responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : المغني المؤلف : ابن قدامة المقدسي    الجزء : 10  صفحة : 367
تَسْتَعِينُهُ فِي كِتَابَتِهَا، فَأَدَّى عَنْهَا كِتَابَتَهَا، وَتَزَوَّجَهَا.» وَاحْتَجَّ ابْنُ الْمُنْذِرِ، «بِأَنَّ بَرِيرَةَ كَاتَبَتْ وَلَا حِرْفَةَ لَهَا، وَلَمْ يُنْكِرْ ذَلِكَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -» . وَوَجْهُ الْأَوَّلِ مَا ذَكَرْنَا فِي عِتْقِهِ، وَيَنْبَغِي أَنْ يُنْظَرَ فِي الْمُكَاتَبِ، فَإِنْ كَانَ مِمَّنْ يَتَضَرَّرُ بِالْكِتَابَةِ وَيَضِيعُ، لِعَجْزِهِ عَنْ الْإِنْفَاقِ عَلَى نَفْسِهِ، وَلَا يَجِدُ مَنْ يُنْفِقُ عَلَيْهِ، كُرِهَتْ كِتَابَتُهُ، وَإِنْ كَانَ يَجِدُ مَنْ يَكْفِيهِ مُؤْنَتَهُ، لَمْ تُكْرَهْ كِتَابَتُهُ؛ لِحُصُولِ النَّفْعِ بِالْحُرِّيَّةِ مِنْ غَيْرِ ضَرَرٍ. فَأَمَّا جُوَيْرِيَةُ، فَإِنَّهَا كَانَتْ ذَاتَ أَهْلٍ، وَمَالٍ وَكَانَتْ ابْنَةَ سَيِّدِ قَوْمِهِ، فَإِذَا عَتَقَتْ، رَجَعَتْ إلَى أَهْلِهَا، فَأَخْلَفَ اللَّهُ لَهَا خَيْرًا مِنْ أَهْلِهَا، فَتَزَوَّجَهَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَصَارَتْ إحْدَى أُمَّهَاتِ الْمُؤْمِنِينَ، وَأَعْتَقَ النَّاسُ مَا كَانَ بِأَيْدِيهِمْ مِنْ قَوْمِهَا، حِينَ بَلَغَهُمْ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تَزَوَّجَهَا، وَقَالُوا: أَصْهَارُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. فَلَمْ يُرَ امْرَأَةٌ أَعْظَمُ بَرَكَةً عَلَى قَوْمِهَا مِنْهَا.
وَأَمَّا بَرِيرَةُ، فَإِنَّ كِتَابَتَهَا تَدُلُّ عَلَى إبَاحَةِ ذَلِكَ، وَأَنَّهُ لَيْسَ بِمُنْكَرٍ، وَلَا خِلَافَ فِيهِ، وَإِنَّمَا الْخِلَافُ فِي كَرَاهَتِهِ. قَالَ مَسْرُوقٌ: إذَا سَأَلَ الْعَبْدُ مَوْلَاهُ الْمُكَاتَبَةَ؛ فَإِنْ كَانَ لَهُ مَكْسَبَةٌ، أَوْ كَانَ لَهُ مَالٌ، فَلْيُكَاتِبْهُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ وَلَا مَكْسَبَةٌ، فَلْيُحْسِنْ مَلَكْتَهُ، وَلَا يُكَلِّفْهُ إلَّا طَاقَتَهُ.

[فَصْلٌ الْكِتَابَةُ مِمَّنْ يَصِحُّ تَصَرُّفُهُ]
(8693) فَصْلٌ: وَلَا تَصِحُّ الْكِتَابَةُ إلَّا مِمَّنْ يَصِحُّ تَصَرُّفُهُ فَأَمَّا الْمَجْنُونُ وَالطِّفْلُ، فَلَا تَصِحُّ مُكَاتَبَتُهُمَا لِرَقِيقِهِمَا، وَلَا مُكَاتَبَةُ سَيِّدِهِمَا لَهُمَا، وَأَمَّا الصَّبِيُّ الْمُمَيِّزُ؛ فَإِنْ كَاتَبَ عَبْدَهُ بِإِذْنِ وَلِيِّهِ، صَحَّ. وَيَحْتَمِلُ أَنْ لَا يَصِحَّ، بِنَاءً عَلَى قَوْلِنَا: إنَّهُ لَا يَصِحُّ بَيْعُهُ بِإِذْنِ وَلِيِّهِ، وَلِأَنَّ هَذَا عَقْدُ إعْتَاقٍ، فَلَمْ يَصِحَّ مِنْهُ كَالْعِتْقِ بِغَيْرِ مَالٍ، فَأَمَّا إنْ لَمْ يَأْذَنْ وَلِيُّهُ فِيهِ، فَلَا يَصِحُّ بِحَالٍ، وَإِنْ كَانَ الْمُمَيِّزُ سَيِّدَهُ، صَحَّ. وَبِهَذَا قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ.
وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: لَا يَصِحُّ فِيهِمَا جَمِيعًا بِحَالٍ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِمُكَلَّفٍ، فَأَشْبَهَ الْمَجْنُونَ.
وَلَنَا، أَنَّهُ يَصِحُّ تَصَرُّفُهُ وَبَيْعُهُ بِإِذْنِ وَلِيِّهِ، فَصَحَّتْ مِنْهُ الْكِتَابَةُ بِذَلِكَ، كَالْمُكَلَّفِ، وَدَلِيلُ صِحَّةِ تَصَرُّفِهِ قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى: {وَابْتَلُوا الْيَتَامَى حَتَّى إِذَا بَلَغُوا النِّكَاحَ} [النساء: 6] . وَالِابْتِلَاءُ الِاخْتِبَارُ لَهُ، بِتَفْوِيضِ التَّصَرُّفِ

اسم الکتاب : المغني المؤلف : ابن قدامة المقدسي    الجزء : 10  صفحة : 367
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست