responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : المغني المؤلف : ابن قدامة المقدسي    الجزء : 10  صفحة : 4
وَنَذْرُ الْمَعْصِيَةِ،، أَنْ يَقُولَ: لِلَّهِ عَلَيَّ أَنَّ أَشْرَبَ الْخَمْرَ، أَوْ أَقْتُلَ النَّفْسَ الْمُحَرَّمَةَ. وَمَا أَشْبَهَهُ، فَلَا يَفْعَلُ ذَلِكَ، وَيُكَفِّرُ كَفَّارَةَ يَمِينٍ؛ وَإِذَا قَالَ: لِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أَرْكَبَ دَابَّتِي، أَوْ أَسْكُنَ دَارِي، أَوْ أَلْبَسَ أَحْسَنَ ثِيَابِي. وَمَا أَشْبَهَهُ، لَمْ يَكُنْ هَذَا نَذْرَ طَاعَةٍ وَلَا مَعْصِيَةٍ، فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْهُ كَفَّرَ كَفَّارَةَ يَمِينٍ؛ لِأَنَّ النَّذْرَ كَالْيَمِينِ.
وَإِذَا نَذَرَ أَنْ يُطَلِّقَ زَوْجَتَهُ، اُسْتُحِبَّ لَهُ أَنْ لَا يُطَلِّقَهَا، وَيُكَفِّرَ كَفَّارَةَ يَمِينٍ. وَجُمْلَتُهُ أَنَّ النَّذْرَ سَبْعَةُ أَقْسَامٍ؛ أَحَدُهَا، نَذْرُ اللَّجَاجِ وَالْغَضَبِ، وَهُوَ الَّذِي يُخْرِجُهُ مَخْرَجَ الْيَمِينِ، لِلْحَثِّ عَلَى فِعْلِ شَيْءٍ أَوْ الْمَنْعِ مِنْهُ، غَيْرَ قَاصِدٍ بِهِ لِلنَّذْرِ، وَلَا الْقُرْبَةِ، فَهَذَا حُكْمُهُ حُكْمُ الْيَمِينِ، وَقَدْ ذَكَرْنَاهُ فِي بَابِ الْأَيْمَانِ.
وَالْقِسْمُ الثَّانِي، نَذْرُ طَاعَةٍ وَتُبَرَّرُ؛ مِثْلُ الَّذِي ذَكَرَ الْخِرَقِيِّ. فَهَذَا يَلْزَمُ الْوَفَاءُ بِهِ؛ لِلْآيَتَيْنِ وَالْخَبَرَيْنِ، وَهُوَ ثَلَاثَةُ أَنْوَاعٍ؛ أَحَدُهَا، الْتِزَامُ طَاعَةٍ فِي مُقَابَلَةِ نِعْمَةٍ اسْتَجْلَبَهَا، أَوْ نِقْمَةٍ اسْتَدْفَعَهَا، كَقَوْلِهِ: إنْ شَفَانِي اللَّهُ، فَلِلَّهِ عَلَيَّ صَوْمُ شَهْرٍ. فَتَكُونُ الطَّاعَةُ الْمُلْتَزَمَةُ مِمَّا لَهُ أَصْلٌ فِي الْوُجُوبِ بِالشَّرْعِ، كَالصَّوْمِ وَالصَّلَاةِ وَالصَّدَقَةِ وَالْحَجِّ، فَهَذَا يَلْزَمُ الْوَفَاءُ بِهِ، بِإِجْمَاعِ أَهْلِ الْعِلْمِ.
النَّوْعُ الثَّانِي، الْتِزَامُ طَاعَةٍ مِنْ غَيْرِ شَرْطٍ، كَقَوْلِهِ ابْتِدَاءً: لِلَّهِ عَلَيَّ صَوْمُ شَهْرٍ. فَيَلْزَمُهُ الْوَفَاءُ بِهِ فِي قَوْلِ أَكْثَرِ أَهْلِ الْعِلْمِ. وَهُوَ قَوْلُ أَهْلِ الْعِرَاقِ. وَظَاهِرُ مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ. وَقَالَ بَعْضُ أَصْحَابِهِ لَا يَلْزَمُ الْوَفَاءُ بِهِ؛ لِأَنَّ أَبَا عُمَرَ غُلَامَ ثَعْلَبٍ قَالَ: النَّذْرُ عِنْدَ الْعَرَبِ وَعْدٌ. بِشَرْطٍ. وَلِأَنَّ مَا الْتَزَمَهُ الْآدَمِيُّ بِعِوَضٍ، يَلْزَمُهُ بِالْعَقْدِ، كَالْمَبِيعِ وَالْمُسْتَأْجَرِ، وَمَا الْتَزَمَهُ بِغَيْرِ عِوَضٍ لَا يَلْزَمُهُ بِمُجَرَّدِ الْعَقْدِ كَالْهِبَةِ.
النَّوْعُ الثَّالِثُ، نَذْرُ طَاعَةٍ لَا أَصْلَ لَهَا فِي الْوُجُوبِ، كَالِاعْتِكَافِ وَعِيَادَةِ الْمَرِيضِ، فَيَلْزَمُ الْوَفَاءُ بِهِ؛ لِأَنَّ النَّذْرَ فَرْعٌ عَلَى الْمَشْرُوعِ، فَلَا يَجِبُ بِهِ مَا لَا يَجِبُ لَهُ نَظِيرٌ بِأَصْلِ الشَّرْعِ. وَلَنَا: قَوْلُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «مَنْ نَذَرَ أَنْ يُطِيعَ اللَّهَ فَلْيُطِعْهُ» . وَذَمُّهُ الَّذِينَ يَنْذُرُونَ

اسم الکتاب : المغني المؤلف : ابن قدامة المقدسي    الجزء : 10  صفحة : 4
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست