responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : المغني المؤلف : ابن قدامة المقدسي    الجزء : 10  صفحة : 352
فَإِنَّ عِصْمَةَ وَلَائِهِ ثَابِتَةٌ بِعِصْمَةِ مَنْ لَهُ وَلَاؤُهُ، وَهُوَ وَالْمُسْلِمُ فِي ذَلِكَ سَوَاءٌ، فَإِذَا جَازَ إبْطَالُ وَلَاءِ أَحَدِهِمَا، جَازَ فِي الْآخَرِ مِثْلُهُ.

[فَصْلٌ ارْتَدَّ سَيِّدُ الْمُدَبَّرِ]
(8670) فَصْلٌ: فَإِنْ ارْتَدَّ سَيِّدُ الْمُدَبَّرِ، فَذَكَرَ الْقَاضِي، أَنَّ الْمَذْهَبَ أَنَّهُ يَكُونُ مَوْقُوفًا، فَإِنْ عَادَ إلَى الْإِسْلَامِ، فَالتَّدْبِيرُ بَاقٍ بِحَالِهِ؛ لِأَنَّا تَبَيَّنَّا أَنَّ مِلْكَهُ لَمْ يَزُلْ، وَإِنْ قُتِلَ أَوْ مَاتَ عَلَى رِدَّتِهِ، لَمْ يَعْتِقْ الْمُدَبَّرُ؛ لِأَنَّا تَبَيَّنَّا أَنَّ مِلْكَهُ زَالَ بِرِدَّتِهِ. وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: قِيَاسُ قَوْلِ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ، إنَّ تَدْبِيرَهُ يَبْطُلُ بِالرِّدَّةِ، فَإِنْ عَادَ إلَى الْإِسْلَامِ، اسْتَأْنَفَ التَّدْبِيرَ. وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: التَّدْبِيرُ بَاقٍ وَيَعْتِقُ بِمَوْتِ سَيِّدِهِ؛ لِأَنَّ تَدْبِيرَهُ سَبَقَ رِدَّتَهُ، فَهُوَ كَبَيْعِهِ وَهِبَتِهِ قَبْلَ ارْتِدَادِهِ. وَهَذَا يَنْبَنِي عَلَى الْقَوْلِ فِي مَالِ الْمُرْتَدِّ، هَلْ هُوَ بَاقٍ عَلَى مِلْكِهِ، أَوْ قَدْ زَالَ بِرِدَّتِهِ. وَقَدْ ذُكِرَ فِي بَابِ الْمُرْتَدِّ.
فَأَمَّا إنْ دَبَّرَ فِي حَالِ رِدَّتِهِ، فَتَدْبِيرُهُ مُرَاعًى، فَإِنْ عَادَ إلَى الْإِسْلَامِ، تَبَيَّنَّا أَنَّ تَدْبِيرَهُ وَقَعَ صَحِيحًا، وَإِنْ قُتِلَ أَوْ مَاتَ عَلَى رِدَّتِهِ، تَبَيَّنَّا أَنَّهُ وَقَعَ بَاطِلًا، وَلَمْ يَعْتِقْ الْمُدَبَّرُ. وَقَالَ ابْنُ أَبِي مُوسَى: تَدْبِيرُهُ بَاطِلٌ. وَهَذَا قَوْلُ أَبِي بَكْرٍ لِأَنَّ الْمِلْكَ عِنْدَهُ يَزُولُ بِالرِّدَّةِ، وَإِذَا أَسْلَمَ رُدَّ إلَيْهِ تَمَلُّكًا مُسْتَأْنَفًا.

[مَسْأَلَةٌ مَا وَلَدَتْ الْمُدَبَّرَةُ بَعْدَ تَدْبِيرِهَا]
(8671) مَسْأَلَةٌ: قَالَ: (وَمَا وَلَدَتْ الْمُدَبَّرَةُ بَعْدَ تَدْبِيرِهَا، فَوَلَدُهَا بِمَنْزِلَتِهَا) وَجُمْلَتُهُ أَنَّ الْوَلَدَ الْحَادِثَ مِنْ الْمُدَبَّرَةِ بَعْدَ تَدْبِيرِهَا، لَا يَخْلُو مِنْ حَالَيْنِ؛ أَحَدُهُمَا، أَنْ يَكُونَ مَوْجُودًا حَالَ تَدْبِيرِهَا، وَيُعْلَمُ ذَلِكَ بِأَنْ تَأْتِيَ بِهِ لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ حِينِ التَّدْبِيرِ، فَهَذَا يَدْخُلُ مَعَهَا فِي التَّدْبِيرِ. بِلَا خِلَافٍ نَعْلَمُهُ؛ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ عُضْوٍ مِنْ أَعْضَائِهَا. فَإِنْ بَطَلَ التَّدْبِيرُ فِي الْأُمِّ؛ لِبَيْعٍ أَوْ مَوْتٍ، أَوْ رُجُوعٍ بِالْقَوْلِ، لَمْ يَبْطُلْ فِي الْوَلَدِ؛ لِأَنَّهُ ثَبَتَ فِيهِ أَصْلًا. الْحَالُ الثَّانِي، أَنْ تَحْمِلَ بِهِ بَعْدَ التَّدْبِيرِ، فَهَذَا يَتْبَعُ أُمَّهُ فِي التَّدْبِيرِ، وَيَكُونُ حُكْمُهُ كَحُكْمِهَا فِي الْعِتْقِ بِمَوْتِ سَيِّدِهَا. فِي قَوْلِ أَكْثَرِ أَهْلِ الْعِلْمِ، رُوِيَ ذَلِكَ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ، وَابْنِ عُمَرَ. وَبِهِ قَالَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ، وَالْحَسَنُ، وَالْقَاسِمُ، وَمُجَاهِدٌ، وَالشَّعْبِيُّ، وَالنَّخَعِيُّ، وَعُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، وَالزُّهْرِيُّ، وَمَالِكٌ، وَالثَّوْرِيُّ، وَالْحَسَنُ بْنُ صَالِحٍ، وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ.
وَذَكَرَ الْقَاضِي، أَنَّ حَنْبَلًا نَقَلَ عَنْ أَحْمَدَ، أَنَّ وَلَدَ الْمُدَبَّرَةِ عَبْدٌ، إذَا لَمْ يَشْرِطْ الْمَوْلَى. قَالَ: فَظَاهِرُ هَذَا أَنَّهُ لَا يَتْبَعُهَا، وَلَا يَعْتِقُ بِمَوْتِ سَيِّدِهَا. وَهَذَا قَوْلُ جَابِرِ بْنِ زَيْدٍ، وَعَطَاءٍ. وَلِلشَّافِعِيِّ قَوْلَانِ، كَالْمَذْهَبَيْنِ؛ أَحَدُهُمَا، يَتْبَعُهَا. وَهُوَ اخْتِيَارُ الْمُزَنِيّ؛ لِأَنَّ عِتْقَهَا مُعَلَّقٌ بِصِفَةٍ، تَثْبُتُ بِقَوْلِ الْمُعْتِقِ وَحْدَهُ، فَأَشْبَهَتْ مَنْ

اسم الکتاب : المغني المؤلف : ابن قدامة المقدسي    الجزء : 10  صفحة : 352
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست