responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : المغني المؤلف : ابن قدامة المقدسي    الجزء : 10  صفحة : 213
الْإِبْرَاءَ وَالِاسْتِيفَاءَ مَعَ يَمِينِهِ، وَيَكْفِيه أَنْ يَحْلِفَ بِاَللَّهِ أَنَّ هَذَا الْحَقَّ - وَيُسَمِّيه تَسْمِيَةً يَصِيرُ بِهَا مَعْلُومًا - مَا بَرِئَتْ ذِمَّتُك مِنْهُ، وَلَا مِنْ شَيْءٍ مِنْهُ، أَوْ مَا بَرِئَتْ ذِمَّتك مِنْ ذَلِكَ الْحَقِّ، وَلَا مِنْ شَيْءٍ مِنْهُ. وَإِنْ ادَّعَى اسْتِيفَاءَهُ، أَوْ الْبَرَاءَةَ بِجِهَةٍ مَعْلُومَةٍ، حَلَفَ عَلَى تِلْكَ الْجِهَةِ وَحْدَهَا، وَكَفَاهُ.

[فَصْل الْيَمِين فِي الْحُقُوقُ عَلَى ضَرْبَيْنِ]
(8444) فَصْلٌ: وَالْحُقُوقُ عَلَى ضَرْبَيْنِ؛ أَحَدُهُمَا، مَا هُوَ حَقٌّ لِآدَمِيٍّ. وَالثَّانِي، مَا هُوَ حَقٌّ لِلَّهِ تَعَالَى. فَحَقُّ الْآدَمِيِّ يَنْقَسِمُ قِسْمَيْنِ؛ أَحَدُهُمَا، مَا هُوَ مَالٌ، أَوْ الْمَقْصُودُ مِنْهُ الْمَالُ، فَهَذَا تُشْرَعُ فِيهِ الْيَمِينُ، بِلَا خِلَافٍ بَيْنَ أَهْلِ الْعِلْمِ، فَإِذَا لَمْ تَكُنْ لِلْمُدَّعِي بَيِّنَةٌ، حَلَفَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ، وَبَرِئَ. وَقَدْ ثَبَتَ هَذَا فِي قِصَّةِ الْحَضْرَمِيِّ وَالْكِنْدِيِّ اللَّذَيْنِ اخْتَلَفَا فِي الْأَرْضِ، وَعُمُومِ قَوْلِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «وَلَكِنَّ الْيَمِينَ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ» .
الْقِسْمُ الثَّانِي، مَا لَيْسَ بِمَالٍ، وَلَا الْمَقْصُودُ مِنْهُ الْمَالُ، وَهُوَ كُلُّ مَا لَا يَثْبُتُ إلَّا بِشَاهِدَيْنِ؛ كَالْقِصَاصِ، وَحَدِّ الْقَذْفِ، وَالنِّكَاحِ، وَالطَّلَاقِ، وَالرَّجْعَةِ، وَالْعِتْقِ، وَالنَّسَبِ، وَالِاسْتِيلَادِ، وَالْوَلَاءِ، وَالرِّقِّ، فَفِيهِ رِوَايَتَانِ؛ إحْدَاهُمَا، لَا يَسْتَحْلِفُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ، وَلَا تُعْرَضُ عَلَيْهِ الْيَمِينُ. قَالَ أَحْمَدُ: لَمْ أَسْمَعْ مَنْ مَضَى جَوَّزُوا الْأَيْمَانَ إلَّا فِي الْأَمْوَالِ وَالْعُرُوضِ خَاصَّةً.
وَهَذَا قَوْلُ مَالِكٍ. وَنَحْوُهُ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ، فَإِنَّهُ قَالَ: لَا يَسْتَحْلِفُ فِي النِّكَاحِ، وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ مِنْ دَعْوَى الرَّجْعَةِ وَالْفَيْئَةِ فِي الْإِيلَاءِ، وَلَا فِي الرِّقِّ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ مِنْ الِاسْتِيلَادِ وَالْوَلَاءِ وَالنَّسَبِ؛ لِأَنَّ هَذِهِ الْأَشْيَاءَ لَا يَدْخُلُهَا الْبَدَلُ، وَإِنَّمَا تُعْرَضُ الْيَمِينُ فِيمَا يَدْخُلُهُ الْبَدَلُ؛ فَإِنَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ مُخَيَّرٌ بَيْنَ أَنْ يَحْلِفَ أَوْ يُسَلِّمَ، وَلِأَنَّ هَذِهِ الْأَشْيَاءَ لَا تَثْبُتُ إلَّا بِشَاهِدَيْنِ ذَكَرَيْنِ، فَلَا تُعْرَضُ فِيهَا الْيَمِينُ كَالْحُدُودِ. وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ، يَسْتَحْلِفُ فِي الطَّلَاقِ، وَالْقِصَاصِ، وَالْقَذْفِ. وَقَالَ الْخِرَقِيِّ: إذَا قَالَ: ارْتَجَعْتُك. فَقَالَتْ: انْقَضَتْ عِدَّتِي قَبْلَ رَجْعَتِك. فَالْقَوْلُ قَوْلُهَا مَعَ يَمِينِهَا.
وَإِذَا اُخْتُلِفَ فِي مُضِيِّ الْأَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ، فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ مَعَ يَمِينِهِ. فَيُخَرَّجُ مِنْ هَذَا، أَنَّهُ يُسْتَحْلَفُ فِي كُلِّ حَقٍّ لِآدَمِيٍّ. وَهَذَا قَوْلُ الشَّافِعِيِّ، وَأَبِي يُوسُفَ، وَمُحَمَّدٍ؛ لِقَوْلِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لَوْ يُعْطَى النَّاسُ بِدَعْوَاهُمْ، لَادَّعَى قَوْمٌ دِمَاءَ قَوْمٍ وَأَمْوَالَهُمْ، وَلَكِنَّ الْيَمِينَ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ» . أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ. وَهَذَا عَامٌ فِي كُلِّ مُدَّعَى عَلَيْهِ، وَهُوَ ظَاهِرٌ فِي دَعْوَى الدِّمَاءِ؛ لِذِكْرِهَا فِي الدَّعْوَى مَعَ عُمُومِ الْأَحَادِيثِ، وَلِأَنَّهَا دَعْوَى صَحِيحَةٌ فِي حَقٍّ لِآدَمِيٍّ، فَجَازَ أَنْ يَحْلِفَ فِيهَا الْمُدَّعَى عَلَيْهِ، كَدَعْوَى الْمَالِ.
الضَّرْبُ الثَّانِي، حُقُوقُ اللَّهِ تَعَالَى، وَهِيَ نَوْعَانِ؛

اسم الکتاب : المغني المؤلف : ابن قدامة المقدسي    الجزء : 10  صفحة : 213
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست