responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : المغني المؤلف : ابن قدامة المقدسي    الجزء : 10  صفحة : 401
وَنَفْعِ بُضْعِهَا، وَعَنْ عِوَضِهِ. وَلَيْسَ لِوَاحِدَةٍ مِنْهُمَا التَّزْوِيجُ بِغَيْرِ إذْنٍ؛ لِأَنَّ عَلَيْهِ ضَرَرًا فِي ذَلِكَ، فَإِنَّهُ يُثْبِتُ لِلزَّوْجِ حَقًّا فِيهَا، فَرُبَّمَا عَجَزَتْ، وَعَادَتْ إلَيْهِ عَلَى وَجْهٍ لَا يَمْلِكُ وَطْأَهَا. فَإِنْ تَرَاضَيَا بِذَلِكَ، جَازَ؛ لِأَنَّ الْحَقَّ لَا يَخْرُجُ عَنْهُمَا، وَهُوَ وَلِيُّهَا وَوَلِيُّ ابْنَتِهَا وَجَارِيَتِهَا جَمِيعًا؛ لِأَنَّ الْمِلْكَ لَهُ، فَأَشْبَهَ الْجَارِيَةَ الْقِنَّ، وَالْمَهْرُ لِلْمُكَاتَبَةِ عَلَى مَا ذَكَرْنَا فِي مَهْرِهِنَّ إذَا وَطِئَهُنَّ السَّيِّدُ.

[مَسْأَلَةٌ السَّيِّدُ إذَا وَطِئَ مُكَاتَبَتَهُ مِنْ غَيْرِ شَرْطٍ]
(8751) مَسْأَلَةٌ: قَالَ: (فَإِنْ وَطِئَهَا وَلَمْ يَشْتَرِطْ، أُدِّبَ، وَلَمْ يَبْلُغْ بِهِ حَدُّ الزَّانِي، وَكَانَ عَلَيْهِ مَهْرُ مِثْلِهَا) وَجُمْلَةُ الْأَمْرِ أَنَّ السَّيِّدَ إذَا وَطِئَ مُكَاتَبَتَهُ مِنْ غَيْرِ شَرْطٍ، فَقَدْ ذَكَرْنَا أَنَّهُ لَا حَدَّ عَلَيْهِ، لَكِنْ إنْ كَانَا عَالِمَيْنِ بِالتَّحْرِيمِ، عُزِّرَا، وَإِنْ كَانَا جَاهِلَيْنِ، عُذِرَا، وَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا عَالِمًا وَالْآخَرُ جَاهِلًا، عُزِّرَ الْعَالِمُ وَعُذِرَ الْجَاهِلُ. وَلَا يَخْرُجُ بِالْوَطْءِ عَنْ الْكِتَابَةِ. وَقَالَ اللَّيْثُ: إنْ طَاوَعَتْهُ، فَقَدْ فُسِخَتْ كِتَابَتُهَا، وَعَادَتْ قِنًّا.
وَلَنَا، أَنَّهُ عَقْدٌ لَازِمٌ، فَلَمْ يَنْفَسِخْ بِالْمُطَاوَعَةِ عَلَى الْوَطْءِ، كَالْإِجَارَةِ، وَالْبَيْعِ بَعْدَ لُزُومِهِ. فَأَمَّا الْمَهْرُ، فَإِنَّهُ يَجِبُ لَهَا، أَكْرَهَهَا أَوْ طَاوَعَتْهُ. وَبِهِ قَالَ الْحَسَنُ، وَالثَّوْرِيُّ، وَالْحَسَنُ بْنُ صَالِحٍ، وَالشَّافِعِيُّ.
وَقَالَ قَتَادَةُ: يَجِبُ إذَا أَكْرَهَهَا، وَلَا يَجِبُ إذَا طَاوَعَتْهُ. وَنَقَلَهُ الْمُزَنِيّ عَنْ الشَّافِعِيِّ؛ لِأَنَّ الْمُطَاوِعَةَ بَذَلَتْ نَفْسَهَا بِغَيْرِ عِوَضٍ، فَصَارَتْ كَالزَّانِيَةِ. وَمَنْصُوصُ الشَّافِعِيِّ وُجُوبُهُ فِي الْحَالَيْنِ. وَأَنْكَرَ أَصْحَابُهُ مَا نَقَلَهُ الْمُزَنِيّ، وَقَالُوا: لَا يُعْرَفُ.
وَقَالَ مَالِكٌ: لَا شَيْءَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهَا مِلْكُهُ.
وَلَنَا، أَنَّهُ عِوَضُ مَنْفَعَتِهَا، فَوَجَبَ لَهَا، كَعِوَضِ بَدَنِهَا، وَلِأَنَّ الْمُكَاتَبَةَ فِي يَدِ نَفْسِهَا، وَمَنَافِعُهَا لَهَا، وَلِهَذَا لَوْ وَطِئَهَا أَجْنَبِيٌّ، كَانَ الْمَهْرُ لَهَا، وَإِنَّمَا وَجَبَ فِي حَالِ الْمُطَاوَعَةِ؛ لِأَنَّ الْحَدَّ يَسْقُطُ عَنْهُ لِشُبْهَةِ الْمِلْكِ، فَوَجَبَ لَهَا الْمَهْرُ، كَمَا لَوْ وَطِئَ امْرَأَةً بِشُبْهَةِ عَقْدٍ مُطَاوِعَةً. فَإِنْ تَكَرَّرَ وَطْؤُهَا، وَكَانَ قَدْ أَدَّى مَهْرَ الْوَطْءِ الْأَوَّلِ، فَلِلثَّانِي مَهْرٌ أَيْضًا؛ لِأَنَّ الْأَدَاءَ قَطَعَ حُكْمَ الْوَطْءِ الْأَوَّلِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ أَدَّى عَنْ الْأَوَّلِ، لَمْ يَجِبْ إلَّا مَهْرٌ وَاحِدٌ؛ لِأَنَّ هَذَا عَنْ وَطْءِ الشُّبْهَةِ، فَلَمْ يَكُنْ إلَّا مَهْرًا وَاحِدًا، كَالْوَطْءِ فِي النِّكَاحِ الْفَاسِدِ. (8752)
فَصْلٌ: وَإِذَا وَجَبَ لَهَا الْمَهْرُ، فَإِنْ كَانَ لَمْ يَحِلَّ عَلَيْهَا نَجْمٌ، فَلَهَا الْمُطَالَبَةُ، وَإِنْ كَانَ قَدْ حَلَّ عَلَيْهَا، فَكَانَ الْمَهْرُ مِنْ غَيْرِ جِنْسِهِ، فَلَهَا الْمُطَالَبَةُ بِهِ أَيْضًا. وَإِنْ كَانَ مِنْ جِنْسِهِ، تَقَاصَّا، وَأَخَذَ ذُو الْفَضْلِ فَضْلَهُ.

اسم الکتاب : المغني المؤلف : ابن قدامة المقدسي    الجزء : 10  صفحة : 401
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست