responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : المغني المؤلف : ابن قدامة المقدسي    الجزء : 10  صفحة : 353
عُلِّقَ عِتْقُهَا بِدُخُولِ الدَّارِ. قَالَ جَابِرُ بْنُ زَيْدٍ: إنَّمَا هُوَ بِمَنْزِلَةِ الْحَائِطِ تَصَدَّقْت بِهِ إذَا مِتُّ، فَإِنَّ ثَمَرَتَهُ لَك مَا عِشْت. وَلِأَنَّ التَّدْبِيرَ وَصِيَّةٌ، وَوَلَدُ الْمُوصَى بِهَا قَبْلَ الْمَوْتِ لِسَيِّدِهَا.
وَلَنَا، مَا رُوِيَ عَنْ عُمَرَ، وَابْنِ عُمَرَ، وَجَابِرٍ، أَنَّهُمْ قَالُوا: وَلَدُ الْمُدَبَّرَةِ بِمَنْزِلَتِهَا. وَلَمْ نَعْرِفْ لَهُمْ فِي الصَّحَابَةِ مُخَالِفًا، فَكَانَ إجْمَاعًا، وَلِأَنَّ الْأُمَّ اسْتَحَقَّتْ الْحُرِّيَّةَ بِمَوْتِ سَيِّدِهَا، فَيَتْبَعُهَا وَلَدُهَا، كَأُمِّ الْوَلَدِ، وَيُفَارِقُ التَّعْلِيقَ بِصِفَةٍ فِي الْحَيَاةِ، وَالْوَصِيَّةَ، مِنْ جِهَةِ أَنَّ التَّدْبِيرَ آكَدُ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا؛ لِأَنَّهُ اجْتَمَعَ فِيهِ الْأَمْرَانِ، وَمَا وُجِدَ فِيهِ سَبَبَانِ آكَدُ مِمَّا وُجِدَ فِيهِ أَحَدُهُمَا، وَكَذَلِكَ لَا تَبْطُلُ بِالْمَوْتِ، وَلَا بِالرُّجُوعِ عَنْهُ. فَعَلَى هَذَا، إنْ بَطَلَ التَّدْبِيرُ فِي الْأُمِّ لِمَعْنًى اخْتَصَّ بِهَا؛ مِنْ بَيْعٍ، أَوْ مَوْتٍ، أَوْ رُجُوعٍ، لَمْ يَبْطُلْ فِي وَلَدِهَا، وَيَعْتِقُ بِمَوْتِ سَيِّدِهَا، كَمَا لَوْ كَانَتْ أُمُّهُ بَاقِيَةً عَلَى التَّدْبِيرِ، فَإِنْ لَمْ يَتَّسِعْ الثُّلُثُ لَهُمَا جَمِيعًا، أَقْرَعَ بَيْنَهُمَا، فَأَيُّهُمَا وَقَعَتْ الْقُرْعَةُ عَلَيْهِ، عَتَقَ إنْ احْتَمَلَهُ الثُّلُثُ، وَإِلَّا عَتَقَ مِنْهُ بِقَدْرِ الثُّلُثِ.
وَإِنْ فَضَلَ مِنْ الثُّلُثِ بَعْدَ عِتْقِهِ شَيْءٌ، كُمِّلَ مِنْ الْآخَرِ، كَمَا لَوْ دَبَّرَ عَبْدًا وَأَمَةً مَعًا. وَأَمَّا الْوَلَدُ الَّذِي وُجِدَ قَبْلَ التَّدْبِيرِ، فَلَا نَعْلَمُ خِلَافًا فِي أَنَّهُ لَا يَتْبَعُهَا؛ لِأَنَّهُ لَا يَتْبَعُ فِي الْعِتْقِ الْمُنَجَّزِ، وَلَا فِي حُكْمِ الِاسْتِيلَادِ، وَلَا فِي الْكِتَابَةِ، فَلَأَنْ لَا يَتْبَعَ فِي التَّدْبِيرِ أَوْلَى. قَالَ الْمَيْمُونِيُّ: قُلْت لِأَحْمَدَ: مَا كَانَ مِنْ وَلَدِ الْمُدَبَّرَةِ قَبْلَ أَنْ تُدَبَّرَ، يَتْبَعُهَا. قَالَ: لَا يَتْبَعُهَا مِنْ وَلَدِهَا مَا كَانَ قَبْلَ ذَلِكَ، إنَّمَا يَتْبَعُهَا مَا كَانَ بَعْدَمَا دُبِّرَتْ.
وَقَالَ حَنْبَلٌ: سَمِعْت عَمِّي يَقُولُ فِي الرَّجُلِ يُدَبِّرُ الْجَارِيَةَ وَلَهَا وَلَدٌ، قَالَ: وَلَدُهَا مَعَهَا، وَجَعَلَ أَبُو الْخَطَّابِ هَذِهِ رِوَايَةً، فِي أَنَّ وَلَدَهَا قَبْلَ التَّدْبِيرِ يَتْبَعُهَا. وَهَذَا بَعِيدٌ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ أَحْمَدَ لَمْ يُرِدْ أَنَّ وَلَدَهَا قَبْلَ التَّدْبِيرِ مَعَهَا، وَإِنَّمَا أَرَادَ وَلَدَهَا بَعْدَ التَّدْبِيرِ، عَلَى مَا صَرَّحَ بِهِ فِي غَيْرِ هَذِهِ الرِّوَايَةِ؛ فَإِنَّ وَلَدَهَا الْمَوْجُودَ لَا يَتْبَعُهَا فِي عِتْقٍ، وَلَا كِتَابَةٍ، وَلَا اسْتِيلَادٍ، وَلَا بَيْعٍ، وَلَا هِبَةٍ، وَلَا رَهْنٍ، وَلَا شَيْءٍ مِنْ الْأَسْبَابِ النَّاقِلَةِ لِلْمِلْكِ فِي الرَّقَبَةِ.

[فَصْلٌ عَلَّقَ عِتْقَ أَمَتِهِ بِصِفَةٍ]
(8672) فَصْلٌ: فَإِنْ عَلَّقَ عِتْقَ أَمَتِهِ بِصِفَةٍ، نَظَرْنَا؛ فَإِنْ كَانَتْ حَامِلًا حِينَ التَّعْلِيقِ، تَبِعَهَا فِيهِ؛ لِأَنَّهُ كَعُضْوٍ مِنْ أَعْضَائِهَا، وَإِنْ كَانَتْ حَامِلًا حِين وُجُودِ الصِّفَةِ، عَتَقَ مَعَهَا لِذَلِكَ. وَإِنْ حَمَلَتْ بَعْدَ التَّعْلِيقِ، وَوَلَدَتْ قَبْلَ وُجُودِ الصِّفَةِ، لَمْ يَتْبَعْهَا فِي الصِّفَةِ، وَلَمْ يَعْتِقْ بِوُجُودِهَا. وَفِيهِ وَجْهٌ آخَرُ، أَنَّهُ يَعْتِقُ بِهَا، وَيَتْبَعُ أُمَّهُ فِي ذَلِكَ. وَلِأَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ وَجْهَانِ، كَهَذَيْنِ. وَوَجْهُ إتْبَاعِهِ إيَّاهَا، أَنَّهَا اسْتَحَقَّتْ الْحُرِّيَّةَ، فَتَبِعَهَا وَلَدُهَا، كَالْمُدَبَّرَةِ.
وَلَنَا، أَنَّهُ يَمْلِكُهَا مِلْكًا كَامِلًا، وَيُبَاحُ لَهُ التَّصَرُّفُ فِي رَقَبَتِهَا بِأَنْوَاعِ التَّصَرُّفَاتِ، بِغَيْرِ خِلَافٍ، فَلَمْ يَعْتِقْ

اسم الکتاب : المغني المؤلف : ابن قدامة المقدسي    الجزء : 10  صفحة : 353
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست