responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : المغني المؤلف : ابن قدامة المقدسي    الجزء : 10  صفحة : 387
[مَسْأَلَةٌ الْمُكَاتَبُ يَمُوتُ سَيِّدُهُ وَعَلَيْهِ بَقِيَّةٌ مِنْ كِتَابَتِهِ]
(8723) مَسْأَلَةٌ: قَالَ: (وَوَلَاؤُهُ لِسَيِّدِهِ، وَإِنْ عَجَزَ، فَهُوَ عَبْدٌ لِسَائِرِ الْوَرَثَةِ) ، أَمَّا إذَا عَجَزَ، وَرُدَّ فِي الرِّقِّ، فَإِنَّهُ يَكُونُ عَبْدًا لِجَمِيعِ الْوَرَثَةِ، كَمَا لَوْ لَمْ يَكُنْ مُكَاتَبًا؛ لِأَنَّهُ مِنْ مَالِ مَوْرُوثِهِمْ، فَكَانَ بَيْنَهُمْ كَسَائِرِ الْمَالِ، وَأَمَّا إذَا أَدَّى مَالَ الْكِتَابَةِ، وَعَتَقَ، فَقَالَ الْخِرَقِيِّ: يَكُونُ وَلَاؤُهُ لِمُكَاتَبِهِ، يَخْتَصُّ بِهِ عَصَبَاتُهُ دُونَ أَصْحَابِ الْفُرُوضِ. وَهَذَا قَوْلُ أَكْثَرِ الْفُقَهَاءِ. وَهُوَ اخْتِيَارُ أَبِي بَكْرٍ. وَنَقَلَهُ إِسْحَاقُ بْنُ مَنْصُورٍ، عَنْ أَحْمَدَ، - رَحِمَهُ اللَّهُ -، وَإِسْحَاقَ. وَرَوَى حَنْبَلٌ، وَصَالِحُ بْنُ أَحْمَدَ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: اخْتَلَفَ النَّاسُ فِي الْمُكَاتَبِ يَمُوتُ سَيِّدُهُ، وَعَلَيْهِ بَقِيَّةٌ مِنْ كِتَابَتِهِ، فَقَالَ بَعْضُ النَّاسِ: الْوَلَاءُ لِلرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ.
وَقَالَ بَعْضُ النَّاسِ: لَا وَلَاءَ لِلنِّسَاءِ؛ لِأَنَّ هَذَا إنَّمَا هُوَ دَيْنٌ عَلَى الْمُكَاتَبِ، وَلَا يَرِثُ النِّسَاءُ مِنْ الْوَلَاءِ إلَّا مَا كَاتَبْنَ، أَوْ أَعْتَقْنَ. وَلِكُلٍّ وَجْهٌ. وَاَلَّذِي أَرَاهُ وَيَغْلِبُ عَلَيَّ أَنَّهُنَّ يَرِثْنَ؛ وَذَلِكَ لِأَنَّ الْمُكَاتَبَ لَوْ عَجَزَ بَعْدَ وَفَاةِ السَّيِّدِ، رُدَّ رَقِيقًا. وَهَذَا قَوْلُ طَاوُسٍ، وَالزُّهْرِيِّ، وَذَلِكَ لِأَنَّ الْمُكَاتَبَ انْتَقَلَ إلَى الْوَرَثَةِ بِمَوْتِ الْمُكَاتِبِ، فَكَانَ وَلَاؤُهُ لَهُمْ، كَمَا لَوْ انْتَقَلَ إلَى الْمُشْتَرِي، وَلِأَنَّهُ يُؤَدِّي إلَى الْوَرَثَةِ، فَكَانَ وَلَاؤُهُ، لَهُمْ كَمَا لَوْ أَدَّى إلَى الْمُشْتَرِي.
وَوَجْهُ الْأَوَّلِ أَنَّ السَّيِّدَ هُوَ الْمُنْعِمُ بِالْعِتْقِ، فَكَانَ الْوَلَاءُ لَهُ كَمَا لَوْ أَدَّى إلَيْهِ، وَلِأَنَّ الْوَرَثَةَ إنَّمَا يَنْتَقِلُ إلَيْهِمْ مَا بَقِيَ لِلسَّيِّدِ، وَإِنَّمَا بَقِيَ لِلسَّيِّدِ دَيْنٌ فِي ذِمَّةِ الْمُكَاتَبِ، وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْمِيرَاثِ وَالشِّرَاءِ، أَنَّ السَّيِّدَ نَقَلَ حَقَّهُ فِي الْبَيْعِ بِاخْتِيَارِهِ، فَلَمْ يَبْقَ لَهُ فِيهِ حَقٌّ مِنْ وَجْهٍ، وَالْوَارِثُ يَخْلُفُ الْمَوْرُوثَ وَيَقُومُ مَقَامَهُ، وَيَبْنِي عَلَى مَا فَعَلَهُ مَوْرُوثُهُ، وَلَا يَنْتَقِلُ إلَيْهِ شَيْءٌ أَمْكَنَ بَقَاؤُهُ لِمَوْرُوثِهِ، وَالْوَلَاءُ مِمَّا أَمْكَنَ بَقَاؤُهُ لِلْمَوْرُوثِ، فَوَجَبَ أَنْ لَا يَنْتَقِلَ عَنْهُ.

[فَصْلٌ أَعْتَقَ الْوَرَثَةُ الْمُكَاتَبَ]
(8724) فَصْلٌ: فَإِنْ أَعْتَقَهُ الْوَرَثَةُ صَحَّ عِتْقُهُمْ؛ لِأَنَّهُ مِلْكٌ لَهُمْ، فَصَحَّ عِتْقُهُمْ لَهُ، وَلِأَنَّ السَّيِّدَ لَوْ أَعْتَقَهُ نَفَذَ عِتْقُهُ، وَهُمْ يَقُومُونَ مَقَامَ مَوْرُوثِهِمْ، وَيَكُونُ وَلَاؤُهُ لَهُمْ؛ لِقَوْلِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إنَّمَا الْوَلَاءُ لِمَنْ أَعْتَقَ» . وَإِنْ أَعْتَقَ بَعْضُهُمْ نَصِيبَهُ، فَعَتَقَ عَلَيْهِ كُلُّهُ، قُوِّمَ عَلَيْهِ نَصِيبُ شُرَكَائِهِ، وَكَانَ وَلَاؤُهُ لَهُ. وَإِنْ لَمْ يَسْرِ عِتْقُهُ؛ لِكَوْنِهِ مُعْسِرًا، أَوْ لِغَيْرِ ذَلِكَ، فَلَهُ وَلَاءُ مَا أَعْتَقَهُ؛ لِلْخَبَرِ، وَلِأَنَّهُ مُنْعِمٌ عَلَيْهِ بِالْعِتْقِ، فَكَانَ الْوَلَاءُ لَهُ كَغَيْرِ الْمُكَاتَبِ. وَقَالَ الْقَاضِي: إنْ أَعْتَقُوهُ كُلُّهُمْ قَبْلَ عَجْزِهِ، كَانَ الْوَلَاءُ لِلسَّيِّدِ، وَإِنْ أَعْتَقَ بَعْضُهُمْ، لَمْ يَسْرِ عِتْقُهُ، ثُمَّ يُنْظَرُ؛ فَإِنْ أَدَّى إلَى الْبَاقِينَ، عَتَقَ كُلُّهُ، وَكَانَ وَلَاؤُهُ لِلسَّيِّدِ، وَإِنْ عَجَزَ فَرَدُّوهُ إلَى الرِّقَّ، كَانَ وَلَاءُ نَصِيبِ الْمُعْتِقِ لَهُ؛ لِأَنَّهُ لَوْلَا إعْتَاقُهُ، لَعَادَ سَهْمُهُ رَقِيقًا، كَسِهَامِ سَائِرِ الْوَرَثَةِ، فَلَمَّا أَعْتَقَهُ، كَانَ هُوَ الْمُنْعِمَ عَلَيْهِ فَكَانَ الْوَلَاءُ لَهُ دُونَهُمْ.
فَأَمَّا إنْ أَبْرَأَهُ الْوَرَثَةُ كُلُّهُمْ، عَتَقَ، وَكَانَ وَلَاؤُهُ عَلَى الرِّوَايَتَيْنِ اللَّتَيْنِ ذَكَرْنَاهُمَا، فِيمَا إذَا أَدَّى إلَيْهِمْ؛ لِأَنَّ

اسم الکتاب : المغني المؤلف : ابن قدامة المقدسي    الجزء : 10  صفحة : 387
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست