responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : المغني المؤلف : ابن قدامة المقدسي    الجزء : 10  صفحة : 299
وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: لَا يَعْتِقُ إلَّا حِصَّةُ الْمُعْتِقِ، وَلِشَرِيكِهِ الْخِيَارُ فِي ثَلَاثَةِ أَشْيَاءَ؛ إنْ شَاءَ أَعْتَقَ، وَإِنْ شَاءَ اسْتَسْعَى الْعَبْدَ، وَإِنْ شَاءَ ضَمَّنَ شَرِيكَهُ، فَيَعْتِقُ حِينَئِذٍ.
وَلَنَا الْحَدِيثُ الَّذِي رَوَيْنَاهُ وَهُوَ حَدِيثٌ صَحِيحٌ، مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَرَوَاهُ مَالِكٌ، فِي " مُوَطَّئِهِ "، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ ابْنِ عُمَرَ، فَأَثْبَتَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْعِتْقَ فِي جَمِيعِهِ، وَأَوْجَبَ قِيمَةَ نَصِيبِ شَرِيكِ الْمُعْتِقِ الْمُوسِرِ عَلَيْهِ، وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ خِيَرَةً، وَلَا لِغَيْرِهِ. وَرَوَى قَتَادَةُ، عَنْ أَبِي الْمَلِيحِ، عَنْ أَبِيهِ، «أَنَّ رَجُلًا مِنْ قَوْمِهِ أَعْتَقَ شِقْصًا لَهُ مِنْ مَمْلُوكٍ، فَرَفَعَ ذَلِكَ إلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَجَعَلَ خَلَاصَهُ عَلَيْهِ فِي مَالِهِ، وَقَالَ: لَيْسَ لِلَّهِ شَرِيكٌ» . قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: الصَّحِيحُ أَنَّهُ عَنْ أَبِي الْمَلِيحِ، عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مُرْسَلٌ، وَلَيْسَ فِيهِ عَنْ أَبِيهِ. هَذَا مَعْنَى كَلَامِهِ. وَقَوْلُ الْبَتِّيِّ شَاذٌّ، يُخَالِفُ الْأَخْبَارَ كُلَّهَا، فَلَا يُعَوَّلُ عَلَيْهِ.
وَحَدِيثُ التِّلِبِّ يَتَعَيَّنُ حَمْلُهُ عَلَى الْمُعْسِرِ، جَمْعًا بَيْنَ الْأَحَادِيثِ. وَقِيَاسُ الْعِتْقِ عَلَى الْبَيْعِ لَا يَصِحُّ، فَإِنَّ الْبَيْعَ لَا يَسْرِي فِيمَا إذَا كَانَ الْعَبْدُ كُلُّهُ لَهُ، وَالْعِتْقُ يَسْرِي، فَإِنَّهُ لَوْ بَاعَ نِصْفَ عَبْدِهِ، لَمْ يَسْرِ، وَلَوْ أَعْتَقَ نِصْفَهُ، عَتَقَ كُلُّهُ. وَإِذَا ثَبَتَ هَذَا، فَإِنَّ وَلَاءَهُ يَكُونُ لَهُ؛ لِأَنَّهُ عَتَقَ بِإِعْتَاقِهِ مِنْ مَالِهِ، وَقَدْ قَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إنَّمَا الْوَلَاءُ لِمَنْ أَعْتَقَ» . وَلَا خِلَافَ فِي هَذَا عِنْدَ مَنْ يَرَى عِتْقَهُ عَلَيْهِ. (8578)
فَصْلٌ: وَلَا فَرْقَ فِي هَذَا بَيْنَ كَوْنِ الشُّرَكَاءِ مُسْلِمِينَ أَوْ كَافِرِينَ، أَوْ بَعْضُهُمْ مُسْلِمًا، وَبَعْضُهُمْ كَافِرًا. ذَكَرَهُ الْقَاضِي. وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ. وَقَالَ أَبُو الْخَطَّابِ: فِي الْكَافِرِ وَجْهٌ، أَنَّهُ إذَا أَعْتَقَ نَصِيبَهُ مِنْ مُسْلِمٍ، أَنَّهُ لَا يَسْرِي إلَى بَاقِيه، وَلَا يُقَوَّمُ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَصِحُّ شِرَاءُ الْكَافِرِ عَبْدًا مُسْلِمًا. وَلَنَا عُمُومُ الْخَبَرِ، وَلِأَنَّ ذَلِكَ ثَبَتَ لِإِزَالَةِ الضَّرَرِ، فَاسْتَوَى فِيهِ الْمُسْلِمُ وَالْكَافِرُ، كَالرَّدِّ بِالْعَيْبِ، وَالْغَرَضُ هَاهُنَا تَكْمِيلُ الْعِتْقِ، وَدَفْعُ الضَّرَرِ عَنْ الشَّرِيكِ دُونَ التَّمْلِيكِ، بِخِلَافِ الشِّرَاءِ وَلَوْ قُدِّرَ أَنَّ هَاهُنَا تَمْلِيكًا، لَكَانَ تَقْدِيرًا فِي أَدْنَى زَمَانٍ، حَصَلَ ضَرُورَةَ تَحْصِيلِ الْعِتْقِ، وَلَا ضَرَرَ فِيهِ، فَإِنْ قُدِّرَ فِيهِ ضَرَرٌ، فَهُوَ مَغْمُورٌ

اسم الکتاب : المغني المؤلف : ابن قدامة المقدسي    الجزء : 10  صفحة : 299
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست