responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : المغني المؤلف : ابن قدامة المقدسي    الجزء : 10  صفحة : 350
هَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ التَّدْبِيرَ تَعْلِيقٌ بِصِفَةٍ. وَفِيهِ رِوَايَةٌ أُخْرَى، أَنَّهُ وَصِيَّةٌ، فَتَبْطُلُ بِالْبَيْعِ، وَلَا تَعُودُ؛ لِأَنَّهُ لَوْ وَصَّى بِشَيْءٍ ثُمَّ بَاعَهُ، بَطَلَتْ الْوَصِيَّةُ، وَلَمْ تَعُدْ بِشِرَائِهِ. وَمَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ مِثْلُ هَذَا، إلَّا أَنَّ عَوْدَ الصِّفَةِ بَعْدَ الشِّرَاءِ لَهُ فِيهِ قَوْلَانِ. وَالصَّحِيحُ مَا قَالَ الْخِرَقِيِّ؛ لِأَنَّ التَّدْبِيرَ وُجِدَ فِيهِ التَّعْلِيقُ بِصِفَةٍ، فَلَا يَزُولُ حُكْمُ التَّعْلِيقِ بِوُجُودِ مَعْنَى الْوَصِيَّةِ فِيهِ، بَلْ هُوَ جَامِعٌ لِلْأَمْرَيْنِ، وَغَيْرُ مُمْتَنِعٍ وُجُودُ الْحُكْمِ بِسَبَبَيْنِ، فَيَثْبُتُ حُكْمُهَا فِيهِ.

[مَسْأَلَةٌ دَبَّرَهُ ثُمَّ قَالَ قَدْ رَجَعْت فِي تَدْبِيرِي]
مَسْأَلَةٌ: قَالَ: (وَلَوْ دَبَّرَهُ، ثُمَّ قَالَ: قَدْ رَجَعْت فِي تَدْبِيرِي، أَوْ قَدْ أَبْطَلْتُهُ. لَمْ يَبْطُلْ؛ لِأَنَّهُ عَلَّقَ الْعِتْقَ بِصِفَةٍ. فِي إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ. وَالْأُخْرَى، يَبْطُلُ التَّدْبِيرُ) اخْتَلَفْت الرِّوَايَةُ عَنْ أَحْمَدَ، - رَحِمَهُ اللَّهُ -، فِي بُطْلَانِ التَّدْبِيرِ بِالرُّجُوعِ فِيهِ قَوْلًا، فَالصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا يَبْطُلُ؛ لِأَنَّهُ عَلَّقَ الْعِتْقَ بِصِفَةٍ، فَلَا يَبْطُلُ، كَمَا لَوْ قَالَ لِعَبْدِهِ: إنْ دَخَلْت الدَّارَ، فَأَنْتَ حُرٌّ، وَالثَّانِيَةُ، يَبْطُلُ؛ لِأَنَّهُ جَعَلَ لَهُ نَفْسَهُ بَعْدَ مَوْتِهِ، فَكَانَ ذَلِكَ وَصِيَّةً، فَجَازَ الرُّجُوعُ فِيهِ بِالْقَوْلِ، كَمَا لَوْ وَصَّى لَهُ بِعَبْدٍ آخَرَ. وَهَذَا قَوْلُ الشَّافِعِيِّ الْقَدِيمُ. وَقَوْلُهُ الْجَدِيدُ كَالرِّوَايَةِ الْأُولَى. وَهُوَ الصَّحِيحُ؛ لِأَنَّهُ تَعْلِيقٌ لِلْعِتْقِ بِصِفَةٍ. وَلَا يَصِحُّ الْقَوْلُ بِأَنَّهُ وَصِيَّةٌ بِهِ لِنَفْسِهِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَمْلِكُ نَفْسَهُ، وَإِنَّمَا تَحْصُلُ فِيهِ الْحُرِّيَّةُ، وَيَسْقُطُ عَنْهُ الرِّقُّ، وَلِهَذَا لَا تَقِفُ الْحُرِّيَّةُ عَلَى قَبُولِهِ وَلَا اخْتِيَارِهِ، وَتَتَنَجَّزُ عَقِيبَ الْمَوْتِ، كَتَنَجُّزِهَا عَقِيبَ سَائِرِ الشُّرُوطِ، وَلِأَنَّهُ غَيْرُ مُمْتَنِعٍ أَنْ يَجْمَعَ الْأَمْرَيْنِ، فَثَبَتَ فِيهِ حُكْمُ التَّعْلِيقِ فِي امْتِنَاعِ الرُّجُوعِ، وَيَجْتَمِعَانِ فِي حُصُولِ الْعِتْقِ بِالْمَوْتِ.

[فَصْلٌ قَالَ السَّيِّدُ لِمُدَبَّرِهِ إذَا أَدَّيْت إلَى وَرَثَتِي كَذَا فَأَنْتَ حُرٌّ]
(8667) فَصْلٌ: إذَا قَالَ السَّيِّدُ لِمُدَبَّرِهِ: إذَا أَدَّيْت إلَى وَرَثَتِي كَذَا، فَأَنْتَ حُرٌّ. فَهُوَ رُجُوعٌ عَنْ التَّدْبِيرِ وَيَنْبَنِي عَلَى الرِّوَايَتَيْنِ، إنْ قُلْنَا: لَهُ الرُّجُوعُ بِالْقَوْلِ، فَظَاهِرُهُ أَنَّهُ بَطَلَ التَّدْبِيرُ هَاهُنَا. وَإِنْ قُلْنَا: لَيْسَ لَهُ الرُّجُوعُ. لَمْ يُؤَثِّرْ الْقَوْلُ شَيْئًا.

وَإِنْ دَبَّرَهُ كُلَّهُ، ثُمَّ رَجَعَ فِي نِصْفِهِ، صَحَّ، إذَا قُلْنَا: لَهُ الرُّجُوعُ فِي جَمِيعِهِ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا صَحَّ أَنْ يُدَبِّرَ نِصْفَهُ ابْتِدَاءً، صَحَّ أَنْ يَرْجِعَ فِي تَدْبِيرِ نِصْفِهِ، وَإِنْ غَيَّرَ التَّدْبِيرَ. فَكَانَ مُطْلَقًا، فَجَعَلَهُ مُقَيَّدًا، صَارَ مُقَيَّدًا، إنْ قُلْنَا بِصِحَّةِ الرُّجُوعِ فِي التَّدْبِيرِ، وَإِلَّا فَلَا، وَإِنْ كَانَ مُقَيَّدًا، فَأَطْلَقَهُ، صَحَّ، عَلَى كُلِّ حَالٍ؛ لِأَنَّهُ زِيَادَةٌ، فَلَا يُمْنَعُ مِنْهَا.

وَإِذَا دُبِّرَ الْأَخْرَسُ، وَكَانَتْ إشَارَتُهُ أَوْ كِتَابَتُهُ مَعْلُومَةً، صَحَّ تَدْبِيرُهُ. وَيَصِحُّ رُجُوعُهُ، إنْ قُلْنَا بِصِحَّةِ الرُّجُوعِ فِي التَّدْبِيرِ؛ لِأَنَّ إشَارَتَهُ وَكِتَابَتَهُ تَقُومُ مَقَامَ نُطْقِ النَّاطِقِ فِي أَحْكَامِهِ. وَإِنْ دُبِّرَ، وَهُوَ نَاطِقٌ، ثُمَّ صَارَ أَخْرَسَ، صَحَّ رُجُوعُهُ بِإِشَارَتِهِ الْمَعْلُومَةِ أَوْ كِتَابَتِهِ. وَإِنْ لَمْ تُفْهَمْ إشَارَتُهُ، فَلَا عِبْرَةَ بِهَا؛ لِأَنَّهُ لَا يُعْلَمُ رُجُوعُهُ.

[فَصْلٌ رَهْنُ الْمُدَبَّرِ]
(8668) فَصْلٌ: وَإِذَا رُهِنَ الْمُدَبَّرُ، لَمْ يَبْطُلْ تَدْبِيرُهُ؛ لِأَنَّهُ تَعْلِيقٌ لِلْعِتْقِ بِصِفَةٍ، فَإِنْ مَاتَ السَّيِّدُ، وَهُوَ رَهْنٌ، عَتَقَ، وَأُخِذَ مِنْ

اسم الکتاب : المغني المؤلف : ابن قدامة المقدسي    الجزء : 10  صفحة : 350
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست