responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : المغني المؤلف : ابن قدامة المقدسي    الجزء : 10  صفحة : 382
الْمُكَاتَبِ، فَإِنَّهُ يُقْبَلُ فِي حَقِّ نَفْسِهِ، كَمَا لَوْ قَالَ رَجُلٌ لِعَبْدٍ فِي يَدِ غَيْرِهِ: هَذَا حُرٌّ. وَأَنْكَرَ ذَلِكَ مَنْ الْعَبْدُ فِي يَدِهِ، لَمْ يُقْبَلْ قَوْلُهُ عَلَيْهِ، فَإِنْ انْتَقَلَ إلَيْهِ بِسَبَبٍ مِنْ الْأَسْبَابِ، لَزِمَتْهُ حُرِّيَّتُهُ.
وَإِنْ أَبْرَأَهُ مِنْ مَالِ الْكِتَابَةِ حِينَ امْتَنَعَ الْمُكَاتَبُ مِنْ قَبْضِهِ، لَمْ يَلْزَمْهُ قَبْضُهُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَبْقَ لَهُ عَلَيْهِ حَقٌّ.
وَإِنْ لَمْ يُبْرِئْهُ وَلَمْ يَقْبِضْهُ، كَانَ لَهُ دَفْعُ ذَلِكَ إلَى الْحَاكِمِ، وَيُطَالِبُهُ بِقَبْضِهِ، فَيَنُوبُ الْحَاكِمُ فِي قَبْضِهِ عَنْهُ، وَيَعْتِقُ الْعَبْدُ، كَمَا رَوَيْنَاهُ عَنْ عُمَرَ وَعُثْمَانَ، فِي قَبْضِهِمَا مَالَ الْكِتَابَةِ حِينَ امْتَنَعَ الْمُكَاتَبُ مِنْ قَبْضِهِ.

[فَصْلٌ الْكِتَابَةُ عَلَى جِنْسٍ]
(8716) فَصْلٌ: وَإِذَا كَاتَبَهُ عَلَى جِنْسٍ، لَمْ يَلْزَمْهُ قَبْضُ غَيْرِهِ، فَلَوْ كَاتَبَهُ عَلَى دَنَانِيرَ، لَمْ يَلْزَمْهُ قَبْضُ دَرَاهِمَ، وَلَا عَرْضٍ، وَإِنْ كَاتَبَهُ عَلَى دَرَاهِمَ، لَمْ يَلْزَمْهُ أَخْذُ الدَّنَانِيرِ، وَلَا الْعُرُوضِ. وَإِنْ كَاتَبَهُ عَلَى عَرْضٍ مَوْصُوفٍ، لَمْ يَلْزَمْهُ قَبْضُ غَيْرِهِ. وَإِنْ كَاتَبَهُ عَلَى نَقْدٍ، فَأَعْطَاهُ مِنْ جِنْسِهِ خَيْرًا مِنْهُ، وَكَانَ يُنْفِقُ فِيمَا يُنْفِقُ فِيهِ الَّذِي كَاتَبَهُ عَلَيْهِ، لَزِمَهُ أَخْذُهُ؛ لِأَنَّهُ زَادَهُ خَيْرًا، وَإِنْ كَانَ لَا يُنْفِقُ فِي بَعْضِ الْبُلْدَانِ الَّتِي يُنْفِقُ فِيهَا مَا كَاتَبَهُ عَلَيْهِ، لَمْ يَلْزَمْهُ قَبُولُهُ؛ لِأَنَّ عَلَيْهِ فِيهِ ضَرَرًا.

[فَصْلٌ الْمُكَاتَبُ مَلَكَ مَا يُؤَدِّي]
(8717) الْفَصْلُ الثَّانِي: إذَا مَلَكَ مَا يُؤَدِّي، فَالصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا يَعْتِقُ حَتَّى يُؤَدِّيَ. رُوِيَ ذَلِكَ عَنْ عُمَرَ، وَابْنِهِ وَزَيْدٍ، وَعَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ -؛ فَإِنَّهُمْ قَالُوا: الْمُكَاتَبُ عَبْدٌ مَا بَقِيَ عَلَيْهِ دِرْهَمٌ. وَهُوَ قَوْلُ أَكْثَرِ أَهْلِ الْعِلْمِ، وَعَنْ أَحْمَدَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - رِوَايَةٌ أُخْرَى أَنَّهُ إذَا مَلَكَ مَا يُؤَدِّي، عَتَقَ؛ لِمَا رَوَى سَعِيدٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ الزُّهْرِيِّ، عَنْ نَبْهَانَ مَوْلَى أُمِّ سَلَمَةَ، عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ، أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «إذَا كَانَ لِإِحْدَاكُنَّ مُكَاتَبٌ، وَكَانَ عِنْدَهُ مَا يُؤَدِّي، فَلْتَحْتَجِبْ مِنْهُ» . وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُد، وَابْنُ مَاجَهْ، وَالتِّرْمِذِيُّ. وَقَالَ: حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ. فَأَمَرَهُنَّ بِالْحِجَابِ بِمُجَرَّدِ مِلْكِهِ لِمَا يُؤَدِّيهِ، وَلِأَنَّهُ مَالِكٌ لِوَفَاءِ مَالِ الْكِتَابَةِ، أَشْبَهَ مَا لَوْ أَدَّاهُ. فَعَلَى هَذِهِ الرِّوَايَةِ، يَصِيرُ حُرًّا بِمِلْكِ الْوَفَاءِ فَمَتَى امْتَنَعَ مِنْهُ أَجْبَرَهُ الْحَاكِمُ عَلَيْهِ.
وَإِنْ هَلَكَ مَا فِي يَدَيْهِ قَبْلَ الْأَدَاءِ، صَارَ دَيْنًا فِي ذِمَّتِهِ، وَقَدْ صَارَ حُرًّا.
وَوَجْهُ الرِّوَايَةِ الْأُولَى، مَا رَوَى عَمْرُو بْنُ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «الْمُكَاتَبُ عَبْدٌ مَا بَقِيَ عَلَيْهِ دِرْهَمٌ» . وَقَوْلُهُ: «أَيُّمَا عَبْدٍ كَاتَبَ عَلَى مِائَةِ أُوقِيَّةٍ، فَأَدَّاهَا إلَّا عَشْرَ أَوَاقٍ فَهُوَ عَبْدٌ، وَأَيُّمَا عَبْدٍ كَاتَبَ عَلَى مِائَةِ دِينَارٍ، فَأَدَّاهَا إلَّا عَشَرَةَ دَنَانِيرَ، فَهُوَ عَبْدٌ» . رَوَاهُ سَعِيدٌ. وَفِي رِوَايَةٍ: «مَنْ كَاتَبَ عَبْدَهُ عَلَى مِائَةِ أُوقِيَّةٍ، فَأَدَّاهَا إلَّا عَشْرَ أَوَاقٍ. أَوْ قَالَ: إلَّا عَشَرَةَ دَرَاهِمَ، ثُمَّ عَجَزَ، فَهُوَ رَقِيقٌ» . رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ، وَقَالَ: هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ. وَلِأَنَّهُ عِتْقٌ عُلِّقَ بِعِوَضٍ، فَلَمْ يَعْتِقْ قَبْلَ أَدَائِهِ، كَمَا لَوْ قَالَ: إذَا أَدَّيْتَ إلَيَّ أَلْفًا فَأَنْتَ حُرٌّ. فَعَلَى هَذِهِ

اسم الکتاب : المغني المؤلف : ابن قدامة المقدسي    الجزء : 10  صفحة : 382
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست