responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : المغني المؤلف : ابن قدامة المقدسي    الجزء : 10  صفحة : 248
وَانْبَنَى ذَلِكَ عَلَى الْقَوْلِ فِي بَيِّنَةِ الدَّاخِلِ وَالْخَارِجِ، فَمَنْ قَدَّمَ بَيِّنَةَ الْخَارِجِ، جَعَلَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَا فِي يَدِ الْآخَرِ، وَمَنْ قَدَّمَ بَيِّنَةَ الدَّاخِلِ، أَوْ قَدَّمَهَا إذَا شَهِدَتْ بِالنِّتَاجِ، جَعَلَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَا فِي يَدِهِ.

[فَصْل الْفَاسِقَ إذَا رُدَّتْ شَهَادَتُهُ لِفِسْقِهِ ثُمَّ أَعَادَهَا بَعْدُ]
(8506) فَصْلٌ: وَإِذَا ادَّعَى زَيْدٌ شَاةً فِي يَدِ عَمْرٍو، وَأَقَامَ بِهَا بَيِّنَةً، فَحَكَمَ لَهُ بِهَا حَاكِمٌ، ثُمَّ ادَّعَاهَا عَمْرٌو عَلَى زَيْدٍ، وَأَقَامَ بِهَا بَيِّنَةً؛ فَإِنْ قُلْنَا: بَيِّنَةُ الْخَارِجُ مُقَدَّمَةٌ. لَمْ تُسْمَعْ بَيِّنَةُ عَمْرٍو؛ لِأَنَّ بَيِّنَةَ زَيْدٍ مُقَدَّمَةٌ عَلَيْهَا. وَإِنْ قُلْنَا: بَيِّنَةَ الدَّاخِلِ مُقَدَّمَةٌ. نَظَرْنَا فِي الْحُكْمِ كَيْفَ وَقَعَ؛ فَإِنْ كَانَ حُكِمَ بِهَا لِزَيْدٍ لِأَنَّ عَمْرًا لَا بَيِّنَةَ لَهُ، رُدَّتْ إلَى عَمْرٍو؛ لِأَنَّهُ قَدْ قَامَتْ لَهُ بَيِّنَةٌ، وَالْيَدُ كَانَتْ لَهُ، وَإِنْ حُكِمَ بِهَا لِزَيْدٍ لِأَنَّهُ يَرَى تَقْدِيمَ بَيِّنَةُ الْخَارِجِ، لَمْ يُنْقَضْ حُكْمُهُ؛ لِأَنَّهُ حَكَمَ بِمَا يَسُوغُ الِاجْتِهَادُ فِيهِ. وَإِنْ كَانَتْ بَيِّنَةُ عَمْرٍو قَدْ شَهِدَتْ لَهُ أَيْضًا، وَرَدَّهَا الْحَاكِمُ لِفِسْقِهَا، ثُمَّ عُدِّلَتْ، لَمْ يُنْقَضْ الْحُكْمُ أَيْضًا؛ لِأَنَّ الْفَاسِقَ إذَا رُدَّتْ شَهَادَتُهُ لِفِسْقِهِ، ثُمَّ أَعَادَهَا بَعْدُ، لَمْ تُقْبَلْ.
وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ الْحُكْمَ كَيْفَ كَانَ، لَمْ يُنْقَضْ؛ لِأَنَّ حُكْمُ الْحَاكِمِ، الْأَصْلُ جَرَيَانُهُ عَلَى الْعَدْلِ وَالْإِنْصَافِ وَالصِّحَّةِ، فَلَا يُنْقَضُ بِالِاحْتِمَالِ. فَإِنْ جَاءَ ثَالِثٌ، فَادَّعَاهَا، وَأَقَامَ بِهَا بَيِّنَةً، فَبَيِّنَتُهُ وَبَيِّنَةُ زَيْدٍ مُتَعَارِضَتَانِ، وَلَا يَحْتَاجُ زَيْدٌ إلَى إقَامَةِ بَيِّنَتِهِ؛ لِأَنَّهَا قَدْ شَهِدَتْ مَرَّةً، وَهُمَا سَوَاءٌ فِي الشَّهَادَةِ حَالَ التَّنَازُعِ، فَلَمْ يَحْتَجْ إلَى إعَادَتِهَا، كَالْبَيِّنَةِ إذَا شَهِدَتْ، وَوَقَفَ الْحُكْمُ عَلَى الْبَحْثِ عَنْ حَالِهَا، ثُمَّ بَانَتْ عَدَالَتُهَا، فَإِنَّهَا تُقْبَلُ، وَيُحْكَمُ مِنْ غَيْرِ إعَادَةِ شَهَادَتِهَا، كَذَا هَاهُنَا.

[فَصْل فِي يَدِ رَجُلٍ شَاةٌ فَادَّعَاهَا رَجُلٌ أَنَّهَا لَهُ مُنْذُ سَنَةٍ]
(8507) فَصْلٌ: وَإِذَا كَانَ فِي يَدِ رَجُلٍ شَاةٌ، فَادَّعَاهَا رَجُلٌ أَنَّهَا لَهُ مُنْذُ سَنَةٍ، وَأَقَامَ بِذَلِكَ بَيِّنَةً، وَادَّعَى الَّذِي هِيَ فِي يَدِهِ أَنَّهَا فِي يَدِهِ مُنْذُ سَنَتَيْنِ، وَأَقَامَ بِذَلِكَ بَيِّنَةً، فَهِيَ لِلْمُدَّعِي، بِغَيْرِ خِلَافٍ؛ لِأَنَّ بَيِّنَتَهُ تَشْهَدُ لَهُ بِالْمِلْكِ، وَبَيِّنَةُ الدَّاخِلِ تَشْهَدُ بِالْيَدِ خَاصَّةً، فَلَا تَعَارُضَ بَيْنَهُمَا، لِإِمْكَانِ الْجَمْعِ بَيْنَهُمَا، بِأَنْ تَكُونَ الْيَدُ عَلَى غَيْرِ مِلْكٍ، فَكَانَتْ بَيِّنَةُ الْمِلْكِ أَوْلَى. فَإِنْ شَهِدَتْ بَيِّنَةٌ بِأَنَّهَا مِلْكُهُ مُنْذُ سَنَتَيْنِ، فَقَدْ تَعَارَضَ تَرْجِيحَانِ، تَقَدُّمُ التَّارِيخِ مِنْ جِهَةِ بَيِّنَةِ الدَّاخِلِ، وَكَوْنُ الْأُخْرَى بَيِّنَةَ الْخَارِجِ، فَفِيهِ رِوَايَتَانِ؛ إحْدَاهُمَا، تُقَدَّمُ بَيِّنَةُ الْخَارِجِ. وَهُوَ قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ، وَمُحَمَّدٍ، وَأَبِي ثَوْرٍ وَيَقْتَضِيه عُمُومُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ؛ لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «الْبَيِّنَةُ عَلَى الْمُدَّعِي» ، وَلِأَنَّ بَيِّنَةَ الدَّاخِلِ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مُسْتَنَدُهَا الْيَدَ، فَلَا تُفِيدُ أَكْثَرَ مِمَّا تُفِيدُهُ الْيَدُ، فَأَشْبَهَتْ الصُّورَةَ الَّتِي قَبْلَهَا. وَالثَّانِيَةُ، تُقَدَّمُ بَيِّنَةُ الدَّاخِلِ. وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ، وَالشَّافِعِيِّ؛ لِأَنَّهَا تَضَمَّنَتْ زِيَادَةً.
فَإِنْ كَانَتْ بِالْعَكْسِ، فَشَهِدَتْ بَيِّنَةُ الدَّاخِلِ أَنَّهُ يَمْلِكُهَا مُنْذُ سَنَةٍ، وَشَهِدَتْ بَيِّنَةُ الْخَارِجِ أَنَّهُ يَمْلِكُهَا مُنْذُ سَنَتَيْنِ، قُدِّمَتْ بَيِّنَةُ الْخَارِجِ، إلَّا عَلَى الرِّوَايَةِ الَّتِي تُقَدَّمُ فِيهَا بَيِّنَةُ الدَّاخِلِ، فَيُخَرَّجُ فِيهَا وَجْهَانِ؛ بِنَاءً عَلَى الرِّوَايَتَيْنِ فِي الَّتِي قَبْلَهَا. وَظَاهِرُ مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ تَقْدِيمُ بَيِّنَةِ الدَّاخِلِ عَلَى كُلِّ حَالٍ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: فِيهَا قَوْلَانِ.

اسم الکتاب : المغني المؤلف : ابن قدامة المقدسي    الجزء : 10  صفحة : 248
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست