responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : المغني المؤلف : ابن قدامة المقدسي    الجزء : 10  صفحة : 288
وَوَلَدَك بِالْمَعْرُوفِ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. وَإِذَا جَازَ لَهَا أَنْ تَأْخُذَ مِنْ مَالِهِ مَا يَكْفِيهَا بِغَيْرِ إذْنِهِ، جَازَ لِلرَّجُلِ الَّذِي لَهُ الْحَقُّ عَلَى الرَّجُلِ. وَلَنَا، قَوْلُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «أَدِّ الْأَمَانَةَ إلَى مِنْ ائْتَمَنَك، وَلَا تَخُنْ مَنْ خَانَك» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ، وَقَالَ: حَدِيثٌ حَسَنٌ.
وَمَتَى أَخَذَ مِنْهُ قَدْرَ حَقِّهِ مِنْ مَالِهِ بِغَيْرِ عِلْمِهِ، فَقَدْ خَانَهُ، فَيَدْخُلُ فِي عُمُومِ الْخَبَرِ، وَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «لَا يَحِلُّ مَالُ امْرِئِ مُسْلِمٍ إلَّا عَنْ طِيبِ نَفْسٍ مِنْهُ» . وَلِأَنَّهُ إنْ أَخَذَ مِنْ غَيْرِ جِنْسِ حَقِّهِ، كَانَ مُعَاوَضَةً بِغَيْرِ تَرَاضٍ، وَإِنْ أَخَذَ مِنْ جِنْسِ حَقِّهِ، فَلَيْسَ لَهُ تَعْيِينُ الْحَقِّ بِغَيْرِ رِضَى صَاحِبِهِ، فَإِنَّ التَّعْيِينَ إلَيْهِ، أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَقُولَ: اقْضِنِي حَقِّي مِنْ هَذَا الْكِيسِ دُونَ هَذَا. وَلِأَنَّ كُلَّ مَا لَا يَجُوزُ لَهُ تَمَلُّكُهُ إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ دَيْنٌ، لَا يَجُوزُ لَهُ أَخْذُهُ إذَا كَانَ لَهُ دَيْنٌ، كَمَا لَوْ كَانَ بَاذِلًا لَهُ. فَأَمَّا حَدِيثُ هِنْدٍ، فَإِنَّ أَحْمَدَ اعْتَذَرَ عَنْهُ بِأَنَّ حَقَّهَا وَاجِبٌ عَلَيْهِ فِي كُلِّ وَقْتٍ، وَهَذَا إشَارَةٌ مِنْهُ إلَى الْفَرْقِ بِالْمَشَقَّةِ فِي الْمُحَاكَمَةِ فِي كُلِّ وَقْتٍ، وَالْمُخَاصَمَةِ كُلَّ يَوْمٍ تَجِبُ فِيهِ النَّفَقَةُ، بِخِلَافِ الدَّيْنِ، وَفَرَّقَ أَبُو بَكْرٍ بَيْنَهُمَا بِفَرْقٍ آخَرَ، وَهُوَ أَنَّ قِيَامَ الزَّوْجِيَّةِ كَقِيَامِ الْبَيِّنَةِ، فَكَأَنَّ الْحَقَّ صَارَ مَعْلُومًا بِعِلْمِ قِيَامِ مُقْتَضِيه، وَبَيْنَهُمَا فَرْقَانِ آخَرَانِ؛ أَحَدُهُمَا، أَنَّ لِلْمَرْأَةِ مِنْ التَّبَسُّطِ فِي مَالِهِ، بِحُكْمِ الْعَادَةِ مَا يُؤَثِّرُ فِي إبَاحَةِ أَخْذِ الْحَقِّ وَبَذْلِ الْيَدِ فِيهِ بِالْمَعْرُوفِ، بِخِلَافِ الْأَجْنَبِيِّ. الثَّانِي، أَنَّ النَّفَقَةَ تُرَادُ لِإِحْيَاءِ النَّفْسِ، وَإِبْقَاءِ الْمُهْجَةِ، وَهَذَا مِمَّا لَا يُصْبَرُ عَنْهُ، وَلَا سَبِيلَ إلَى تَرْكِهِ، فَجَازَ أَخْذُ مَا تَنْدَفِعُ بِهِ هَذِهِ الْحَاجَةُ، بِخِلَافِ، الدَّيْنِ، حَتَّى نَقُولَ: لَوْ صَارَتْ النَّفَقَةُ مَاضِيَةً، لَمْ يَكُنْ لَهَا أَخْذُهَا.
وَلَوْ وَجَبَ لَهَا عَلَيْهِ دَيْنٌ آخَرُ، لَمْ يَكُنْ لَهَا أَخْذُهُ. فَعَلَى هَذَا، إنْ أَخَذَ شَيْئًا لَزِمَهُ رَدُّهُ إنْ كَانَ بَاقِيًا، وَإِنْ كَانَ تَالِفًا، وَجَبَ مِثْلُهُ إنْ كَانَ مِثْلِيًّا، أَوْ قِيمَتُهُ إنْ كَانَ مُتَقَوِّمًا، فَإِنْ كَانَ مِنْ جِنْسِ دَيْنِهِ، تَقَاصَّا، فِي قِيَاسِ الْمَذْهَبِ، وَإِنْ كَانَ مِنْ غَيْرِ جِنْسِهِ، لَزِمَهُ غُرْمُهُ، وَمَنْ جَوَّزَ مِنْ أَصْحَابِنَا الْأَخْذَ، فَإِنَّهُ قَالَ: إنْ وَجَدَ مِنْ جِنْسِ حَقِّهِ، جَازَ لَهُ الْأَخْذُ مِنْهُ بِقَدْرِ حَقِّهِ، مِنْ غَيْرِ زِيَادَةٍ، وَلَيْسَ لَهُ الْأَخْذُ مِنْ غَيْرِ جِنْسِهِ مَعَ قُدْرَتِهِ عَلَى أَخْذِهِ مِنْ جِنْسِهِ، وَإِنْ لَمْ يَجِدْ إلَّا مِنْ غَيْرِ جِنْسِ، حَقِّهِ فَيَحْتَمِلُ أَنْ لَا يَجُوزَ لَهُ تَمَلُّكُهُ؛ لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يَبِيعَهُ مِنْ نَفْسِهِ، وَهَذَا يَبِيعُهُ مِنْ نَفْسِهِ، وَتَلْحَقُهُ فِيهِ تُهْمَةٌ. وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَجُوزَ لَهُ ذَلِكَ، كَمَا قَالُوا: الرَّهْنُ يُنْفَقُ عَلَيْهِ، إذَا كَانَ مَرْكُوبًا، أَوْ مَحْلُوبًا، يُرْكَبُ وَيُحْلَبُ،

اسم الکتاب : المغني المؤلف : ابن قدامة المقدسي    الجزء : 10  صفحة : 288
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست