responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : المغني المؤلف : ابن قدامة المقدسي    الجزء : 10  صفحة : 242
[كِتَاب الدَّعَاوَى وَالْبَيِّنَاتِ]
الدَّعْوَى فِي اللُّغَةِ: إضَافَةُ الْإِنْسَانِ إلَى نَفْسِهِ شَيْئًا، مِلْكًا، أَوْ اسْتِحْقَاقًا، أَوْ صَفْقَةً، أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ. وَهِيَ فِي الشَّرْعِ: إضَافَتُهُ إلَى نَفْسِهِ اسْتِحْقَاقَ شَيْءٍ فِي يَدِ غَيْرِهِ، أَوْ فِي ذِمَّتِهِ. وَالْمُدَّعَى عَلَيْهِ، مَنْ يُضَافُ إلَيْهِ اسْتِحْقَاقُ شَيْءٍ عَلَيْهِ. وَقَالَ ابْنُ عَقِيلٍ: الدَّعْوَى الطَّلَبُ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَلَهُمْ مَا يَدَّعُونَ} [يس: 57] . وَقِيلَ: الْمُدَّعِي مَنْ يَلْتَمِسُ بِقَوْلِهِ أَخْذَ شَيْءٍ مِنْ يَدِ غَيْرِهِ، أَوْ إثْبَاتَ حَقٍّ فِي ذِمَّتِهِ. وَالْمُدَّعَى عَلَيْهِ مَنْ يُنْكِرُ ذَلِكَ. وَقِيلَ: الْمُدَّعِي مَنْ إذَا تُرِكَ لَمْ يَسْكُت، وَالْمُدَّعَى عَلَيْهِ مَنْ إذَا تُرِكَ سَكَتَ. وَقَدْ يَكُونُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مُدَّعِيًا وَمُدَّعًى عَلَيْهِ؛ بِأَنْ يَخْتَلِفَا فِي الْعَقْدِ، فَيَدَّعِي كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَنَّ الثَّمَنَ غَيْرُ الَّذِي ذَكَرَهُ صَاحِبُهُ.
وَالْأَصْلُ فِي الدَّعْوَى قَوْلُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لَوْ أُعْطِيَ النَّاسُ بِدَعْوَاهُمْ، لَادَّعَى قَوْمٌ دِمَاءَ قَوْمٍ وَأَمْوَالَهُمْ، وَلَكِنَّ الْيَمِينَ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ. وَفِي حَدِيثٍ: «الْبَيِّنَةُ عَلَى الْمُدَّعِي، وَالْيَمِينُ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ» . وَلَا تَصِحُّ الدَّعْوَى إلَّا مِنْ جَائِزِ التَّصَرُّفِ. (8496) مَسْأَلَةٌ؛ قَالَ أَبُو الْقَاسِم، - رَحِمَهُ اللَّهُ -: (وَمَنْ ادَّعَى زَوْجِيَّةَ امْرَأَةٍ، فَأَنْكَرَتْهُ، وَلَمْ تَكُنْ لَهُ بَيِّنَةٌ، فُرِّقَ بَيْنَهُمَا، وَلَمْ يُحَلَّفْ) وَجُمْلَتُهُ أَنَّ النِّكَاحَ لَا يُسْتَحْلَفُ فِيهِ، رِوَايَةٌ وَاحِدَةٌ. ذَكَرَهُ الْقَاضِي.
وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ. وَيَتَخَرَّجُ أَنْ يَسْتَحْلِفَ فِي كُلِّ حَقٍّ لِآدَمِيٍّ. وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ وَابْنِ الْمُنْذِرِ وَنَحْوُهُ قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ؛ لِقَوْلِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «وَلَكِنَّ الْيَمِينَ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ» . وَلِأَنَّهُ حَقٌّ لِآدَمِيٍّ، فَيَسْتَحْلِفُ فِيهِ، كَالْمَالِ، ثُمَّ اخْتَلَفُوا، فَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ: يَسْتَحْلِفُ فِي النِّكَاحِ، فَإِنْ نَكَلَ، أُلْزِمَ النِّكَاحَ. وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: إنْ نَكَلَ، رُدَّتْ الْيَمِينُ عَلَى الزَّوْجِ فَحَلَفَ، وَثَبَتَ النِّكَاحُ. وَلَنَا، أَنَّ هَذَا مِمَّا لَا يَحِلُّ بَذْلُهُ، فَلَمْ يَسْتَحْلِفْ فِيهِ، كَالْحَدِّ. يُحَقِّقُ هَذَا أَنَّ الْأَبْضَاعَ مِمَّا يُحْتَاطُ فِيهَا، فَلَا تُبَاحُ بِالنُّكُولِ، وَلَا بِهِ وَبِيَمِينِ الْمُدَّعِي، كَالْحُدُودِ، وَذَلِكَ لِأَنَّ النُّكُولَ لَيْسَ بِحُجَّةٍ قَوِيَّةٍ، إنَّمَا هُوَ سُكُوتٌ مُجَرَّدٌ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ لِخَوْفِهِ مِنْ الْيَمِينِ، أَوْ لِلْجَهْلِ بِحَقِيقَةِ الْحَالِ، أَوْ لِلْحَيَاءِ مِنْ الْحَلِفِ وَالتَّبَذُّلِ فِي مَجْلِسِ الْحَاكِمِ، وَمَعَ

اسم الکتاب : المغني المؤلف : ابن قدامة المقدسي    الجزء : 10  صفحة : 242
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست