responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : المغني المؤلف : ابن قدامة المقدسي    الجزء : 10  صفحة : 319
ثَلَاثَةُ أَئِمَّةٍ. وَرَوَاهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ، عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عِيسَى، عَنْ هُشَيْمٍ، عَنْ خَالِدٍ الْحَذَّاءِ، عَنْ أَبِي قِلَابَةَ، عَنْ أَبِي زَيْدٍ الْأَنْصَارِيِّ، عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. قَالَ أَحْمَدُ: أَبُو زَيْدٍ الْأَنْصَارِيُّ رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. وَرُوِيَ نَحْوُهُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. وَلِأَنَّهُ حَقٌّ فِي تَفْرِيقِهِ ضَرَرٌ، فَوَجَبَ جَمْعُهُ بِالْقُرْعَةِ، كَقِسْمَةِ الْإِجْبَارِ إذَا طَلَبَهَا أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ، وَنَظِيرُهُ مِنْ الْقِسْمَةِ مَا لَوْ كَانَتْ دَارٌ بَيْنَ اثْنَيْنِ، لِأَحَدِهِمَا ثُلُثُهَا، وَلِلْآخَرِ ثُلُثَاهَا، وَفِيهَا ثَلَاثَةُ مَسَاكِنُ مُتَسَاوِيَةٌ، لَا ضَرَرَ فِي قِسْمَتِهَا، فَطَلَبَ أَحَدُهُمَا الْقِسْمَةَ، فَإِنَّهُ يُجْعَلُ كُلُّ بَيْتٍ سَهْمًا، وَيُقْرَعُ بَيْنَهُمْ بِثَلَاثَةِ أَسْهُمٍ؛ لِصَاحِبِ الثُّلُثِ سَهْمٌ، وَلِلْآخَرِ سَهْمَانِ. وَقَوْلُهُمْ: إنَّ الْخَبَرَ يُخَالِفُ قِيَاسَ الْأُصُولِ. وَنَمْنَعُ ذَلِكَ، بَلْ هُوَ مُوَافِقٌ لَهُ؛ لِمَا ذَكَرْنَاهُ. وَقِيَاسُهُمْ فَاسِدٌ؛ لِأَنَّهُ إذَا كَانَ مِلْكُهُ ثُلُثَهُمْ وَحْدَهُ، لَمْ يُمْكِنْ جَمْعُ نَصِيبِهِ، وَالْوَصِيَّةُ لَا ضَرَرَ فِي تَفْرِيقِهَا، بِخِلَافِ مَسْأَلَتِنَا.
وَإِنْ سَلَّمْنَا مُخَالَفَتَهُ قِيَاسَ الْأُصُولِ، فَقَوْلُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَاجِبُ الِاتِّبَاعِ، سَوَاءٌ وَافَقَ الْقِيَاسَ أَوْ خَالَفَهُ؛ لِأَنَّهُ قَوْلُ الْمَعْصُومِ، الَّذِي جَعَلَ اللَّهُ تَعَالَى قَوْلَهُ حُجَّةً عَلَى الْخَلْقِ أَجْمَعِينَ، وَأَمَرَنَا بِاتِّبَاعِهِ وَطَاعَتِهِ، وَحَذَّرَ الْعِقَابَ فِي مُخَالَفَةِ أَمْرِهِ، وَجَعَلَ الْفَوْزَ فِي طَاعَتِهِ، وَالضَّلَالَ فِي مَعْصِيَتِهِ، وَتَطَرُّقُ الْخَطَأِ إلَى الْقَائِسِ فِي قِيَاسِهِ أُغْلَبُ مِنْ تَطَرُّقِ الْخَطَأِ إلَى أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَالْأَئِمَّةُ بَعْدَهُمْ فِي رِوَايَتِهِمْ، عَلَى أَنَّهُمْ قَدْ خَالَفُوا قِيَاسَ الْأُصُولِ بِأَحَادِيثَ ضَعِيفَةٍ، فَأَوْجَبُوا الْوُضُوءَ بِالنَّبِيذِ فِي السَّفَرِ دُونَ الْحَضَرِ، وَنَقَضُوا الْوُضُوءَ بِالْقَهْقَهَةِ فِي الصَّلَاةِ دُونَ خَارِجِهَا؛ وَقَوْلُهُمْ فِي مَسْأَلَتِنَا فِي مُخَالَفَةِ الْقِيَاسِ وَالْأُصُولِ، أَشَدُّ وَأَعْظَمُ، وَالضَّرَرُ فِي مَذْهَبِهِمْ أَعْظَمُ؛ وَذَلِكَ لِأَنَّ الْإِجْمَاعَ مُنْعَقِدٌ عَلَى أَنَّ صَاحِبَ الثُّلُثِ فِي الْوَصِيَّةِ وَمَا فِي مَعْنَاهَا، لَا يَحْصُلُ لَهُ شَيْءٌ حَتَّى يَحْصُلَ لِلْوَرَثَةِ مِثْلَاهُ، وَفِي مَسْأَلَتِنَا يُعْتِقُونَ الثُّلُثَ، وَيَسْتَسْعُونَ الْعَبْدَ فِي الثُّلُثَيْنِ، فَلَا يَحْصُلُ لِلْوَرَثَةِ شَيْءٌ فِي الْحَالِ أَصْلًا، وَيُحِيلُونَهُمْ عَلَى السِّعَايَةِ، وَرُبَّمَا لَا يَحْصُلُ مِنْهَا شَيْءٌ أَصْلًا، وَرُبَّمَا لَا يَحْصُلُ مِنْهَا فِي الشَّهْرِ إلَّا دِرْهَمٌ أَوْ دِرْهَمَانِ، فَيَكُونُ هَذَا فِي حُكْمِ مَنْ لَمْ يَحْصُلْ لَهُ شَيْءٌ، وَفِيهِ ضَرَرٌ عَلَى الْعَبِيدِ؛ لِأَنَّهُمْ يُجْبِرُونَهُمْ عَلَى الْكَسْبِ وَالسِّعَايَةِ، عَنْ غَيْرِ اخْتِيَارٍ مِنْهُمْ، وَرُبَّمَا كَانَ الْمُجْبَرُ عَلَى ذَلِكَ جَارِيَةً، فَيَحْمِلُهَا ذَلِكَ عَلَى الْبِغَاءِ، أَوْ عَبْدًا، فَيَسْرِقُ أَوْ يَقْطَعُ الطَّرِيقَ، وَفِيهِ ضَرَرٌ عَلَى الْمَيِّتِ، حَيْثُ أَفْضَوْا بِوَصِيَّتِهِ إلَى الظُّلْمِ وَالْإِضْرَارِ، وَتَحْقِيقِ مَا يُوجِبُ لَهُ الْعِقَابَ مِنْ رَبِّهِ، وَالدُّعَاءَ عَلَيْهِ مِنْ عَبِيدِهِ وَوَرَثَتِهِ.
وَقَدْ رُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الْحَدِيثِ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ فِي حَقِّ الَّذِي فَعَلَ هَذَا، قَالَ: «لَوْ شَهِدْته لَمْ يُدْفَنْ فِي مَقَابِرِ الْمُسْلِمِينَ»

اسم الکتاب : المغني المؤلف : ابن قدامة المقدسي    الجزء : 10  صفحة : 319
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست