responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : المغني المؤلف : ابن قدامة المقدسي    الجزء : 10  صفحة : 233
الْقَبَائِلِ، أَوْ فِي مَسْجِدِهِ إنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الْمَسَاجِدِ، وَيَقُولُ الْمُوَكَّلُ بِهِ: إنَّ الْحَاكِمَ يَقْرَأُ عَلَيْكُمْ السَّلَامَ، وَيَقُولُ: هَذَا شَاهِدُ زُورٍ، فَاعْرِفُوهُ. وَهَذَا مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ وَأُتِيَ الْوَلِيدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ بِشَاهِدِ الزُّورِ، فَأَمَرَ بِقَطْعِ لِسَانِهِ، وَعِنْدَهُ الْقَاسِمُ وَسَالِمٌ، فَقَالَا: سُبْحَانَ اللَّهِ، بِحَسْبِهِ أَنْ يُخْفَقَ سَبْعَ خَفَقَاتٍ، وَيُقَامَ بَعْدَ الْعَصْرِ، فَيُقَالَ: هَذَا أَبُو قُبَيْسٍ، وَجَدْنَاهُ شَاهِدَ زُورٍ. فَفَعَلَ ذَلِكَ بِهِ. وَلَا يُسَخَّمُ وَجْهُهُ، وَلَا يُرَكَّبُ، وَلَا يُكَلَّفُ أَنْ يُنَادِيَ عَلَى نَفْسِهِ.
وَقَدْ رُوِيَ عَنْ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّهُ يُجْلَدُ أَرْبَعِينَ جَلْدَةً، وَيُسَخَّمُ وَجْهُهُ، وَيُطَالُ حَبْسُهُ. رَوَاهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ.
وَقَالَ سَوَّارٌ: يُلَبَّبُ، وَيُدَارُ بِهِ عَلَى حَلَقَ الْمَسْجِدِ، فَيَقُولُ: مَنْ رَآنِي فَلَا يَشْهَدْ بُزُورٍ. وَرُوِيَ عَنْ عَبْدِ الْمِلْكِ بْنِ يَعْلَى، قَاضِي الْبَصْرَةِ، أَنَّهُ أَمَرَ بِحَلْقِ نِصْفِ رُءُوسِهِمْ، وَتَسْخِيمِ وُجُوهِهِمْ، وَيُطَافُ بِهِمْ فِي الْأَسْوَاقِ، وَاَلَّذِي شَهِدُوا لَهُ مَعَهُمْ. وَلَنَا، أَنَّ هَذَا مُثْلَةٌ، وَقَدْ نَهَى النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ الْمُثْلَةِ.
وَمَا رُوِيَ عَنْ عُمَرَ، فَقَدْ رُوِيَ عَنْهُ خِلَافُهُ، وَأَنَّهُ حَبَسَهُ يَوْمًا وَخَلَّى سَبِيلَهُ. وَفِي الْجُمْلَةِ لَيْسَ فِي هَذَا تَقْدِيرًا شَرْعِيًّا، فَمَا فَعَلَ الْحَاكِمُ مِمَّا يَرَاهُ، مَا لَمْ يَخْرُجْ إلَى مُخَالَفَةِ نَصٍّ أَوْ مَعْنَى نَصٍّ فَلَهُ ذَلِكَ، وَلَا يُفْعَلُ بِهِ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ حَتَّى يُتَحَقَّقَ أَنَّهُ شَاهِدُ زُورٍ، وَتَعَمَّدَ ذَلِكَ، إمَّا بِإِقْرَارِهِ، أَوْ يَشْهَدُ عَلَى رَجُلٍ بِفِعْلٍ فِي الشَّامِ فِي وَقْتٍ، وَيُعْلَمُ أَنَّ الْمَشْهُودَ عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ فِي الْعِرَاقِ، أَوْ يَشْهَدُ بِقَتْلِ رَجُلٍ، وَهُوَ حَيٌّ، أَوْ أَنَّ هَذِهِ الْبَهِيمَةَ فِي يَدِ هَذَا مُنْذُ ثَلَاثَةِ أَعْوَامٍ. وَسِنُّهَا أَقَلُّ مِنْ ذَلِكَ، أَوْ يَشْهَدُ عَلَى رَجُلٍ أَنَّهُ فَعَلَ شَيْئًا فِي وَقْتٍ، وَقَدْ مَاتَ قَبْلَ ذَلِكَ الْوَقْتِ، أَوْ لَمْ يُولَدْ إلَّا بَعْدَهُ، وَأَشْبَاهِ هَذَا مِمَّا يُتَيَقَّنُ بِهِ كَذِبُهُ، وَيُعْلَمُ تَعَمُّدُهُ لِذَلِكَ.
فَأَمَّا تَعَارُضُ الْبَيِّنَتَيْنِ، أَوْ ظُهُورُ فِسْقِهِ، أَوْ غَلَطِهِ فِي شَهَادَتِهِ، فَلَا يُؤَدَّبُ بِهِ؛ لِأَنَّ الْفِسْقَ لَا يَمْنَعُ الصِّدْقَ، وَالتَّعَارُضَ لَا يُعْلَمُ بِهِ كِذْبُ إحْدَى الْبَيِّنَتَيْنِ بِعَيْنِهَا، وَالْغَلَطَ قَدْ يَعْرِضُ لِلصَّادِقِ الْعَدْلِ وَلَا يَتَعَمَّدُهُ، فَيُعْفَى عَنْهُ، وَقَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ} [الأحزاب: 5] . وَقَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «عُفِيَ لِأُمَّتِي عَنْ الْخَطَأِ، وَالنِّسْيَانِ، وَمَا اُسْتُكْرِهُوا عَلَيْهِ» .

اسم الکتاب : المغني المؤلف : ابن قدامة المقدسي    الجزء : 10  صفحة : 233
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست