responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : المغني المؤلف : ابن قدامة المقدسي    الجزء : 10  صفحة : 245
عَقْدٌ يُسْتَبَاحُ بِهِ الْوَطْءُ، فَأَشْبَهَ النِّكَاحَ، وَإِنْ كَانَ الْمَبِيعُ غَيْرَهَا، لَمْ يُشْتَرَطْ؛ لِعَدَمِ ذَلِكَ. وَالْأَوَّلُ أَوْلَى؛ لِأَنَّهَا دَعْوَى فِيمَا لَا يُشْتَرَطُ فِيهِ الْوَلِيُّ وَالشُّهُودُ، أَشْبَهَ دَعْوَى الْعَيْنِ. وَمَا لَزِمَ ذِكْرُهُ فِي الدَّعْوَى، فَلَمْ يَذْكُرْهُ، سَأَلَهُ الْحَاكِمُ عَنْهُ، لِتَصِيرَ الدَّعْوَى مَعْلُومَةً، فَيُمْكِنُ الْحَاكِمَ الْحُكْمُ بِهَا. وَقَدْ ذَكَرْنَا سَائِرَ الدَّعَاوَى فِيمَا سَبَقَ، بِمَا أَغْنَى عَنْ إعَادَتِهِ هَاهُنَا.

[مَسْأَلَة ادَّعَى دَابَّةً فِي يَدِ رَجُلٍ فَأَنْكَرَ وَأَقَامَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بَيِّنَةً]
(8500) مَسْأَلَةٌ؛ قَالَ: (وَمَنْ ادَّعَى دَابَّةً فِي يَدِ رَجُلٍ، فَأَنْكَرَ، وَأَقَامَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بَيِّنَةً، حُكِمَ بِهَا لِلْمُدَّعِي بِبَيِّنَتِهِ، وَلَمْ يُلْتَفَتْ إلَى بَيِّنَةِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ، لِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَمَرَنَا بِسَمَاعِ بَيِّنَةِ الْمُدَّعِي وَيَمِينِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ، وَسَوَاءٌ شَهِدَتْ بَيِّنَةُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَنَّهَا لَهُ، أَوْ قَالَتْ: وُلِدَتْ فِي مِلْكِهِ عَلَيْهِ) وَجُمْلَةُ ذَلِكَ أَنَّ مَنْ ادَّعَى شَيْئًا فِي يَدِ غَيْرِهِ، فَأَنْكَرَهُ، وَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بَيِّنَةٌ، فَإِنَّ بَيِّنَةَ الْمُدَّعِي تُسَمَّى بَيِّنَةَ الْخَارِجِ، وَبَيِّنَةَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ تُسَمَّى بَيِّنَةَ الدَّاخِلِ، وَقَدْ اخْتَلَفَتْ الرِّوَايَةُ عَنْ أَحْمَدَ، فِيمَا إذَا تَعَارَضَتَا، فَالْمَشْهُورُ عَنْهُ تَقْدِيمُ بَيِّنَةِ الْمُدَّعِي، وَلَا تُسْمَعُ بَيِّنَةُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِحَالٍ. وَهَذَا قَوْلُ إِسْحَاقَ.
وَعَنْهُ، رِوَايَةٌ ثَانِيَةٌ، إنْ شَهِدَتْ بَيِّنَةُ الدَّاخِلِ بِسَبَبِ الْمِلْكِ، وَقَالَتْ: نَتَجَتْ فِي مِلْكِهِ، أَوْ اشْتَرَاهَا، أَوْ نَسَجَهَا. أَوْ كَانَتْ بَيِّنَتُهُ أَقْدَمَ تَارِيخًا، قُدِّمَتْ، وَإِلَّا قُدِّمَتْ بَيِّنَةُ الْمُدَّعِي. وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي ثَوْرٍ، فِي النِّتَاجِ وَالنَّسَّاجِ، فِيمَا لَا يَتَكَرَّرُ نَسْجُهُ، فَأَمَّا مَا يَتَكَرَّرُ نَسْجُهُ، كَالصُّوفِ وَالْخَزِّ، فَلَا تُسْمَعُ بَيِّنَتُهُ؛ لِأَنَّهَا إذَا شَهِدَتْ بِالسَّبَبِ، فَقَدْ أَفَادَتْ مَا لَا تُفِيدُهُ الْيَدُ، وَقَدْ رَوَى جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - اخْتَصَمَ إلَيْهِ رَجُلَانِ فِي دَابَّةٍ أَوْ بَعِيرٍ، فَأَقَامَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا الْبَيِّنَةَ بِأَنَّهَا لَهُ، أَنْتَجَهَا، فَقَضَى بِهَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِلَّذِي هِيَ فِي يَدِهِ.» وَذَكَرَ أَبُو الْخَطَّابِ، رِوَايَةً ثَالِثَةً، أَنَّ بَيِّنَةَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ تُقَدَّمُ بِكُلِّ حَالٍ. وَهُوَ قَوْلُ شُرَيْحٍ، وَالشَّعْبِيِّ، وَالنَّخَعِيِّ وَالْحَكَمِ وَالشَّافِعِيِّ، وَأَبِي عُبَيْدٍ. وَقَالَ: هُوَ قَوْلُ أَهْلِ الْمَدِينَةِ، وَأَهْلِ الشَّامِ.
وَرُوِيَ عَنْ طَاوُسٍ وَأَنْكَرَ الْقَاضِي كَوْنَ هَذَا رِوَايَةً عَنْ أَحْمَدَ، وَقَالَ: لَا تُقْبَلُ بَيِّنَةُ الدَّاخِلِ إذَا لَمْ تُفِدْ إلَّا مَا أَفَادَتْهُ يَدُهُ، رِوَايَةً وَاحِدَةً. وَاحْتَجَّ مَنْ ذَهَبَ إلَى هَذَا الْقَوْلِ بِأَنَّ جَنْبَةَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَقْوَى؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ مَعَهُ، وَيَمِينُهُ تُقَدَّمَ عَلَى يَمِينِ الْمُدَّعِي، فَإِذَا تَعَارَضَتْ الْبَيِّنَتَانِ، وَجَبَ إبْقَاءُ يَدِهِ عَلَى مَا فِيهَا، وَتَقْدِيمُهُ، كَمَا لَوْ لَمْ تَكُنْ بَيِّنَةٌ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا. وَحَدِيثُ جَابِرٍ يَدُلُّ عَلَى هَذَا، فَإِنَّهُ إنَّمَا قُدِّمَتْ بَيِّنَتَهُ لِيَدِهِ.

اسم الکتاب : المغني المؤلف : ابن قدامة المقدسي    الجزء : 10  صفحة : 245
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست