responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : المغني المؤلف : ابن قدامة المقدسي    الجزء : 10  صفحة : 222
نَصِيبُهُ مِنْ الدِّيَةِ الْمُخَفَّفَةِ. وَإِنْ كَانَ الشُّهُودُ أَكْثَرَ مِنْ اثْنَيْنِ فِي الْحُقُوقِ الْمَالِيَّةِ، أَوْ الْقِصَاصِ، وَنَحْوِهِ، فَمَا ثَبَتَ بِشَاهِدَيْنِ، أَوْ أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعَةٍ، فَرَجَعَ الزَّائِدُ مِنْهُمْ قَبْلَ الْحُكْمِ وَالِاسْتِيفَاءِ، لَمْ يَمْنَعْ ذَلِكَ الْحُكْمَ وَلَا الِاسْتِيفَاءَ؛ لِأَنَّ مَا بَقِيَ مِنْ الْبَيِّنَةِ كَافٍ فِي إثْبَاتِ الْحُكْمِ وَاسْتِيفَائِهِ. وَإِنْ رَجَعَ بَعْدَ الِاسْتِيفَاءِ، فَعَلَيْهِ الْقِصَاصُ إنْ أَقَرَّ بِمَا يُوجِبُهُ، أَوْ قِسْطُهُ مِنْ الدِّيَةِ، أَوْ مِنْ الْمُفَوِّتِ بِشَهَادَتِهِمْ إنْ كَانَ غَيْرَ ذَلِكَ. وَفِي ذَلِكَ اخْتِلَافٌ سَنَذْكُرُهُ، إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.

[مَسْأَلَة كَانَتْ شَهَادَتُهُمَا بِمَالٍ ثُمَّ رَجَعَا بَعْدَ الْحُكْم]
(8456) مَسْأَلَةٌ؛ قَالَ: (وَإِنْ كَانَتْ شَهَادَتُهُمَا بِمَالٍ، غَرِمَاهُ، وَلَمْ يَرْجِعْ بِهِ عَلَى الْمَحْكُومِ لَهُ بِهِ، سَوَاءٌ كَانَ الْمَالُ قَائِمًا أَوْ تَالِفًا) أَمَّا كَوْنُهُ لَا يَرْجِعُ بِهِ عَلَى الْمَحْكُومِ لَهُ بِهِ فَلَا نَعْلَمُ فِيهِ بَيْنَ أَهْلِ الْعِلْمِ خِلَافًا، سِوَى مَا حَكَيْنَاهُ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ وَالْأَوْزَاعِيِّ وَقَدْ ذَكَرْنَا الْكَلَامَ مَعَهُمَا فِيمَا مَضَى. فَأَمَّا الرُّجُوعُ بِهِ عَلَى الشَّاهِدَيْنِ، فَهُوَ قَوْلُ أَكْثَرِ أَهْلِ الْعِلْمِ؛ مِنْهُمْ مَالِكٌ وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ، وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ الْقَدِيمُ، وَقَالَ فِي الْجَدِيدِ لَا يَرْجِعُ عَلَيْهِمَا بِشَيْءٍ، إلَّا أَنْ يَشْهَدَا بِعِتْقِ عَبْدٍ فَيَضْمَنَا قِيمَتَهُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُوجَدْ مِنْهُمَا إتْلَافٌ لِلْمَالِ، وَلَا يَدٌ عَادِيَةٌ عَلَيْهِ، فَلَمْ يَضْمَنَا، كَمَا لَوْ رُدَّتْ شَهَادَتُهُمَا.
وَلَنَا، أَنَّهُمَا أَخْرَجَا مَالَهُ مِنْ يَدِهِ بِغَيْرِ حَقٍّ، وَحَالَا بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ، فَلَزِمَهُمَا الضَّمَانُ، كَمَا لَوْ شَهِدَا بِعِتْقِهِ، وَلِأَنَّهُمَا أَزَالَا يَدَ السَّيِّدِ عَنْ عَبْدِهِ بِشَهَادَتِهِمَا الْمَرْجُوعِ عَنْهَا فَأَشْبَهَ مَا لَوْ شَهِدَا بِحُرِّيَّتِهِ؛ وَلِأَنَّهُمَا تَسَبَّبَا إلَى إتْلَافِ حَقِّهِ بِشَهَادَتِهِمَا بِالزُّورِ عَلَيْهِ، فَلَزِمَهُمَا الضَّمَانُ، كَشَاهِدَيْ الْقِصَاصِ. يُحَقِّقُ هَذَا، أَنَّهُ إذَا أَلْزَمَهُمَا الْقِصَاصَ الَّذِي يُدْرَأُ بِالشُّبُهَاتِ، فَوُجُوبُ الْمَالِ أَوْلَى.
وَقَوْلُهُمْ: إنَّهُمَا مَا أَتْلَفَا الْمَالَ. يَبْطُلُ بِمَا إذَا شَهِدَا بِعِتْقِهِ، فَإِنَّ الرِّقَّ فِي الْحَقِيقَةِ لَا يَزُولُ بِشَهَادَةِ الزُّورِ، وَإِنَّمَا حَالَا بَيْنَ سَيِّدِهِ وَبَيْنَهُ، وَفِي مَوْضِعِ إتْلَافِ الْمَالِ، فَهُمَا تَسَبَّبَا إلَى تَلَفِهِ، فَيَلْزَمُهُمَا ضَمَانُ مَا تَلِفَ بِسَبَبِهِمَا، كَشَاهِدَيْ الْقِصَاصِ، وَشُهُودِ الزِّنَى، وَحَافِرِ الْبِئْرِ، وَنَاصِبِ السِّكِّينِ.

[مَسْأَلَة شَهِدَا بِالْعَبْدِ أَوْ الْأَمَةِ لِغَيْرِ مَالِكِهِ]
(8457) مَسْأَلَةٌ؛ قَالَ: (وَإِنْ كَانَ الْمَحْكُومُ بِهِ عَبْدًا أَوْ أَمَةً، غَرِمَا قِيمَتَهُ) أَمَّا إذَا شَهِدَا بِالْعَبْدِ أَوْ الْأَمَةِ لِغَيْرِ مَالِكِهِ، فَالْحُكْمُ فِي ذَلِكَ كَالْحُكْمِ فِي الشَّهَادَةِ بِالْمَالِ عَلَى مَا ذَكَرْنَا مِنْ الْخِلَافِ فِيهِ؛ لِأَنَّهَا مِنْ جُمْلَةِ الْمَالِ.
وَإِنْ شَهِدَا بِحُرِّيَّتِهِمَا، ثُمَّ رَجَعَا عَنْ الشَّهَادَةِ، لَزِمَهُمَا غَرَامَةُ قِيمَتِهَا لَسَيِّدِهِمَا، بِغَيْرِ خِلَافٍ بَيْنَهُمْ فِيهِ، فَإِنَّ الْمُخَالِفَ فِي الَّتِي قَبْلَهَا هُوَ الشَّافِعِيُّ، وَقَدْ وَافَقَ هَاهُنَا، وَهُوَ حُجَّةٌ عَلَيْهِ فِيمَا خَالَفَ فِيهِ، فَإِنَّ إخْرَاجَ الْعَبْدِ عَنْ يَدِ سَيِّدِهِ بِالشَّهَادَةِ بِحُرِّيَّتِهِ، كَإِخْرَاجِهِ عَنْهَا بِالشَّهَادَةِ بِهِ لِغَيْرِ مَالِكِهِ، فَإِذَا لَزِمَهُ الضَّمَانُ ثَمَّ، لَزِمَهُ هَاهُنَا، وَغَرِمَا الْقِيمَةَ؛ لِأَنَّ الْعَبِيدَ مِنْ الْمُتَقَوِّمَاتِ، لَا مِنْ ذَوَاتِ الْأَمْثَالِ.

اسم الکتاب : المغني المؤلف : ابن قدامة المقدسي    الجزء : 10  صفحة : 222
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست