responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : المغني المؤلف : ابن قدامة المقدسي    الجزء : 10  صفحة : 244
وَنَحْوِهَا، سُمِعَتْ دَعْوَاهَا. بِغَيْرِ خِلَافٍ نَعْلَمُهُ؛ لِأَنَّهَا تَدَّعِي حَقًّا لَهَا تُضِيفُهُ إلَى سَبَبِهِ، فَتُسْمَعُ دَعْوَاهَا، كَمَا لَوْ ادَّعَتْ مِلْكًا أَضَافَتْهُ إلَى الشِّرَاءِ. وَإِنْ أَفْرَدَتْ دَعْوَى النِّكَاحِ، فَقَالَ الْقَاضِي: تُسْمَعُ دَعْوَاهَا أَيْضًا؛ لِأَنَّهُ سَبَبٌ لِحُقُوقٍ لَهَا، فَتُسْمَعُ دَعْوَاهَا فِيهِ، كَالْبَيْعِ. وَقَالَ أَبُو الْخَطَّابِ: فِيهِ وَجْهٌ آخَرُ، لَا تُسْمَعُ دَعْوَاهَا؛ فِيهِ لِأَنَّ النِّكَاحَ حَقٌّ لِلزَّوْجِ عَلَيْهَا، فَلَا تُسْمَعُ دَعْوَاهَا حَقًّا لِغَيْرِهَا. فَإِنْ قُلْنَا بِالْأَوَّلِ، سُئِلَ الزَّوْجُ، فَإِنْ أَنْكَرَ وَلَمْ تَكُنْ بَيِّنَةٌ، فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ مِنْ غَيْرٍ يَمِينٍ؛ لِأَنَّهُ إذَا لَمْ تُسْتَحْلَفْ الْمَرْأَةُ وَالْحَقُّ عَلَيْهَا، فَلَأَنْ لَا يُسْتَحْلَفَ مَنْ الْحَقُّ لَهُ، وَهُوَ يُنْكِرُهُ، أَوْلَى.
وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَسْتَحْلِفَ؛ لِأَنَّ دَعْوَاهَا إنَّمَا سُمِعَتْ لِتَضَمُّنِهَا دَعْوَى حُقُوقٍ مَالِيَّةٍ تُشْرَعُ فِيهَا الْيَمِينُ. وَإِنْ قَامَتْ الْبَيِّنَةُ بِالنِّكَاحِ، ثَبَتَ لَهَا مَا تَضَمَّنَهُ النِّكَاحُ مِنْ حُقُوقِهَا. وَأَمَّا إبَاحَتُهَا لَهُ، فَتَنْبَنِي عَلَى بَاطِنِ الْأَمْرِ، فَإِنْ عَلِمَ أَنَّهَا زَوْجَتُهُ حَلَّتْ لَهُ؛ لِأَنَّ إنْكَارَهُ النِّكَاحَ لَيْسَ بِطَلَاقٍ، وَلَا نَوَى بِهِ الطَّلَاقَ، وَإِنْ عَلِمَ أَنَّهَا لَيْسَتْ امْرَأَتَهُ؛ إمَّا لِعَدَمِ الْعَقْدِ، أَوْ لِبَيْنُونَتِهَا مِنْهُ، لَمْ تَحِلَّ لَهُ. وَهَلْ يُمَكَّنُ مِنْهَا فِي الظَّاهِرِ؟ يَحْتَمِلُ وَجْهَيْنِ؛ أَحَدُهُمَا، يُمَكَّنُ مِنْهَا؛ لِأَنَّ الْحَاكِمَ قَدْ حَكَمَ بِالزَّوْجِيَّةِ.
وَالثَّانِي، لَا يُمَكَّنُ مِنْهَا، لِإِقْرَارِهِ عَلَى نَفْسِهِ بِتَحْرِيمِهَا عَلَيْهِ، فَيُقْبَلُ قَوْلُهُ فِي حَقِّ نَفْسِهِ دُونَ مَا عَلَيْهِ، كَمَا لَوْ تَزَوَّجَ امْرَأَةً، ثُمَّ قَالَ: هِيَ أُخْتِي مِنْ الرَّضَاعَةِ. فَإِذَا ثَبَتَ هَذَا، فَإِنَّ دَعْوَاهَا النِّكَاحَ كَدَعْوَى الزَّوْجِ، فِيمَا ذَكَرْنَا، مِنْ الْكَشْفِ عَنْ سَبَبِ النِّكَاحِ، وَشَرَائِطِ الْعَقْدِ. وَمَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ قَرِيبٌ مِمَّا ذَكَرْنَا فِي هَذَا الْفَصْلِ.

[فَصْل مَا لَا يُشْتَرَطُ فِيهِ الْوَلِيُّ وَالشُّهُودُ]
(8499) فَصْلٌ: فَأَمَّا سَائِرُ الْعُقُودِ غَيْرُ النِّكَاحِ، كَالْبَيْعِ وَالْإِجَارَةِ وَالصُّلْحِ وَغَيْرِهَا، فَلَا يَفْتَقِرُ إلَى الْكَشْفِ، وَذِكْرِ الشُّرُوطِ، فِي أَصَحِّ الْوَجْهَيْنِ؛ لِأَنَّهَا لَا يُحْتَاطُ لَهَا وَلَا تَفْتَقِرُ إلَى الْوَلِيِّ وَالشُّهُودِ، فَلَمْ تَفْتَقِرْ إلَى الْكَشْفِ، كَدَعْوَى الْعَيْنِ، وَسَوَاءٌ كَانَ الْمَبِيعُ جَارِيَةً أَوْ غَيْرَهَا؛ لِأَنَّهَا مَبِيعٌ، فَأَشْبَهَتْ الْجَارِيَةَ، وَكَذَلِكَ إذَا كَانَ الْمُدَّعَى عَيْنًا أَوْ دَيْنًا، لَمْ يَحْتَجْ إلَى ذِكْرِ السَّبَبِ؛ لِأَنَّ أَسْبَابَ ذَلِكَ تَكْثُرُ وَلَا تَنْحَصِرُ، وَرُبَّمَا خَفِيَ عَلَى الْمُسْتَحِقِّ سَبَبُ اسْتِحْقَاقِهِ، فَلَا يُكَلَّفُ بَيَانَهُ، وَيَكْفِيه أَنْ يَقُولَ: أَسْتَحِقُّ هَذِهِ الْعَيْنَ الَّتِي فِي يَدِهِ، أَوْ أَسْتَحِقُّ كَذَا وَكَذَا فِي ذِمَّتِهِ. وَيَقُولَ فِي الْبَيْعِ: إنِّي اشْتَرَيْت مِنْهُ هَذِهِ الْجَارِيَةَ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ، أَوْ بِعْتهَا مِنْهُ بِذَلِكَ. وَلَا يَحْتَاجُ أَنْ يَقُولَ: وَهِيَ مِلْكُهُ، أَوْ وَهِيَ مِلْكِي - وَنَحْنُ جَائِزُ الْأَمْرِ - وَتَفَرَّقْنَا عَنْ تَرَاضٍ.
وَذَكَرِ أَبُو الْخَطَّابِ فِي الْعُقُودِ وَجْهًا آخَرَ، أَنَّهُ يُشْتَرَطُ ذِكْرُ شُرُوطِهَا، قِيَاسًا عَلَى النِّكَاحِ. وَذَكَرَ أَصْحَابُ الشَّافِعِيِّ هَذَيْنِ الْوَجْهَيْنِ، وَوَجْهًا ثَالِثًا، أَنَّهُ إنْ كَانَ الْمَبِيعُ جَارِيَةً، اُشْتُرِطَ ذِكْرُ شُرُوطِ الْبَيْعِ؛ لِأَنَّهُ

اسم الکتاب : المغني المؤلف : ابن قدامة المقدسي    الجزء : 10  صفحة : 244
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست