responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : المغني المؤلف : ابن قدامة المقدسي    الجزء : 10  صفحة : 24
كَفَّارَةٌ ثَانِيَةٌ. نَصَّ عَلَيْهِ أَحْمَدُ؛ فَإِنَّهُ قَالَ، فِيمَنْ نَذَرَ صِيَامَ أَيَّامٍ، فَمَرِضَ فَإِنْ كَانَ قَدْ كَفَّرَ عَنْ الْأَوَّلِ، ثُمَّ أَفْطَرَ بَعْدَ ذَلِكَ، كَفَّرَ كَفَّارَةً أُخْرَى، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ كَفَّرَ عَنْ الْأَوَّلِ، فَكَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ، وَلَا يَكُونُ مِثْلَ الْيَمِينَ، إذَا حَنِثَ وَكَفَّرَ، سَقَطَتْ عَنْهُ. وَيَتَخَرَّجُ أَنَّهُ مَتَى كَفَّرَ مَرَّةً، لَمْ تَلْزَمْهُ كَفَّارَةٌ أُخْرَى؛ لِأَنَّ النَّذْرَ كَالْيَمِينِ، وَيُشْبِهُ الْيَمِينَ، وَإِيجَابُ الْكَفَّارَةِ فِيهِ لِذَلِكَ، وَالْيَمِينُ لَا يُوجِبُ أَكْثَرَ مِنْ كَفَّارَةٍ، فَمَتَى كَفَّرَهَا، لَمْ يَجِبْ بِهَا أُخْرَى، كَذَلِكَ النَّذْرُ. فَعَلَى هَذَا، مَتَى فَاتَهُ شَيْءٌ فَكَفَّرَ عَنْهُ، ثُمَّ فَاتَهُ شَيْءٌ آخَرُ، قَضَاهُ مِنْ غَيْرِ كَفَّارَةٍ؛ لِأَنَّ وُجُوبَ الْكَفَّارَةِ الثَّانِيَةِ لَا نَصَّ فِيهِ، وَلَا إجْمَاعَ وَلَا قِيَاسَ، فَلَا يُمْكِنُ إيجَابُهَا بِغَيْرِ دَلِيلٍ.

[فَصْلٌ نَذْرَ صَوْمِ سَنَةٍ بِعَيْنِهَا]
(8202) فَصْلٌ: إذَا نَذَرَ صَوْمَ سَنَةٍ بِعَيْنِهَا، لَمْ يَدْخُلْ فِي نَذْرِهِ رَمَضَانُ؛ لِأَنَّهُ لَا يَقْبَلُ غَيْرَ صَوْمِ رَمَضَانَ، فَأَشْبَهَ اللَّيْلَ، وَلَا يَوْمَا الْعِيدَيْنِ؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَهَى عَنْ صِيَامِهِمَا، وَلَا يَصِحُّ صَوْمُهُمَا عَنْ النَّذْرِ، فَأَشْبَهَا رَمَضَانَ. وَعَنْ أَحْمَدَ فِيمَنْ نَذَرَ صَوْمِ شَوَّالٍ، يَقْضِي يَوْمَ الْفِطْرِ، وَيُكَفِّرُ. فَعَلَى هَذِهِ الرِّوَايَةِ، يَدْخُلُ فِي نَذْرِهِ الْعِيدَانِ وَأَيَّامُ التَّشْرِيقِ؛ لِأَنَّهَا أَيَّامٌ مِنْ جُمْلَةِ السَّنَةِ.
وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ، وَفِي أَيَّامِ التَّشْرِيقِ رِوَايَتَانِ. وَإِنْ نَذَرَ صَوْمَ سَنَةٍ مُطْلَقَةٍ، فَهَلْ يَلْزَمُهُ صَوْمُ سَنَةٍ مُتَتَابِعَةٍ أَوْ لَا؟ فِيهِ رِوَايَتَانِ؛ إحْدَاهُمَا، يَلْزَمُهُ؛ لِأَنَّ السَّنَةَ الْمُطْلَقَةَ تَنْصَرِفُ إلَى الْمُتَتَابِعَةِ. فَعَلَى هَذِهِ الرِّوَايَةِ، حُكْمُهَا حُكْمُ الْمُعَيَّنَةِ، فِي أَنَّهُ لَا يَدْخُلُ فِيهَا الْعِيدَانِ وَلَا رَمَضَانُ، وَفِي أَيَّامِ التَّشْرِيقِ رِوَايَتَانِ، فَإِنْ ابْتَدَأَهَا مِنْ أَوَّلِ شَهْرٍ، أَتَمَّ أَحَدَ عَشَرِ شَهْرًا بِالْهِلَالِ، إلَّا شَهْرَ شَوَّالٍ، فَإِنَّهُ يُتِمُّهُ بِالْعَدَدِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَصُمْ مِنْ أَوَّلِهِ، وَإِنْ ابْتَدَأَهَا مِنْ أَثْنَاءِ شَهْرٍ، أَتَمَّ ذَلِكَ الشَّهْرَ بِالْعَدَدِ، وَالْبَاقِيَ بِالْهِلَالِ، عَلَى مَا ذَكَرْنَا.
وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ: لَا تَلْزَمُهُ مُتَابَعَةٌ. وَهُوَ مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ؛ لِأَنَّ الْمُتَفَرِّقَةَ تُسَمَّى سَنَةً، فَيَتَنَاوَلُهَا نَذْرُهُ، فَيَلْزَمُهُ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا بِالْأَهِلَّةِ، إنْ شَاءَ، وَإِنْ شَاءَ صَامَهَا بِالْعَدَدِ. وَإِنْ ابْتَدَأَ الشَّهْرَ مِنْ أَثْنَائِهِ، أَتَمَّهُ ثَلَاثِينَ يَوْمًا. وَإِنَّمَا لَزِمَهُ هَاهُنَا اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا؛ لِأَنَّهُ يُمْكِنُ حَمْلُ النَّذْرِ عَلَى سَنَةٍ لَيْسَ فِيهَا رَمَضَانُ، وَلَا الْأَيَّامُ الَّتِي لَا يَجُوزُ صِيَامُهَا، فَجُعِلَ نَذْرُهُ عَلَى مَا يَنْعَقِدُ فِيهِ النَّذْرُ، بِخِلَافِ مَا إذَا عَيَّنَ السَّنَةَ، وَهَذَا كَمَنْ عَيَّنَ سِلْعَةً بِالْعَقْدِ، فَوَجَدَ بِهَا عَيْبًا، لَمْ يَكُنْ لَهُ إبْدَالُهَا، وَلَوْ وَصَفَهَا ثُمَّ وَجَدَهَا مَعِيبَةً، مَلَكَ إبْدَالَهَا، وَيُتِمُّ شَوَّالًا بِالْعَدَدِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَبْدَأْهُ مِنْ أَوَّلِهِ.
وَإِنْ صَامَ ذَا الْحِجَّةِ مِنْ أَوَّلِهِ، قَضَى أَرْبَعَةَ أَيَّامٍ، تَامًّا كَانَ أَوْ نَاقِصًا؛ لِأَنَّهُ بَدَأَهُ مِنْ أَوَّلِهِ. وَقِيلَ: إنْ كَانَ نَاقِصًا قَضَى خَمْسَةً لِيُكْمِلَهُ ثَلَاثِينَ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَصُمْ الشَّهْرَ كُلَّهُ، فَأَشْبَهَ شَوَّالًا. وَإِنْ شَرَطَ التَّتَابُعَ، صَارَ حُكْمُهَا حُكْمَ الْمُعَيَّنَةِ.

اسم الکتاب : المغني المؤلف : ابن قدامة المقدسي    الجزء : 10  صفحة : 24
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست