responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : المغني المؤلف : ابن قدامة المقدسي    الجزء : 10  صفحة : 20
مِثْلَمَا صَنَعُوا. وَعَلَى هَذَا نَذْرُ الشَّمْعِ وَالزَّيْتِ، وَأَشْبَاهِهِ، لِلْأَمَاكِنِ الَّتِي فِيهَا الْقُبُورُ، لَا يَصِحُّ.

[فَصْلٌ نَذْرَ الذَّبْحَ بِمَكَّة]
(8194) فَصْلٌ: وَإِنْ نَذَرَ الذَّبْحَ بِمَكَّةَ، فَهُوَ كَنَذْرِ الْهَدْيِ إلَيْهَا؛ لِأَنَّ مُطْلَقَ النَّذْرِ مَحْمُولٌ عَلَى مَعْهُودِ الشَّرْعِ، وَمَعْهُودُ الشَّرْعِ فِي الذَّبْحِ الْوَاجِبِ بِهَا أَنْ يُفَرَّقَ اللَّحْمُ بِهَا.

[مَسْأَلَةٌ نَذْر صِيَام شَهْر مِنْ يَوْم يَقْدَم فُلَان فَقَدِمَ أَوَّل يَوْم مِنْ شَهْر رَمَضَانَ]
(8195) مَسْأَلَةٌ؛ قَالَ: (وَإِذَا نَذَرَ صِيَامَ شَهْرٍ مِنْ يَوْمِ يَقْدَمُ فُلَانٌ، فَقَدِمَ أَوَّلَ يَوْمٍ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ، أَجْزَأَهُ صِيَامُهُ لِرَمَضَانَ وَنَذْرِهِ) ظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ، أَنَّ نَذْرَ هَذَا مُنْعَقِدٌ، لَكِنَّ صِيَامَهُ يُجْزِئُ عَنْ النَّذْرِ وَرَمَضَانَ. وَهُوَ قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ.
وَهُوَ قِيَاسُ قَوْلِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَعِكْرِمَةَ؛ لِأَنَّهُ نَذَرَ صَوْمًا فِي وَقْتٍ، وَقَدْ صَامَ فِيهِ. وَقَالَ الْقَاضِي: ظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ، أَنَّ النَّذْرَ غَيْرُ مُنْعَقِدٍ؛ لِأَنَّ نَذْرَهُ وَافَقَ زَمَنًا يُسْتَحَقُّ صَوْمُهُ، فَلَمْ يَنْعَقِدْ نَذْرُهُ، كَنَذْرِ صَوْمِ رَمَضَانَ. قَالَ: وَالصَّحِيحُ عِنْدِي صِحَّةُ النَّذْرِ؛ لِأَنَّهُ نَذْرُ طَاعَةٍ يُمْكِنُ الْوَفَاءُ بِهِ غَالِبًا، فَانْعَقَدَ، كَمَا لَوْ وَافَقَ شَعْبَانَ. فَعَلَى هَذَا يَصُومُ رَمَضَانَ، ثُمَّ يَقْضِي، وَيُكَفِّرُ. وَهَذَا اخْتِيَارُ أَبِي بَكْرٍ. وَنَقَلَ جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَحْمَدَ، أَنَّ عَلَيْهِ الْقَضَاءُ.
وَقَوْلُ الْخِرَقِيِّ: أَجْزَأَهُ صِيَامُهُ لِرَمَضَانَ وَنَذْرِهِ. دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ نَذْرَهُ انْعَقَدَ عِنْدَهُ، لَوْلَا ذَلِكَ لَمَا كَانَ صَوْمُهُ عَنْ نَذْرِهِ. وَقَدْ نَقَلَ أَبُو الْخَطَّابِ، عَنْ أَحْمَدَ، فِيمَنْ نَذَرَ أَنْ يَحُجَّ وَعَلَيْهِ حِجَّةٌ مَفْرُوضَةٌ، فَأَحْرَمَ عَنْ النَّذْرِ، وَقَعَتْ عَنْ الْمَفْرُوضِ، وَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ شَيْءٌ آخَرُ. وَهَذَا مِثْلُ قَوْلِ الْخِرَقِيِّ. وَرَوَى عِكْرِمَةُ، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، فِي رَجُلٍ نَذَرَ أَنْ يَحُجَّ، وَلَمْ يَكُنْ حَجَّ الْفَرِيضَةَ، قَالَ: يُجْزِئُ لَهُمَا جَمِيعًا.
وَعَنْ عِكْرِمَةَ، أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ ذَلِكَ، فَقَالَ عِكْرِمَةُ: يَقْضِي حِجَّتَهُ عَنْ نَذْرِهِ وَعَنْ حِجَّةِ الْإِسْلَامِ، أَرَأَيْتُمْ لَوْ أَنَّ رَجُلًا نَذَرَ أَنْ يُصَلِّيَ أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ، فَصَلَّى الْعَصْرَ، أَلَيْسَ ذَلِكَ يُجْزِئُهُ مِنْ الْعَصْرِ وَالنَّذْرِ؟ قَالَ: فَذَكَرْت قَوْلِي لِابْنِ عَبَّاسٍ، فَقَالَ: أَصَبْت وَأَحْسَنْت.
وَقَالَ ابْنُ عُمَرَ، وَأَنَسٌ، وَعُرْوَةُ: يَبْدَأُ بِحِجَّةِ الْإِسْلَامِ، ثُمَّ يَحُجُّ لِنَذْرِهِ. وَفَائِدَةُ انْعِقَادِ نَذْرِهِ، لُزُومُ الْكَفَّارَةِ بِتَرْكِهِ، وَأَنَّهُ لَوْ لَمْ يَنْوِهِ لِنَذْرِهِ، لَزِمَهُ قَضَاؤُهُ. وَعَلَى هَذَا لَوْ وَافَقَ نَذْرُهُ بَعْضَ رَمَضَانَ، وَبَعْضَ شَهْرٍ آخَرَ، إمَّا شَعْبَانَ، وَإِمَّا شَوَّالَ، لَزِمَهُ صَوْمُ مَا خَرَجَ عَنْ رَمَضَانَ، وَيُتِمُّهُ مِنْ رَمَضَانَ.
وَلَوْ قَالَ: لِلَّهِ عَلَيَّ صَوْمُ رَمَضَانَ. فَعَلَى قِيَاسِ قَوْلِ الْخِرَقِيِّ، يَصِحُّ نَذْرُهُ، وَيُجْزِئُهُ صِيَامُهُ عَنْ الْأَمْرَيْنِ، وَتَلْزَمُهُ الْكَفَّارَةُ إنْ أَخَلَّ بِهِ. وَعَلَى قَوْلِ الْقَاضِي، لَا يَنْعَقِدُ نَذْرُهُ. وَهُوَ مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ؛ لِأَنَّهُ لَا يَصِحُّ صَوْمُهُ عَنْ النَّذْرِ، فَأَشْبَهَ اللَّيْلَ.

اسم الکتاب : المغني المؤلف : ابن قدامة المقدسي    الجزء : 10  صفحة : 20
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست