responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : المغني المؤلف : ابن قدامة المقدسي    الجزء : 10  صفحة : 373
عَامٍ مِائَةً. جَازَ، وَيَكُونُ أَجَلُ كُلِّ مِائَةٍ عِنْدَ انْقِضَاءِ السَّنَةِ، وَظَاهِرُ قَوْلِ الْقَاضِي، وَأَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ، أَنَّهُ لَا يَصِحُّ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَتَبَيَّنْ وَقْتُ الْأَدَاءِ مِنْ الْعَامِ.
وَلَنَا، أَنَّ بَرِيرَةَ قَالَتْ: كَاتَبْت أَهْلِي عَلَى تِسْعِ أَوَاقٍ، فِي كُلِّ عَامٍ أُوقِيَّةٌ وَلِأَنَّ الْأَجَلَ إذَا عُلِّقَ بِمُدَّةٍ، تَعَلَّقَ بِأَحَدِ طَرَفَيْهَا؛ فَإِنْ كَانَ بِحَرْفِ " إلَى " تَعَلَّقَ بِأَوَّلِهَا، كَقَوْلِهِ: إلَى شَهْرِ رَمَضَانَ. وَإِنْ كَانَ بِحَرْفِ " فِي " كَانَ إلَى آخِرِهَا؛ لِأَنَّهُ جَعَلَ جَمِيعَهَا وَقْتًا لِأَدَائِهَا، فَإِذَا أَدَّى فِي آخِرِهَا، كَانَ مُؤَدِّيًا لَهَا فِي وَقْتِهَا، فَلَمْ يَتَعَيَّنْ عَلَيْهِ الْأَدَاءُ قَبْلَهُ، كَتَأْدِيَةِ الصَّلَاةِ فِي آخِرِ وَقْتِهَا. وَإِنْ قَالَ: يُؤَدِّيهَا فِي عَشْرِ سِنِينَ. أَوْ: إلَى عَشْرِ سِنِينَ. لَمْ يَجُزْ؛ لِأَنَّهُ نَجْمٌ وَاحِدٌ. وَمَنْ أَجَازَ الْكِتَابَةَ عَلَى نَجْمٍ وَاحِدٍ، أَجَازَهُ. وَإِنْ قَالَ: يُؤَدِّي بَعْضَهَا فِي نِصْفِ الْمُدَّةِ، وَبَاقِيَهَا فِي آخِرِهَا. لَمْ يَجُزْ؛ لِأَنَّ الْبَعْضَ مَجْهُولٌ، يَقَعُ عَلَى الْقَلِيلِ وَالْكَثِيرِ.

[فَصْلٌ كَاتَبَهُ عَلَى أَنْجُمٍ مُدَّةً مَعْلُومَةً]
(8700) الْفَصْلُ الثَّانِي: أَنَّهُ إذَا كَاتَبَهُ عَلَى أَنْجُمٍ مُدَّةً مَعْلُومَةً، صَحَّتْ الْكِتَابَةُ، وَعَتَقَ بِأَدَائِهَا، سَوَاءٌ نَوَى بِالْكِتَابَةِ الْحُرِّيَّةَ أَوْ لَمْ يَنْوِ، وَسَوَاءٌ قَالَ: فَإِذَا أَدَّيْتَ إلَيَّ، فَأَنْتَ حُرٌّ. أَوْ لَمْ يَقُلْ. وَبِهَذَا قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: لَا يَعْتِقُ حَتَّى يَقُولَ: إذَا أَدَّيْتَ إلَيَّ، فَأَنْتَ حُرٌّ. أَوْ يَنْوِيَ بِالْكِتَابَةِ الْحُرِّيَّةَ. وَيَحْتَمِلُ فِي مَذْهَبِنَا مِثْلُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ لَفْظَ الْكِتَابَةِ يَحْتَمِلُ الْمُخَارَجَةَ، وَيَحْتَمِلُ الْعِتْقَ بِالْأَدَاءِ، فَلَا بُدَّ مِنْ تَمْيِيزِ أَحَدِهِمَا عَنْ الْآخَرِ، كَكِنَايَاتِ الْعِتْقِ.
وَلَنَا، أَنَّ الْحُرِّيَّةَ مُوجَبُ عَقْدِ الْكِتَابَةِ، فَتَثْبُتُ عِنْدَ تَمَامِهِ، كَسَائِرِ أَحْكَامِهِ، وَلِأَنَّ الْكِتَابَةَ عَقْدٌ وُضِعَ لِلْعِتْقِ، فَلَمْ يَحْتَجْ إلَى لَفْظِ الْعِتْقِ وَلَا نِيَّتِهِ كَالتَّدْبِيرِ، وَمَا ذَكَرُوهُ مِنْ اسْتِعْمَالِ الْكِتَابَةِ فِي الْمُخَارَجَةِ إنْ ثَبَتَ، فَلَيْسَ بِمَشْهُورٍ، فَلَمْ يَمْنَعْ وُقُوعَ الْحُرِّيَّةِ بِهِ، كَسَائِرِ الْأَلْفَاظِ الصَّرِيحَةِ، عَلَى أَنَّ اللَّفْظَ الْمُحْتَمَلَ يَنْصَرِفُ بِالْقَرَائِنِ إلَى أَحَدِ مُحْتَمَلَيْهِ، كَلَفْظِ التَّدْبِيرِ فِي مَعَاشِهِ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ، وَهُوَ صَرِيحٌ فِي الْحُرِّيَّةِ، فَهَاهُنَا أَوْلَى.

[فَصْلٌ الْعِتْقِ قَبْلَ أَدَاءِ جَمِيعِ الْكِتَابَةِ]
(8701) الْفَصْلُ الثَّالِثُ: أَنَّهُ لَا يَعْتِقُ قَبْلَ أَدَاء جَمِيعِ الْكِتَابَةِ، قَالَ أَحْمَدُ، فِي عَبْدٍ بَيْنَ رَجُلَيْنِ، كَاتَبَاهُ عَلَى أَلْفٍ، فَأَدَّى تِسْعَمِائَةٍ، ثُمَّ أَعْتَقَ أَحَدُهُمَا نَصِيبَهُ. قَالَ: لَا يَعْتِقُ إلَّا نِصْفُ الْمِائَةِ. وَقَدْ رُوِيَ عَنْ عُمَرَ، وَابْنِهِ، وَزَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ، وَعَائِشَةَ، وَسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ وَالزُّهْرِيِّ، أَنَّهُمْ قَالُوا: الْمُكَاتَبُ عَبْدٌ مَا بَقِيَ عَلَيْهِ دِرْهَمٌ. رَوَاهُ عَنْهُمْ الْأَثْرَمُ. وَبِهِ قَالَ الْقَاسِمُ وَسَالِمٌ وَسُلَيْمَانُ بْنُ يَسَارٍ، وَعَطَاءٌ، وَقَتَادَةُ، وَالثَّوْرِيُّ، وَابْنُ شُبْرُمَةَ، وَمَالِكٌ، وَالْأَوْزَاعِيُّ، وَالشَّافِعِيُّ، وَإِسْحَاقُ وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ.
وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ. وَرَوَى سَعِيدٌ، بِإِسْنَادِهِ عَنْ أَبِي قِلَابَةَ، قَالَ: «كُنَّ أَزْوَاجُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَا يَحْتَجِبْنَ مِنْ مُكَاتَبٍ مَا بَقِيَ عَلَيْهِ دِينَارٌ» . وَبِإِسْنَادِهِ عَنْ عَطَاءٍ، أَنَّ ابْنَ عُمَرَ كَاتَبَ غُلَامًا عَلَى أَلْفِ دِينَارٍ، فَأَدَّى إلَيْهِ تِسْعَمِائَةِ دِينَارٍ، وَعَجَزَ عَنْ مِائَةِ دِينَارٍ، فَرَدَّهُ ابْنُ عُمَرَ فِي الرِّقِّ.،

اسم الکتاب : المغني المؤلف : ابن قدامة المقدسي    الجزء : 10  صفحة : 373
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست