responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : المغني المؤلف : ابن قدامة المقدسي    الجزء : 10  صفحة : 251
التَّسْوِيَةُ بَيْنَهُمَا، وَهُوَ أَحَدُ قَوْلَيْ الشَّافِعِيِّ. وَقَالَ الْقَاضِي: قِيَاسُ الْمَذْهَبِ تَقْدِيمُ أَقْدَمِهِمَا تَارِيخًا. وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ، وَالْقَوْلُ الثَّانِي لِلشَّافِعِيِّ لِأَنَّ الْمُتَقَدِّمَةَ التَّارِيخِ، أَثْبَتَتْ الْمِلْكَ لَهُ فِي وَقْتٍ لَمْ تُعَارِضْهُ فِيهِ الْبَيِّنَةُ الْأُخْرَى، فَيَثْبُتُ الْمِلْكُ فِيهِ، وَلِهَذَا لَهُ الْمُطَالَبَةُ بِالنَّمَاءِ فِي ذَلِكَ الزَّمَانِ، وَتَعَارَضَتْ الْبَيِّنَتَانِ فِي الْمِلْكِ فِي الْحَالِ، فَسَقَطَتَا، وَبَقِيَ مِلْكُ السَّابِقِ تَجِبُ اسْتَدَامَتْهُ، وَأَنْ لَا يَثْبُتَ لِغَيْرِهِ مِلْكٌ، إلَّا مِنْ جِهَتِهِ.
وَوَجْهُ قَوْلِ الْخِرَقِيِّ، أَنَّ الشَّاهِدَ بِالْمِلْكِ الْحَادِثِ أَحَقُّ بِالتَّرْجِيحِ؛ لِجَوَازِ أَنْ يَعْلَمَ بِهِ دُونَ الْأَوَّلِ، وَلِهَذَا لَوْ ذَكَرَ أَنَّهُ اشْتَرَاهُ مِنْ الْآخَرِ، أَوْ وَهَبَهُ لَهُ، لَقُدِّمَتْ بَيِّنَتُهُ اتِّفَاقًا، فَإِذَا لَمْ تُرَجَّحْ بِهَذَا، فَلَا أَقَلَّ مِنْ التَّسَاوِي. وَقَوْلُهُمْ: إنَّهُ يَثْبُتُ الْمِلْكُ فِي الزَّمَنِ الْمَاضِي مِنْ غَيْرِ مُعَارَضَةٍ. قُلْنَا: إنَّمَا يَثْبُتُ تَبَعًا لِثُبُوتِهِ فِي الْحَالِ، وَلَوْ انْفَرَدَ بِأَنْ يَدَّعِيَ الْمِلْكَ فِي الْمَاضِي، لَمْ تُسْمَعْ دَعْوَاهُ وَلَا بَيِّنَتُهُ، فَإِنْ وُقِّتَتْ إحْدَاهُمَا وَأُطْلِقَتْ الْأُخْرَى، فَهُمَا سَوَاءٌ. ذَكَرَهُ الْقَاضِي.
وَقَالَ أَبُو الْخَطَّابِ: يَحْتَمِلُ أَنْ يُحْكَمَ بِهِ لِمَنْ لَمْ يُوَقِّتْ. وَهُوَ قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ، وَمُحَمَّدٍ. وَلَنَا، أَنَّهُ لَيْسَ فِي إحْدَاهُمَا مَا يَقْتَضِي التَّرْجِيحَ مِنْ تَقَدُّمِ الْمِلْكِ وَلَا غَيْرِهِ، فَوَجَبَ اسْتِوَاؤُهُمَا، كَمَا لَوْ أُطْلِقَتَا، أَوْ اسْتَوَى تَارِيخُهُمَا.

[فَصْل تَرْجِيحُ إحْدَى الْبَيِّنَتَيْنِ بِكَثْرَةِ الْعَدَدِ]
(8510) فَصْلٌ: وَلَا تُرَجَّحُ إحْدَى الْبَيِّنَتَيْنِ بِكَثْرَةِ الْعَدَدِ، وَلَا اشْتِهَارِ الْعَدَالَةِ. وَبِهَذَا قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ، وَالشَّافِعِيُّ. وَيَتَخَرَّجُ أَنَّ تُرَجَّحَ بِذَلِكَ، مَأْخُوذًا مِنْ قَوْلِ الْخِرَقِيِّ: وَيَتَّبِعُ الْأَعْمَى أَوْثَقَهُمَا فِي نَفْسِهِ. وَهَذَا قَوْلُ مَالِكٍ؛ لِأَنَّ أَحَدَ الْخَبَرَيْنِ يُرَجَّحُ بِذَلِكَ، فَكَذَلِكَ الشَّهَادَةُ، لِأَنَّهَا خَبَرٌ، وَلِأَنَّ الشَّهَادَةَ إنَّمَا اُعْتُبِرَتْ لِغَلَبَةِ الظَّنِّ بِالْمَشْهُودِ بِهِ، وَإِذَا كَثُرَ الْعَدَدُ أَوْ قَوِيَتْ الْعَدَالَةُ، كَانَ الظَّنُّ بِهِ أَقْوَى. وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ: يُقْسَمُ عَلَى عَدَدِ الشُّهُودِ، فَإِذَا شَهِدَ لِأَحَدِهِمَا شَاهِدَانِ، وَلِلْآخَرِ أَرْبَعَةٌ، قَسَمَتْ الْعَيْنُ بَيْنَهُمَا أَثْلَاثًا؛ لِأَنَّ الشَّهَادَةَ سَبَبُ الِاسْتِحْقَاقِ، فَيُوَزَّعُ الْحَقُّ عَلَيْهَا.
وَلَنَا، أَنَّ الشَّهَادَةَ مُقَدَّرَةً بِالشَّرْعِ، فَلَا تَخْتَلِفُ بِالزِّيَادَةِ، كَالدِّيَةِ، وَتُخَالِفُ الْخَبَرَ، فَإِنَّهُ مُجْتَهِدٌ فِي قَبُولِ خَبَرِ الْوَاحِدِ دُونَ الْعَدَدِ، فَرَجَحَ بِالزِّيَادَةِ. وَالشَّهَادَةُ يُتَّفَقُ فِيهَا عَلَى خَبَرِ الِاثْنَيْنِ، فَصَارَ الْحُكْمُ مُتَعَلِّقًا بِهِمَا دُونَ اعْتِبَارِ الظَّنِّ، أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ شَهِدَ النِّسَاءُ مُنْفَرِدَاتٍ، لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُنَّ، وَإِنْ كَثُرْنَ حَتَّى صَارَ الظَّنُّ بِشَهَادَتِهِنَّ أَغْلَبَ مِنْ شَهَادَةِ الذَّكَرَيْنِ. وَعَلَى هَذَا لَا تُرَجَّحُ شَهَادَةُ الرَّجُلَيْنِ عَلَى شَهَادَةِ الرَّجُلِ وَالْمَرْأَتَيْنِ فِي الْمَالِ؛ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدَةٍ مِنْ الْبَيِّنَتَيْنِ حُجَّةٌ فِي الْمَالِ، فَإِذَا اجْتَمَعَتَا تَعَارَضَتَا، فَأَمَّا إنْ كَانَ لِأَحَدِهِمَا شَاهِدَانِ وَلِلْآخَرِ شَاهِدٌ، فَبَذَلَ يَمِينَهُ مَعَهُ، فَفِيهِ وَجْهَانِ؛ أَحَدُهُمَا، يَتَعَارَضَانِ؛ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا حُجَّةٌ بِمُفْرَدِهِ، فَأَشْبَهَا الرَّجُلَيْنِ مَعَ الرَّجُلِ وَالْمَرْأَتَيْنِ.

اسم الکتاب : المغني المؤلف : ابن قدامة المقدسي    الجزء : 10  صفحة : 251
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست