responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : المغني المؤلف : ابن قدامة المقدسي    الجزء : 10  صفحة : 272
وَالْهِبَةِ؛ لِأَنَّ الْإِنْسَانَ قَدْ يَبِيعُ مَا لَا يَمْلِكُهُ وَيَهَبُهُ فَلَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمْ بِهِ، فَإِنْ انْضَمَّ إلَى ذَلِكَ الشَّهَادَةُ لِلْبَائِعِ بِالْمِلْكِ، أَوْ شَهِدُوا لِلْمُشْتَرِي بِالْمِلْكِ، أَوْ شَهِدُوا بِالتَّسْلِيمِ، فَقَدْ شَهِدُوا بِتَقَدُّمِ الْيَدِ، أَوْ بِالْمِلْكِ لِلْمُدَّعِي، أَوْ لِمَنْ بَاعَهُ، فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ مِلْكُهُ؛ لِأَنَّ الْيَدَ تَدُلُّ عَلَى الْمِلْكِ. وَهَذَا مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ، وَإِنَّمَا قَبِلْنَاهَا وَهِيَ شَهَادَةٌ بِمِلْكٍ مَاضٍ؛ لِأَنَّهَا شَهِدَتْ بِالْمِلْكِ مَعَ السَّبَبِ، وَالظَّاهِرُ اسْتِمْرَارُهُ بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يُذْكَرْ السَّبَبُ.

[فَصْلٌ فِي يَدِ رَجُلٍ طِفْلٌ لَا يُعَبِّرُ عَنْ نَفْسِهِ فَادَّعَى أَنَّهُ مَمْلُوكُهُ]
(8539) فَصْلٌ: وَإِذَا كَانَ فِي يَدِ رَجُلٍ طِفْلٌ لَا يُعَبِّرُ عَنْ نَفْسِهِ، فَادَّعَى أَنَّهُ مَمْلُوكُهُ، قُبِلَتْ دَعْوَاهُ، وَلَمْ يُحَلْ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ؛ لِأَنَّ الْيَدَ دَلِيلُ الْمِلْكِ، وَالصَّبِيُّ مَا لَمْ يُعَبِّرْ عَنْ نَفْسِهِ فَهُوَ كَالْبَهِيمَةِ وَالْمَتَاعِ، إلَّا أَنْ يُعْرَفَ أَنَّ سَبَبَ يَدِهِ غَيْرُ الْمِلْكِ، مِثْلُ أَنْ يَلْتَقِطَهُ، فَلَا تُقْبَلُ دَعْوَاهُ لِرِقِّهِ؛ لِأَنَّ اللَّقِيطَ مَحْكُومٌ بِحُرِّيَّتِهِ، وَأَمَّا غَيْرُهُ فَقَدْ وُجِدَ فِيهِ دَلِيلُ الْمِلْكِ مِنْ غَيْرِ مُعَارِضٍ فَيُحْكَمُ بِرِقِّهِ. فَإِذَا بَلَغَ، فَادَّعَى الْحُرِّيَّةَ، لَمْ تُقْبَلْ دَعْوَاهُ؛ لِأَنَّهُ مَحْكُومٌ بِرِقِّهِ قَبْلَ دَعْوَاهُ. وَإِنْ لَمْ يَدَّعِ مِلْكَهُ، لَكِنَّهُ كَانَ يَتَصَرَّفُ فِيهِ بِالِاسْتِخْدَامِ وَغَيْرِهِ، فَهُوَ كَمَا لَوْ ادَّعَى رِقَّهُ، وَيُحْكَمُ لَهُ بِرِقِّهِ؛ لِأَنَّ الْيَدَ دَلِيلُ الْمِلْكِ. فَإِنْ ادَّعَى أَجْنَبِيٌّ نَسَبَهُ، لَمْ يُقْبَلْ؛ لِمَا فِيهِ مِنْ الضَّرَرِ عَلَى السَّيِّدِ، لِأَنَّ النَّسَبَ مُقَدَّمٌ عَلَى الْوَلَاءِ فِي الْمِيرَاثِ.
فَإِنْ أَقَامَ الْبَيِّنَةَ بِنَسَبِهِ، ثَبَتَ، وَلَمْ يَزُلْ الْمِلْكُ عَنْهُ؛ لِأَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ وَلَدَهُ وَهُوَ مَمْلُوكٌ، بِأَنْ يَتَزَوَّجَ بِأَمَةٍ، أَوْ يُسْبَى الصَّغِيرُ ثُمَّ يُسْلِمُ أَبُوهُ، إلَّا أَنْ يَكُونَ الْأَبُ عَرَبِيًّا، فَلَا يَسْتَرِقُّ وَلَدُهُ، فِي رِوَايَةٍ. وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ الْقَدِيمُ. وَإِنْ أَقَامَ بَيِّنَةً أَنَّهُ ابْنُ حُرَّةٍ، فَهُوَ حُرٌّ؛ لِأَنَّ وَلَدَ الْحُرَّةِ لَا يَكُونُ إلَّا حُرًّا. وَإِنْ كَانَ الصَّبِيُّ مُمَيِّزًا، يُعَبِّرُ عَنْ نَفْسِهِ فَادَّعَى مَنْ هُوَ فِي يَدِهِ رِقَّهُ، وَلَمْ يُعْرَفْ تَقَدُّمُ الْيَدِ عَلَيْهِ قَبْلَ تَمْيِيزِهِ، إلَّا أَنَّنَا إنْ رَأَيْنَاهُ فِي يَدِهِ وَهُمَا يَتَنَازَعَانِ، فَفِيهِ وَجْهَانِ؛ أَحَدُهُمَا لَا يَثْبُتُ مِلْكُهُ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ مُعْرِبٌ عَنْ نَفْسِهِ، وَيَدَّعِي الْحُرِّيَّةَ، أَشْبَهَ الْبَالِغَ. وَالثَّانِي يَثْبُتُ مِلْكُهُ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ صَغِيرٌ ادَّعَى رَقَّهُ وَهُوَ فِي يَدِهِ، فَأَشْبَهَ الطِّفْلَ.
فَأَمَّا الْبَالِغُ إذَا ادَّعَى رِقَّهُ فَأَنْكَرَ، لَمْ يَثْبُتْ رِقُّهُ إلَّا بِبَيِّنَةٍ. وَإِنْ لَمْ تَكُنْ بَيِّنَةٌ، فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ مَعَ يَمِينِهِ فِي الْحُرِّيَّة؛ لِأَنَّهَا الْأَصْلُ. وَهَذَا الْفَصْلُ بِجَمِيعِهِ مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ، وَأَبِي ثَوْرٍ، وَأَصْحَابِ الرَّأْيِ، إلَّا أَنَّ أَصْحَابَ الرَّأْيِ قَالُوا: مَتَى أَقَامَ إنْسَانٌ بَيِّنَةً أَنَّهُ وَلَدُهُ ثَبَتَ النَّسَبُ وَالْحُرِّيَّةُ لِأَنَّ ظُهُورَ الْحُرِّيَّةِ فِي وَلَدِ الْحُرِّ أَكْثَرُ مِنْ احْتِمَالِ الرِّقِّ الْحَاصِلِ بِالْيَدِ لَا سِيَّمَا إذَا لَمْ يُعْرَفْ مِنْ الرَّجُلِ كُفْرٌ، وَلَا تَزَوُّجٌ بِأَمَةٍ، فَلَا يَبْقَى احْتِمَالُ الرِّقِّ. وَهَذَا الْقَوْلُ هُوَ الصَّوَابُ، إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.

[فَصْلٌ ادَّعَى اثْنَانِ رِقَّ بَالِغٍ فِي أَيْدِيهِمَا فَأَنْكَرَهُمَا]
(8540) فَصْلٌ: وَإِنْ ادَّعَى اثْنَانِ رِقَّ بَالِغٍ فِي أَيْدِيهِمَا فَأَنْكَرَهُمَا، فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ مَعَ يَمِينِهِ. وَإِنْ اعْتَرَفَ لَهُمَا بِالرِّقِّ، ثَبَتَ

اسم الکتاب : المغني المؤلف : ابن قدامة المقدسي    الجزء : 10  صفحة : 272
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست