responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : المغني المؤلف : ابن قدامة المقدسي    الجزء : 10  صفحة : 357
الْعَبْدُ جَمِيعَ التَّرِكَةِ، فَيَعْتِقُ ثُلُثُهُ، كَمَا لَوْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ سِوَاهُ، وَكُلَّمَا اُقْتُضِيَ مِنْ الدَّيْنِ شَيْءٌ، أَوْ حَضَرَ مِنْ الْغَائِبِ شَيْءٌ، عَتَقَ مِنْ الْمُدَبَّرِ قَدْرُ ثُلُثِهِ، فَإِذَا كَانَتْ قِيمَتُهُ مِائَةً، وَقَدِمَ مِنْ الْغَائِبِ مِائَةٌ، عَتَقَ ثُلُثُهُ الثَّانِي، فَإِذَا قَدِمَتْ مِائَةٌ أُخْرَى، عَتَقَ ثُلُثُهُ الْبَاقِي.
وَإِنْ بَقِيَ لَهُ دَيْنٌ بَعْدَ ذَلِكَ، أَوْ مَالٌ غَائِبٌ، لَمْ يُؤَثِّرْ بَقَاؤُهُ؛ لِأَنَّ الْحَاصِلَ مِنْ الْمَالِ يُخْرِجُ الْمُدَبَّرَ كُلَّهُ مِنْ ثُلُثِهِ. وَهَذَا أَحَدُ الْوَجْهَيْنِ لِأَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ، وَلَهُمْ وَجْهٌ آخَرُ، لَا يَعْتِقُ مِنْهُ شَيْءٌ، حَتَّى يُسْتَوْفَى مِنْ الدَّيْنِ شَيْءٌ، أَوْ يَقْدَمَ مِنْ الْغَائِبِ شَيْءٌ، فَيَعْتِقُ مِنْ الْعَبْدِ قَدْرُ نِصْفِهِ؛ لِأَنَّ الْوَرَثَةَ لَمْ يَحْصُلْ لَهُمْ شَيْءٌ، وَالْعَبْدُ شَرِيكُهُمْ، فَلَا يَجُوزُ أَنْ يَحْصُلَ عَلَى شَيْءٍ، مَا لَمْ يَحْصُلْ لَهُمْ مِثْلَاهُ. فَإِنْ تَلِفَ الْغَائِبُ، وَيَئِسَ مِنْ اسْتِيفَاءِ الدَّيْنِ، عَتَقَ ثُلُثُهُ حِينَئِذٍ، وَمَلَكُوا ثُلُثَيْهِ؛ لِأَنَّ الْعَبْدَ صَارَ جَمِيعَ التَّرِكَةِ. وَهَذَا لَا يَصِحُّ؛ لِأَنَّ ثُلُثَ الْعَبْدِ خَارِجٌ مِنْ الثُّلُثِ يَقِينًا، وَإِنَّمَا الشَّكُّ فِي الزِّيَادَةِ عَلَيْهِ، وَمَا خَرَجَ مِنْ الثُّلُثِ يَقِينًا، يَجِبُ أَنْ يَكُونَ حُرًّا يَقِينًا، لِأَنَّ التَّدْبِيرَ صَحِيحٌ، وَلَا خِلَافَ فِي أَنَّهُ يَنْفُذُ فِي الثُّلُثِ. وَوَقْفُ هَذَا الثُّلُثِ عَنْ الْعِتْقِ - مَعَ يَقِينِ حُصُولِ الْعِتْقِ فِيهِ، وَوُجُودِ الْمُقْتَضِي لَهُ، وَعَدَمِ الْفَائِدَةِ فِي وَقْفِهِ - لَا مَعْنَى لَهُ.
وَكَوْنُ الْوَرَثَةِ لَمْ يَحْصُلْ لَهُمْ شَيْءٌ، لِمَعْنَى اخْتَصَّ بِهِمْ، لَا يُوجِبُ أَنْ لَا يَحْصُلَ لَهُ شَيْءٌ مَعَ عَدَمِ ذَلِكَ الْمَعْنَى فِيهِ، أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ أَبْرَأَهُ غَرِيمُهُ مِنْ دَيْنِهِ، وَهُوَ جَمِيعُ التَّرِكَةِ، فَإِنَّهُ يَبْرَأُ مِنْ ثُلُثِهِ وَلَمْ يَحْصُلْ لِلْوَرَثَةِ شَيْءٌ؟
وَلَوْ كَانَ الدَّيْنُ مُؤَجَّلًا، فَأَبْرَأَهُ مِنْهُ، بَرِئَ مِنْ ثُلُثِهِ فِي الْحَالِ، وَتَأَخَّرَ اسْتِيفَاءُ الثُّلُثَيْنِ إلَى الْأَجَلِ. وَلَوْ كَانَ الْغَرِيمُ مُعْسِرًا، بَرِئَ مِنْ ثُلُثِهِ فِي الْحَالِ، وَتَأَخَّرَ الْبَاقِي إلَى الْمَيْسَرَةِ. وَلِأَنَّ تَأْخِيرَ عِتْقِ الثُّلُثِ لَا فَائِدَةَ لِلْوَرَثَةِ فِيهِ، وَيُفَوِّتُ نَفْعَهُ لِلْمُدَبَّرِ، فَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَثْبُتَ. فَإِذَا ثَبَتَ هَذَا، فَإِنَّ الْعَبْدَ إذَا عَتَقَ كُلُّهُ، بِقُدُومِ الْغَائِبِ، أَوْ اسْتِيفَاءِ الدَّيْنِ، تَبَيَّنَّا أَنَّهُ كَانَ حُرًّا حِينَ الْمَوْتِ، فَيَكُونُ كَسْبُهُ لَهُ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا عَتَقَ بِالتَّدْبِيرِ، وَوُجُودِ الشَّرْطِ الَّذِي عَلَّقَ عَلَيْهِ السَّيِّدُ حُرِّيَّتَهُ، وَهُوَ الْمَوْتُ، وَإِنَّمَا وَقَفْنَاهُ لِلشَّكِّ فِي خُرُوجِهِ مِنْ الثُّلُثِ، فَإِذَا زَالَ الشَّكُّ، تَبَيَّنَّا أَنَّهُ كَانَ حَاصِلًا قَبْلَ زَوَالِ الشَّكِّ. وَإِنْ تَلِفَ الْمَالُ، تَبَيَّنَّا أَنَّهُ كَانَ ثُلُثَاهُ رَقِيقًا، وَلَمْ يَعْتِقْ مِنْهُ سِوَى ثُلُثِهِ. وَإِنْ تَلِفَ بَعْضُ الْمَالِ، رَقَّ مِنْ الْمُدَبَّرِ مَا زَادَ عَلَى قَدْرِ ثُلُثِ الْحَاصِلِ مِنْ الْمَالِ.

[فَصْلٌ كَانَ الْمُدَبَّرُ عَبْدَيْنِ وَلَهُ دَيْنٌ]
(8681) فَصْلٌ: وَإِنْ كَانَ الْمُدَبَّرُ عَبْدَيْنِ، وَلَهُ دَيْنٌ، يَخْرُجَانِ مِنْ ثُلُثِ الْمَالِ، عَلَى تَقْدِيرِ حُصُولِهِ، أَقْرَعْنَا بَيْنَهُمَا، فَيَعْتِقُ مِمَّنْ تَخْرُجُ لَهُ الْقُرْعَةُ قَدْرُ ثُلُثِهِمَا، وَكَانَ بَاقِيهِ وَالْعَبْدُ الْآخَرُ مَوْقُوفًا. فَإِذَا اُسْتُوْفِيَ مِنْ الدَّيْنِ شَيْءٌ كَمُلَ مِنْ عِتْقِ مَنْ وَقَعَتْ لَهُ الْقُرْعَةُ قَدْرُ ثُلُثِهِ، وَمَا فَضَلَ عَتَقَ مِنْ الْآخَرَ، كَذَلِكَ حَتَّى يَعْتِقَا جَمِيعًا، أَوْ مِقْدَارُ الثُّلُثِ مِنْهُمَا. وَإِنْ

اسم الکتاب : المغني المؤلف : ابن قدامة المقدسي    الجزء : 10  صفحة : 357
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست