responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : المغني المؤلف : ابن قدامة المقدسي    الجزء : 10  صفحة : 329
إنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَضَى أَنَّ الدَّيْنَ قَبْلَ الْوَصِيَّةِ» وَلِأَنَّ الدَّيْنَ مُقَدَّمٌ عَلَى الْمِيرَاثِ بِالِاتِّفَاقِ، وَلِهَذَا تُبَاعُ التَّرِكَةُ فِي قَضَاءِ الدَّيْنِ، وَقَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ} [النساء: 11] وَالْمِيرَاثُ مُقَدَّمٌ عَلَى الْوَصِيَّةِ فِي الثُّلُثَيْنِ، فَمَا تَقَدَّمَ عَلَى الْمِيرَاثِ، يَجِبُ أَنْ يُقَدَّمَ عَلَى الْوَصِيَّةِ. وَبِهَذَا قَالَ الشَّافِعِيُّ وَرَدَّ ابْنُ أَبِي لَيْلَى عَبْدًا أَعْتَقَهُ سَيِّدُهُ عِنْدَ الْمَوْتِ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ.
قَالَ أَحْمَدُ: أَحْسَنِ ابْنُ أَبِي لَيْلَى وَذَكَرَ أَبُو الْخَطَّابِ عَنْ أَحْمَدَ رِوَايَةً فِي الَّذِي يُعْتِقُ عَبْدَهُ فِي مَرَضِهِ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ أَنَّهُ يَعْتِقُ مِنْهُ بِقَدْرِ الثُّلُثِ، وَيُرَدُّ الْبَاقِي. وَقَالَ قَتَادَةُ، وَأَبُو حَنِيفَةَ وَإِسْحَاقُ: يَسْعَى الْعَبْدُ فِي قِيمَتِهِ. وَلَنَا أَنَّهُ تَبَرَّعَ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ بِمَا يُعْتَبَرُ خُرُوجُهُ مِنْ الثُّلُثِ، فَقُدِّمَ عَلَيْهِ الدَّيْنُ كَالْهِبَةِ، وَلِأَنَّهُ يُعْتَبَرُ مِنْ الثُّلُثِ، فَقُدِّمَ عَلَيْهِ الدَّيْنُ، كَالْوَصِيَّةِ، وَخَفَاءُ الدَّيْنِ لَا يَمْنَعُ ثُبُوتَ حُكْمِهِ، وَلِهَذَا يَمْلِكُ الْغَرِيمُ اسْتِيفَاءَهُ. فَعَلَى هَذَا تَبَيَّنَ أَنَّهُ أَعْتَقَهُمْ وَقَدْ اسْتَحَقَّهُمْ الْغَرِيمُ بِدَيْنِهِ، فَلَمْ يَنْفُذْ عِتْقُهُ، كَمَا لَوْ أَعْتَقَ مِلْكَ غَيْرِهِ. فَإِنْ قَالَ الْوَرَثَةُ: نَحْنُ نَقْضِي الدَّيْنَ، وَنُمْضِي الْعِتْقَ. فَفِيهِ وَجْهَانِ؛ أَحَدُهُمَا، لَا يَنْفُذُ حَتَّى يَبْتَدِئُوا الْعِتْقَ؛ لِأَنَّ الدَّيْنَ كَانَ مَانِعًا مِنْهُ فَيَكُونُ بَاطِلًا، وَلَا يَصِحُّ بِزَوَالِ الْمَانِعِ بَعْدَهُ.
وَالثَّانِي، يَنْفُذُ الْعِتْقُ؛ لِأَنَّ الْمَانِعَ مِنْهُ إنَّمَا هُوَ الدَّيْنُ، فَإِذَا سَقَطَ وَجَبَ نُفُوذُهُ، كَمَا لَوْ أَسْقَطَ الْوَرَثَةُ حُقُوقَهُمْ مِنْ ثُلُثَيْ التَّرِكَةِ، نَفَذَ الْعِتْقُ فِي الْجَمِيعِ. وَلِأَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ وَجْهَانِ كَهَذَيْنِ. وَقَالُوا: إنَّ أَصْلَ الْوَجْهَيْنِ، إذَا تَصَرَّفَ الْوَرَثَةُ فِي التَّرِكَةِ بِبَيْعٍ أَوْ غَيْرِهِ، وَعَلَى الْمَيِّتِ دَيْنٌ، وَقُضِيَ الدَّيْنُ، هَلْ يَنْفُذُ؟ فِيهِ وَجْهَانِ.

[فَصْل أَعْتَقَ الْمَرِيضُ ثَلَاثَةَ أَعْبُدْ لَا مَالَ لَهُ غَيْرُهُمْ فَأَقْرَعَ الْوَرَثَةُ فَأَعْتَقُوا وَاحِدًا وَأَرِقُوا اثْنَيْنِ ثُمَّ ظَهَرَ عَلَيْهِ دَيْنٌ يَسْتَغْرِقُ نِصْفَهُمْ]
. (8630) فَصْلٌ: فَإِنْ أَعْتَقَ الْمَرِيضُ ثَلَاثَةَ أَعْبُدْ، لَا مَالَ لَهُ غَيْرُهُمْ فَأَقْرَعَ الْوَرَثَةُ فَأَعْتَقُوا وَاحِدًا وَأَرَقُّوا اثْنَيْنِ، ثُمَّ ظَهَرَ عَلَيْهِ دَيْنٌ يَسْتَغْرِقُ نِصْفَهُمْ، فَفِيهِ وَجْهَانِ؛ أَحَدُهُمَا، تَبْطُلُ الْقُرْعَةُ؛ لِأَنَّ الدَّيْنَ شَرِيكٌ فِي الْإِقْرَاعِ، فَإِذَا حَصَلَتْ الْقِسْمَةُ مَعَ عَدَمِهِ كَانَتْ بَاطِلَةً، كَمَا لَوْ قَسَمَ شَرِيكَانِ دُونَ شَرِيكِهِمَا الثَّالِثِ. الثَّانِي، يَصِحُّ الْإِقْرَاعُ؛ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ إمْضَاءُ الْقِسْمَةِ وَإِفْرَادُ حِصَّةِ الدَّيْنِ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ النَّصِيبَيْنِ،

اسم الکتاب : المغني المؤلف : ابن قدامة المقدسي    الجزء : 10  صفحة : 329
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست