responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : المغني المؤلف : ابن قدامة المقدسي    الجزء : 10  صفحة : 362
فَإِنْ قِيلَ: فَهَلَّا جَعَلْتُمْ قِيمَتَهُ قَائِمَةً مَقَامَهُ، كَالْعَبْدِ الْمَرْهُونِ وَالْمَوْقُوفِ إذَا جُنِيَ عَلَيْهِ. قُلْنَا: الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا مِنْ ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ؛ أَحَدُهَا، أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْ الْوَقْفِ وَالرَّهْنِ لَازِمٌ، فَتَعَلَّقَ الْحَقُّ بِبَدَلِهِ، وَالتَّدْبِيرُ غَيْرُ لَازِمٍ؛ لِأَنَّهُ يُمْكِنُ إبْطَالُهُ بِالْبَيْعِ وَغَيْرِهِ، فَلَمْ يَتَعَلَّقْ الْحَقُّ بِبَدَلِهِ. الثَّانِي، أَنَّ الْحَقَّ فِي التَّدْبِيرِ لِلْمُدَبَّرِ، فَبَطَلَ حَقُّهُ بِفَوَاتِ مُسْتَحِقِّهِ، وَالْبَدَلُ لَا يَقُومُ مَقَامَهُ فِي الِاسْتِحْقَاقِ، وَالْحَقُّ فِي الْوَقْفِ لِلْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ، وَفِي الرَّهْنِ لِلْمُرْتَهِنِ، وَهُوَ بَاقٍ، فَيَثْبُتُ حَقُّهُ فِي بَدَلِ مَحَلِّ حَقِّهِ.
الثَّالِثُ، أَنَّ الْمُدَبَّرَ إنَّمَا ثَبَتَ حَقُّهُ بِوُجُودِ مَوْتِ سَيِّدِهِ، فَإِذَا هَلَكَ قَبْلَ سَيِّدِهِ، فَقَدْ هَلَكَ قَبْلَ ثُبُوتِ الْحَقِّ لَهُ، فَلَمْ يَكُنْ لَهُ بَدَلٌ، بِخِلَافِ الرَّهْنِ وَالْوَقْفِ، فَإِنَّ الْحَقَّ ثَابِتٌ فِيهِمَا، فَقَامَ بَدَلُهُمَا مَقَامَهُمَا، وَبَيْنَ الرَّهْنِ وَالْمُدَبَّرِ فَرْقٌ رَابِعٌ، وَهُوَ أَنَّ الْوَاجِبَ الْقِيمَةُ، وَلَا يُمْكِنُ وُجُودُ التَّدْبِيرِ فِيهَا، وَلَا قِيَامُهَا مَقَامَ الْمُدَبَّرِ فِيهِ، وَإِنْ أَخَذَ عَبْدًا مَكَانَهُ، فَلَيْسَ هُوَ الْبَدَلَ، إنَّمَا هُوَ بَدَلُ الْقِيمَةِ، بِخِلَافِ الرَّهْنِ؛ فَإِنَّ الْقِيمَةَ يَجُوزُ أَنْ تَكُونَ رَهْنًا، فَإِنْ قِيلَ: فَهَذَا يَلْزَمُ عَلَيْهِ الْمَوْقُوفُ، فَإِنَّهُ إذَا قُتِلَ، أُخِذَتْ قِيمَتُهُ، فَاشْتُرِيَ بِهَا عَبْدٌ يَكُونُ وَقْفًا مَكَانَهُ. قُلْنَا: قَدْ حَصَلَ الْفَرْقُ بَيْنَ الْمُدَبَّرِ وَالرَّهْنِ مِنْ الْوُجُوهِ الثَّلَاثَةِ، وَكَوْنُهُ لَا يَحْصُلُ الْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْوَقْفِ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ، لَا يَمْنَعُ أَنْ يَحْصُلَ الْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الرَّهْنِ بِهِ.

[فَصْلٌ دَبَّرَ السَّيِّدُ عَبْدَهُ ثُمَّ كَاتَبَهُ]
(8691) فَصْلٌ: وَإِذَا دَبَّرَ السَّيِّدُ عَبْدَهُ، ثُمَّ كَاتَبَهُ، جَازَ. نَصَّ عَلَيْهِ أَحْمَدُ. وَهَذَا قَوْلُ ابْنِ مَسْعُودٍ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ، وَالْحَسَنِ. وَلَفْظُ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَالَ: دَبَّرَتْ امْرَأَةٌ مِنْ قُرَيْشٍ خَادِمًا لَهَا، ثُمَّ أَرَادَتْ أَنْ تُكَاتِبَهُ، قَالَ: فَكُنْت الرَّسُولَ إلَى أَبِي هُرَيْرَةَ، فَقَالَ: كَاتِبِيهِ، فَإِنْ أَدَّى كِتَابَتَهُ فَذَاكَ، وَإِنْ حَدَثَ بِك حَدَثٌ عَتَقَ. قَالَ: وَأَرَاهُ قَالَ: عَلَى مَا كَانَ عَلَيْهِ لَهُ. وَلِأَنَّ التَّدْبِيرَ إنْ كَانَ عِتْقًا بِصِفَةٍ، لَمْ يَمْنَعْ الْكِتَابَةَ، كَاَلَّذِي عَلَّقَ عِتْقَهُ بِدُخُولِ الدَّارِ، وَإِنْ كَانَ وَصِيَّةً، لَمْ يَمْنَعْهَا، كَمَا لَوْ وَصَّى بِعِتْقِهِ ثُمَّ كَاتَبَهُ، وَلِأَنَّ التَّدْبِيرَ وَالْكِتَابَةَ سَبَبَانِ لِلْعِتْقِ، فَلَمْ يَمْنَعْ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ، كَتَدْبِيرِ الْمُكَاتَبِ.
وَذَكَرَ الْقَاضِي أَنَّ التَّدْبِيرَ يَبْطُلُ بِالْكِتَابَةِ، إذَا قُلْنَا: هُوَ وَصِيَّةٌ. كَمَا لَوْ وَصَّى بِهِ لِرَجُلٍ ثُمَّ كَاتَبَهُ. وَهَذَا يُخَالِفُ ظَاهِرَ كَلَامِ أَحْمَدَ، وَهُوَ غَيْرُ صَحِيحٍ فِي نَفْسِهِ. وَيُفَارِقُ التَّدْبِيرُ الْوَصِيَّةَ بِهِ لِرَجُلٍ؛ لِأَنَّ مَقْصُودَ الْكِتَابَةِ وَالتَّدْبِيرِ لَا يَتَنَافَيَانِ إذْ كَانَ الْمَقْصُودُ مِنْهُمَا جَمِيعًا الْعِتْقَ، فَإِذَا اجْتَمَعَا، كَانَ آكَدَ لِحُصُولِهِ، فَإِنَّهُ إذَا فَاتَ عِتْقُهُ

اسم الکتاب : المغني المؤلف : ابن قدامة المقدسي    الجزء : 10  صفحة : 362
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست