، وَلَا مَانِعَ مِنْ بَيْعِهِمَا، وَيَكُونَانِ عِنْدَ الْمُشْتَرِي، كَمَا كَانَا عِنْدَ الْبَائِعِ، سَوَاءً. وَإِنْ بَاعَ أَحَدُهُمَا دُونَ صَاحِبِهِ، أَوْ بَاعَ أَحَدُهُمَا لَرَجُلٍ، وَبَاعَ الْآخَرُ لِغَيْرِهِ، لَمْ يَصِحَّ، لِوَجْهَيْنِ؛ أَحَدُهُمَا، أَنَّهُ لَا يَجُوزُ التَّفْرِيقُ بَيْنَ الْأُمِّ وَوَلَدِهَا فِي الْبَيْعِ إلَّا بَعْدَ الْبُلُوغِ. فِي إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ. وَالثَّانِي، أَنَّ الْوَلَدَ تَابِعٌ لِأُمِّهِ، وَلَهَا كَسْبُهُ، وَعَلَيْهَا نَفَقَتُهُ، وَصَارَ فِي مَعْنَى مَمْلُوكِهَا، فَلَمْ يَجُزْ التَّفْرِيقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا. وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَجُوزَ ذَلِكَ إذَا كَانَ بَالِغًا؛ لِأَنَّهُ مَحَلٌّ لِلْبَيْعِ، صَدَرَ فِيهِ التَّصَرُّفُ مِنْ أَهْلِهِ، وَيَكُونُ عِنْدَ مَنْ هُوَ عِنْدَهُ، عَلَى مَا كَانَ عَلَيْهِ قَبْلَ بَيْعِهِ، لَهَا كَسْبُهُ، وَأَرْشُ الْجِنَايَةِ عَلَيْهِ، وَعَلَيْهَا نَفَقَتُهُ، وَيَعْتِقُ بِعِتْقِهَا، كَمَا لَوْ بِيعَ. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

[فَصْلٌ وَصَّى السَّيِّد بِالْمُكَاتَبِ لَرَجُلٍ]
(8801) فَصْلٌ: وَإِنْ وَصَّى بِالْمُكَاتَبِ لَرَجُلٍ، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: قَالَ أَحْمَدُ الْوَصِيَّةُ بِهِ جَائِزَةٌ؛ لِأَنَّهُ يَرَى بَيْعَهُ، وَكَذَلِكَ هِبَتَهُ، وَيَقُومُ مَنْ انْتَقَلَ إلَيْهِ مَقَامَ مُكَاتِبِهِ فِي الْأَدَاءِ إلَيْهِ، وَإِنْ عَجَزَ، عَادَ إلَيْهِ رَقِيقًا لَهُ قِنًّا، وَإِنْ عَتَقَ، فَالْوَلَاءُ لَهُ، كَمَا ذَكَرْنَا فِي الْمُشْتَرِي، سَوَاءٌ، فَإِنْ عَجَزَ فِي حَيَاةِ الْمُوصِي، لَمْ تَبْطُلْ الْوَصِيَّةُ؛ لِأَنَّ رِقَّهُ لَا يُنَافِي الْوَصِيَّةَ. وَإِنْ أَدَّى وَعَتَقَ فِي حَيَاةِ الْمُوصِي، بَطَلَتْ الْوَصِيَّةُ. وَمَنْ مَنَعَ بَيْعَ الْمُكَاتَبِ، مَنَعَ الْوَصِيَّةَ فِيهِ، وَهِبَتَهُ. فَإِنْ قَالَ: إنْ عَجَزَ وَرَقَّ، فَهُوَ لَك بَعْدَ مَوْتِي. صَحَّتْ الْوَصِيَّةُ، إذَا عَجَزَ فِي حَيَاةِ الْمُوصِي، وَإِنْ عَجَزَ بَعْدَ مَوْتِهِ، لَمْ يَسْتَحِقَّهُ؛ لِأَنَّ الشَّرْطَ بَطَلَ بِمَوْتِهِ، كَمَا لَوْ قَالَ لِعَبْدِهِ: إنْ دَخَلْت الدَّارَ، فَأَنْتَ حُرٌّ بَعْدَ مَوْتِي. فَلَمْ يَدْخُلْهَا حَتَّى مَاتَ سَيِّدُهُ. وَإِنْ قَالَ: إنْ عَجَزْت بَعْدَ مَوْتِي، فَهُوَ لَك. فَهَذَا تَعْلِيقٌ لِلْوَصِيَّةِ عَلَى صِفَةٍ، تُوجَدُ بَعْدَ الْمَوْتِ. وَقَدْ ذَكَرْنَا فِي صِحَّتِهَا وَجْهَيْنِ.

اسم الکتاب : المغني المؤلف : ابن قدامة المقدسي    الجزء : 10  صفحة : 437
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست