responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : المغني المؤلف : ابن قدامة المقدسي    الجزء : 10  صفحة : 40
الضَّعِيفُ مِنْ عَدْلِهِ، وَيَكُونَ حَلِيمًا، مُتَأَنِّيًا، ذَا فِطْنَةٍ وَتَيَقُّظٍ، لَا يُؤْتَى مِنْ غَفْلَةٍ، وَلَا يُخْدَعُ لِغِرَّةٍ، صَحِيحَ السَّمْعِ وَالْبَصَرِ، عَالِمًا بِلُغَاتِ أَهْلِ وِلَايَتِهِ، عَفِيفًا، وَرَعًا، نَزِهًا، بَعِيدًا مِنْ الطَّمَعِ، صَدُوقَ اللَّهْجَةِ، ذَا رَأْيٍ وَمَشُورَةٍ، لِكَلَامِهِ لِينٌ إذَا قَرُبَ، وَهَيْبَةٌ إذَا أَوْعَدَ، وَوَفَاءٌ إذَا وَعَدَ، وَلَا يَكُونُ جَبَّارًا، وَلَا عَسُوفًا، فَيَقْطَعُ ذَا الْحُجَّةِ عَنْ حُجَّتِهِ.
قَالَ عَلِيٌّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: لَا يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْقَاضِي قَاضِيًا حَتَّى تَكُونَ فِيهِ خَمْسُ خِصَالٍ؛ عَفِيفٌ، حَلِيمٌ، عَالِمٌ بِمَا كَانَ قَبْلَهُ، يَسْتَشِيرُ ذَوِي الْأَلْبَابِ، لَا يَخَافُ فِي اللَّهِ لَوْمَةَ لَائِمٍ. وَعَنْ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -، قَالَ: يَنْبَغِي لِلْقَاضِي أَنْ تَجْتَمِعَ فِيهِ سَبْعُ خِلَالٍ، إنْ فَاتَتْهُ وَاحِدَةٌ كَانَتْ فِيهِ وَصْمَةٌ: الْعَقْلُ، وَالْفِقْهُ، وَالْوَرَعُ، وَالنَّزَاهَةُ، وَالصَّرَامَةُ، وَالْعِلْمُ بِالسُّنَنِ، وَالْحِكَمِ. وَرَوَاهُ سَعِيدٌ. وَفِيهِ: يَكُونُ فَهِمَا، حَلِيمًا، عَفِيفًا، صُلْبًا، سَآَّلًا عَمَّا لَا يَعْلَمُ.
وَفِي رِوَايَةٍ: مُحْتَمِلًا لِلْأَئِمَّةِ؛ وَلَا يَكُونُ ضَعِيفًا، مَهِينًا، لِأَنَّ ذَلِكَ يَبْسُطُ الْمُتَخَاصِمِينَ إلَى التَّهَاتُرِ وَالتَّشَاتُمِ بَيْنَ يَدَيْهِ، وَقَالَ عُمَرُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: لَأَعْزِلَنَّ فُلَانًا عَنْ الْقَضَاءِ، وَلِأَسْتَعْمِلَن رَجُلًا إذَا رَآهُ الْفَاجِرُ فَرَّقَهُ.
(8224) فَصْلٌ: وَلَهُ أَنْ يَنْتَهِرَ الْخَصْمَ إذَا الْتَوَى، وَيَصِيحَ عَلَيْهِ، وَإِنْ اسْتَحَقَّ التَّعْزِيرَ عَزَّرَهُ بِمَا يَرَى مِنْ أَدَبٍ أَوْ حَبْسٍ. وَإِنْ افْتَاتَ عَلَيْهِ بِأَنْ يَقُولَ: حَكَمْت عَلَيَّ بِغَيْرِ الْحَقِّ. أَوْ: ارْتَشَيْت. فَلَهُ تَأْدِيبُهُ. وَلَهُ أَنْ يَعْفُوَ.
وَإِنْ بَدَأَ الْمُنْكِرُ بِالْيَمِينِ، قَطَعَهَا عَلَيْهِ، وَقَالَ: الْبَيِّنَةُ عَلَى خَصْمِك. فَإِنْ عَادَ نَهَرَهُ، فَإِنْ عَادَ عَزَّرَهُ إنْ رَأَى. وَأَمْثَالُ ذَلِكَ مِمَّا فِيهِ إسَاءَةُ الْأَدَبِ، فَلَهُ مُقَابَلَةُ فَاعِلِهِ، وَلَهُ الْعَفْوُ.

[فَصْلٌ الْقَضَاءُ فِي الْمَسَاجِدِ]
(8225) فَصْلٌ: وَإِنْ وَلَّى الْإِمَامُ رَجُلًا الْقَضَاءَ، فَإِنْ كَانَتْ وِلَايَتُهُ فِي غَيْرِ بَلَدِهِ، فَأَرَادَ السَّيْرَ إلَى بِلَادِ وِلَايَتِهِ، بَحَثَ عَنْ قَوْمٍ مِنْ أَهْلِ ذَلِكَ الْبَلَدِ لِيَسْأَلَهُمْ عَنْهُ، وَيَتَعَرَّفَ مِنْهُمْ مَا يَحْتَاجُ إلَى مَعْرِفَتِهِ، فَإِنْ لَمْ يَجِدْ، سَأَلَ فِي طَرِيقِهِ، فَإِنْ لَمْ يَجِدْ، سَأَلَ إذَا دَخَلَ الْبَلَدَ عَنْ أَهْلِهِ، وَمَنْ بِهِ مِنْ الْعُلَمَاءِ وَالْفُضَلَاءِ وَأَهْلِ الْعَدَالَةِ وَالسَّتْرِ، وَسَائِرِ مَا يَحْتَاجُ إلَى مَعْرِفَتِهِ، وَإِذَا قَرُبَ مِنْ الْبَلَدِ، بَعَثَ مَنْ يُعْلِمُهُمْ بِقُدُومِهِ لِيَتَلَقَّوْهُ، وَيَجْعَلُ قُدُومَهُ يَوْمَ الْخَمِيسَ إنْ أَمْكَنَهُ؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ كَانَ إذَا قَدِمَ مِنْ سَفَرٍ، قَدِمَ يَوْمَ الْخَمِيسِ، ثُمَّ يَقْصِدُ الْجَامِعَ، فَيُصَلِّي فِيهِ رَكْعَتَيْنِ، كَمَا كَانَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَفْعَلُ إذَا دَخَلَ الْمَدِينَةَ، وَيَسْأَلُ اللَّهَ - تَعَالَى التَّوْفِيقَ وَالْعِصْمَةَ وَالْمَعُونَةَ، وَأَنْ يَجْعَلَ عَمَلَهُ صَالِحًا، وَيَجْعَلَهُ لِوَجْهِهِ خَالِصًا، وَلَا يَجْعَلَ لِأَحَدٍ فِيهِ شَيْئًا، وَيُفَوِّضُ أَمَرَهُ إلَى اللَّهِ تَعَالَى، وَيَتَوَكَّلُ عَلَيْهِ، وَيَأْمُرُ مُنَادِيَهُ فَيُنَادِي فِي الْبَلَدِ، أَنَّ فُلَانًا قَدِمَ عَلَيْكُمْ قَاضِيًا، فَاجْتَمِعُوا لِقِرَاءَةِ عَهْدِهِ، وَقْتَ كَذَا وَكَذَا.
وَيَنْصَرِفُ إلَى مَنْزِلِهِ الَّذِي قَدْ أُعِدَّ لَهُ، وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ فِي وَسَطِ الْبَلَدِ؛ لِيَتَسَاوَى أَهْلُ الْمَدِينَةِ فِيهِ، وَلَا يَشُقُّ عَلَى بَعْضِهِمْ قَصْدُهُ، فَإِذَا اجْتَمَعُوا، أَمَرَ بِعَهْدِهِ فَقُرِئَ عَلَيْهِمْ لِيَعْلَمُوا التَّوْلِيَةَ، وَيَأْتُوا إلَيْهِ، وَيَعِدُ النَّاسَ يَوْمًا يَجْلِسُ فِيهِ لِلْقَضَاءِ، ثُمَّ يَنْصَرِفُ إلَى مَنْزِلِهِ.

اسم الکتاب : المغني المؤلف : ابن قدامة المقدسي    الجزء : 10  صفحة : 40
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست