responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : المغني المؤلف : ابن قدامة المقدسي    الجزء : 10  صفحة : 214
أَحَدُهُمَا، الْحُدُودُ، فَلَا تُشْرَعُ فِيهَا يَمِينٌ. لَا نَعْلَمُ فِي هَذَا خِلَافًا؛ لِأَنَّهُ لَوْ أَقَرَّ، ثُمَّ رَجَعَ عَنْ إقْرَارِهِ، قُبِلَ مِنْهُ، وَخُلِّيَ مِنْ غَيْرِ يَمِينٍ، فَلَأَنْ لَا يَسْتَحْلِفَ مَعَ عَدَمِ الْإِقْرَارِ أَوْلَى، وَلِأَنَّهُ يُسْتَحَبُّ سَتْرُهُ، وَالتَّعْرِيضُ لِلْمُقِرِّ بِهِ، بِالرُّجُوعِ عَنْ إقْرَارِهِ، وَلِلشُّهُودِ بِتَرْكِ الشَّهَادَةِ وَالسَّتْرِ عَلَيْهِ، قَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِهَزَّالٍ، فِي قِصَّةِ مَاعِزٍ: «يَا هَزَّالُ، لَوْ سَتَرْته بِثَوْبِك، لَكَانَ خَيْرًا لَك» . فَلَا تُشْرَعُ فِيهِ يَمِينٌ بِحَالٍ.
النَّوْعُ الثَّانِي، الْحُقُوقُ الْمَالِيَّةُ، كَدَعْوَى السَّاعِي الزَّكَاةَ عَلَى رَبِّ الْمَالِ، وَأَنَّ الْحَوْلَ قَدْ تَمَّ وَكَمُلَ النِّصَابُ، فَقَالَ أَحْمَدُ: الْقَوْلُ قَوْلُ رَبِّ الْمَالِ، مِنْ غَيْرِ يَمِينٍ، وَلَا يُسْتَحْلَفُ النَّاسُ عَلَى صَدَقَاتِهِمْ. وَقَالَ الشَّافِعِيُّ، وَأَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ: يَسْتَحْلِفُ؛ لِأَنَّهَا دَعْوَى مَسْمُوعَةٌ، أَشْبَهَ حَقَّ الْآدَمِيِّ. وَلَنَا، أَنَّهُ حَقٌّ لِلَّهِ تَعَالَى، أَشْبَهَ الْحَدَّ، وَلِأَنَّ ذَلِكَ عِبَادَةٌ، فَلَا يَسْتَحْلِفُ عَلَيْهَا كَالصَّلَاةِ.
وَلَوْ ادَّعَى عَلَيْهِ، أَنَّ عَلَيْهِ كَفَّارَةَ يَمِينٍ أَوْ ظِهَارٍ، أَوْ نَذْرَ صَدَقَةٍ أَوْ غَيْرِهَا، فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ فِي نَفْيِ ذَلِكَ مِنْ غَيْرِ يَمِينٍ، وَلَا تُسْمَعُ الدَّعْوَى فِي هَذَا، وَلَا فِي حَدٍّ لِلَّهِ تَعَالَى؛ لِأَنَّهُ لَا حَقَّ لِلْمُدَّعِي فِيهِ، وَلَا وِلَايَةَ لَهُ عَلَيْهِ، فَلَا تُسْمَعُ مِنْهُ دَعْوَاهُ حَقًّا لِغَيْرِهِ مِنْ غَيْرِ إذْنِهِ، وَلَا وِلَايَةَ لَهُ عَلَيْهِ. فَإِنْ تَضَمَّنَتْ دَعْوَاهُ حَقًّا لَهُ، مِثْلُ أَنْ يَدَّعِيَ سَرِقَةَ مَالِهِ، لِيُضَمِّنَ السَّارِقَ، أَوْ يَأْخُذَ مِنْهُ مَا سَرَقَهُ، أَوْ يَدَّعِيَ عَلَيْهِ الزِّنَى بِجَارِيَتِهِ؛ لِيَأْخُذَ مَهْرَهَا مِنْهُ، سُمِعَتْ دَعْوَاهُ، وَيَسْتَحْلِفُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ لِحَقِّ الْآدَمِيِّ، دُونَ حَقِّ اللَّهِ تَعَالَى.

[مَسْأَلَة مِنْ شَرْطِ صِحَّةِ الشَّهَادَةِ عَلَى الزِّنَى]
(8445) مَسْأَلَةٌ؛ قَالَ: (وَإِذَا شَهِدَ مِنْ الْأَرْبَعَةِ اثْنَانِ، أَنَّ هَذَا زَنَى بِهَا فِي هَذَا الْبَيْتِ، وَشَهِدَ الْآخَرَانِ أَنَّهُ زَنَى بِهَا فِي الْبَيْتِ الْآخَرِ، فَالْأَرْبَعَةُ قَذَفَةٌ، وَعَلَيْهِمْ الْحَدُّ) . وَجُمْلَتُهُ، أَنَّ مِنْ شَرْطِ صِحَّةِ الشَّهَادَةِ عَلَى الزِّنَى، اجْتِمَاعُ الشُّهُودِ الْأَرْبَعَةِ عَلَى فِعْلٍ وَاحِدٍ، فَإِنْ لَمْ يَجْتَمِعُوا، لَمْ تَكْمُلْ الشَّهَادَةُ، وَكَانَ الْجَمِيعُ قَذَفَةً، وَعَلَيْهِمْ الْحَدُّ، فَإِذَا شَهِدَ اثْنَانِ أَنَّهُ زَنَى بِهَا فِي هَذَا الْبَيْتِ، وَاثْنَانِ أَنَّهُ زَنَى بِهَا فِي بَيْتٍ آخَرَ، فَمَا اجْتَمَعُوا عَلَى الشَّهَادَةِ بِزِنًى وَاحِدٍ؛ لِأَنَّ الزِّنَى فِي هَذَا الْبَيْتِ غَيْرُ الزِّنَى فِي الْآخَرِ، فَلَمْ تَكْمُلْ شَهَادَتُهُمْ، وَيُحَدُّونَ حَدَّ الْقَذْفِ. وَبِهَذَا قَالَ مَالِكٌ، وَالشَّافِعِيُّ فِي أَحَدِ قَوْلَيْهِ.
وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: تَكْمُلُ شَهَادَتُهُمْ، وَيُحَدُّ الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ. وَاسْتَبْعَدَهُ أَبُو الْخَطَّابِ، وَقَالَ: هَذَا سَهْوٌ مِنْ النَّاقِلِ؛ لِأَنَّهُ يُخَالِفُ الْأُصُولَ وَالْإِجْمَاعَ، وَالْحَدُّ يُدْرَأُ بِالشُّبُهَاتِ، فَكَيْفَ يَجِبُ بِهَا، وَقَالَ النَّخَعِيُّ، وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ وَأَبُو ثَوْرٍ، وَالشَّافِعِيُّ فِي قَوْلٍ: لَا حَدَّ عَلَى الشُّهُودِ؛ لِأَنَّهُمْ كَمَّلُوا أَرْبَعَةً، وَلَا عَلَى الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُمْ لَمْ يَشْهَدُوا بِزِنًى وَاحِدٍ يَجِبُ الْحَدُّ بِهِ.
وَلَنَا، أَنَّهُمْ لَمْ يَشْهَدُوا بِزِنًى وَاحِدٍ، فَلَزِمَهُمْ الْحَدُّ، كَمَا لَوْ شَهِدَ اثْنَانِ أَنَّهُ زَنَى بِامْرَأَةٍ، وَاثْنَانِ أَنَّهُ زَنَى بِغَيْرِهَا،

اسم الکتاب : المغني المؤلف : ابن قدامة المقدسي    الجزء : 10  صفحة : 214
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست