responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : المغني المؤلف : ابن قدامة المقدسي    الجزء : 10  صفحة : 380
عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ، رَحِمَهُ اللَّهُ. وَالرِّوَايَةُ الْأُخْرَى، إذَا مَلَكَ مَا يُؤَدِّي، فَقَدْ صَارَ حُرًّا) الْكَلَامُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فِي فَصْلَيْنِ: (8714) الْفَصْلُ الْأَوَّلُ: فِيمَا إذَا عَجَّلَ الْمُكَاتَبُ الْكِتَابَةَ قَبْلَ مَحَلِّهَا. فَالْمَنْصُوصُ عَنْ أَحْمَدَ، أَنَّهُ يَلْزَمُ قَبُولُهَا، وَيَعْتِقُ الْمُكَاتَبُ. وَذَكَرَ أَبُو بَكْرٍ فِيهِ رِوَايَةً أُخْرَى، أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ قَبُولُ الْمَالِ إلَّا عِنْدَ نُجُومِهِ؛ لِأَنَّ بَقَاءَ الْمُكَاتَبِ فِي هَذِهِ الْمُدَّةِ فِي مِلْكِهِ حَقٌّ لَهُ، وَلَمْ يَرْضَ بِزَوَالِهِ، فَلَمْ يَزُلْ، كَمَا لَوْ عَلَّقَ عِتْقَهُ عَلَى شَرْطٍ، لَمْ يَعْتِقْ قَبْلَهُ.
وَالصَّحِيحُ فِي الْمَذْهَبِ: الْأَوَّلُ. وَهُوَ مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ، إلَّا أَنَّ الْقَاضِيَ قَالَ: أَطْلَقَ أَحْمَدُ وَالْخِرَقِيُّ هَذَا الْقَوْلَ، وَهُوَ مُقَيَّدٌ بِمَا لَا ضَرَرَ فِي قَبْضِهِ قَبْلَ مَحِلِّهِ، كَاَلَّذِي لَا يَفْسُدُ، وَلَا يَخْتَلِفُ قَدِيمُهُ وَحَدِيثُهُ، وَلَا يَحْتَاجُ إلَى مُؤْنَةٍ فِي حِفْظِهِ، وَلَا يَدْفَعُهُ فِي حَالِ خَوْفٍ يَخَافُ ذَهَابَهُ، فَإِنْ اخْتَلَّ أَحَدُ هَذِهِ الْأُمُورِ، لَمْ يَلْزَمْ قَبْضُهُ، مِثْلُ أَنْ يَكُونَ مِمَّا يَفْسُدُ؛ كَالْعِنَبِ، وَالرُّطَبِ، وَالْبِطِّيخِ، أَوْ يُخَافُ تَلَفُهُ كَالْحَيَوَانِ، فَإِنَّهُ رُبَّمَا تَلِفَ قَبْلَ الْمَحِلِّ، فَفَاتَهُ مَقْصُودُهُ.
وَإِنْ كَانَ مِمَّا يَكُونُ حَدِيثُهُ خَيْرًا مِنْ قَدِيمِهِ، لَمْ يَلْزَمْهُ أَيْضًا أَخْذُهُ؛ لِأَنَّهُ يَنْقُصُ إلَى حِينِ الْحُلُولِ، وَإِنْ كَانَ مِمَّا يَحْتَاجُ إلَى مَخْزَنٍ، كَالطَّعَامِ وَالْقُطْنِ، لَمْ يَلْزَمْهُ أَيْضًا؛ لِأَنَّهُ يَحْتَاجُ فِي إبْقَائِهِ إلَى وَقْتِ الْمَحِلِّ إلَى مُؤْنَةٍ، فَيَتَضَرَّرُ بِهَا، وَلَوْ كَانَ غَيْرَ هَذَا، إلَّا أَنَّ الْبَلَدَ مَخُوفٌ، يَخَافُ نَهْبَهُ، لَمْ يَلْزَمْهُ أَخْذُهُ؛ لِأَنَّ فِي أَخْذِهِ ضَرَرًا لَمْ يَرْضَ بِالْتِزَامِهِ، وَكَذَلِكَ لَوْ سَلَّمَهُ إلَيْهِ فِي طَرِيقٍ مَخُوفٍ، أَوْ مَوْضِعٍ يَتَضَرَّرُ بِقَبْضِهِ فِيهِ، لَمْ يَلْزَمْهُ قَبْضُهُ، وَلَمْ يَعْتِقْ الْمُكَاتَبُ بِبَذْلِهِ.
قَالَ الْقَاضِي: وَالْمَذْهَبُ عِنْدِي أَنَّ فِي قَبْضِهِ تَفْصِيلًا، عَلَى حَسَبِ مَا ذَكَرْنَاهُ فِي السَّلَمِ. وَلِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ الْإِنْسَانَ الْتِزَامُ ضَرَرٍ لَمْ يَقْتَضِهِ الْعَقْدُ، وَلَوْ رَضِيَ بِالْتِزَامِهِ.
وَأَمَّا مَا لَا ضَرَرَ فِي قَبْضِهِ، فَإِذَا عَجَّلَهُ، لَزِمَ السَّيِّدَ أَخْذُهُ. وَذَكَرَ أَبُو بَكْرٍ، أَنَّهُ يَلْزَمُهُ قَبُولُهُ مِنْ غَيْرِ تَفْصِيلٍ، اعْتِمَادًا عَلَى إطْلَاقِ أَحْمَدَ الْقَوْلَ فِي ذَلِكَ، وَهُوَ ظَاهِرُ إطْلَاقِ الْخِرَقِيِّ؛ لِمَا رَوَى الْأَثْرَمُ، بِإِسْنَادِهِ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ حَزْمٍ، أَنَّ رَجُلًا أَتَى عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فَقَالَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، إنِّي كَاتَبْتُ عَلَى كَذَا وَكَذَا، وَإِنِّي أَيْسَرْتُ بِالْمَالِ، فَأَتَيْتُهُ بِهِ، فَزَعَمَ أَنَّهُ لَا يَأْخُذُهَا إلَّا نُجُومًا. فَقَالَ عُمَرُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: يَا يَرْفَأُ، خُذْ هَذَا الْمَالَ، فَاجْعَلْهُ فِي بَيْتِ الْمَالِ، وَأَدِّ إلَيْهِ نُجُومًا فِي كُلِّ عَامٍ، وَقَدْ عَتَقَ هَذَا. فَلَمَّا رَأَى ذَلِكَ سَيِّدُهُ، أَخَذَ الْمَالَ. وَعَنْ عُثْمَانَ بِنَحْوِ هَذَا.

اسم الکتاب : المغني المؤلف : ابن قدامة المقدسي    الجزء : 10  صفحة : 380
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست