responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : المغني المؤلف : ابن قدامة المقدسي    الجزء : 10  صفحة : 194
عَلَى قُدَامَةَ بِشُرْبِ الْخَمْرِ، وَلَا قَالَهُ عُمَرُ لِلَّذِينَ شَهِدُوا عَلَى الْوَلِيدِ بْنِ عُقْبَةَ. وَإِنْ أَرَادَ بِهِ الْأَفْعَالُ الَّتِي تَكُونُ بِالتَّرَاضِي، كَالْقَرْضِ، وَالْقَبْضِ فِيهِ، وَفِي الرَّهْنِ وَالْبَيْعِ، وَالِافْتِرَاقِ، وَنَحْوِ ذَلِكَ، جَازَ.

[فَصْل حَضَرَ شَاهِدَانِ حِسَابًا بَيْنَ اثْنَيْنِ شَرَطَا عَلَيْهِمَا أَنَّ لَا يَحْفَظَا عَلَيْهِمَا شَيْئًا]
(8416) فَصْلٌ: وَلَوْ حَضَرَ شَاهِدَانِ حِسَابًا بَيْنَ اثْنَيْنِ، شَرَطَا عَلَيْهِمَا أَنْ لَا يَحْفَظَا عَلَيْهِمَا شَيْئًا، كَانَ لِلشَّاهِدَيْنِ أَنْ يَشْهَدَا بِمَا سَمِعَاهُ مِنْهُمَا، وَلَمْ يُسْقِطْ ذَلِكَ شَرْطَهُمَا؛ لِأَنَّ لِلشَّاهِدِ أَنْ يَشْهَدَ بِمَا سَمِعَهُ أَوْ عَلِمَهُ، وَذَلِكَ قَدْ حَصَلَ لَهُ، سَوَاءٌ أَشَهِدَهُ أَوْ سَمِعَهُ، وَكَذَلِكَ يَشْهَدَانِ عَلَى الْعُقُودِ بِحُضُورِهَا، وَعَلَى الْجِنَايَاتِ بِمُشَاهَدَتِهَا، وَلَا يَحْتَاجَانِ إلَى إشْهَادٍ. وَبِهَذَا قَالَ ابْنُ سِيرِينَ، وَمَالِكٌ، وَالثَّوْرِيُّ، وَالشَّافِعِيُّ.

[فَصْل الشَّهَادَة فِي الْحُقُوقُ عَلَى ضَرْبَيْنِ]
(8417) فَصْلٌ: وَالْحُقُوقُ عَلَى ضَرْبَيْنِ؛ أَحَدُهُمَا، حَقٌّ لِآدَمِيٍّ مُعَيَّنٍ، كَالْحُقُوقِ الْمَالِيَّةِ، وَالنِّكَاحِ، وَغَيْرِهِ مِنْ الْعُقُودِ وَالْعُقُوبَاتِ، كَالْقِصَاصِ، وَحَدِّ الْقَذْفِ، وَالْوَقْفِ عَلَى آدَمِيٍّ مُعَيَّنٍ، فَلَا تَسْمَعُ الشَّهَادَةُ فِيهِ إلَّا بَعْدَ الدَّعْوَى؛ لِأَنَّ الشَّهَادَةَ فِيهِ حَقٌّ لِآدَمِيٍّ، فَلَا تُسْتَوْفَى إلَّا بَعْدَ مُطَالَبَتِهِ وَإِذْنِهِ، وَلِأَنَّهَا حُجَّةٌ عَلَى الدَّعْوَى؛ وَدَلِيلٌ لَهَا، فَلَا يَجُوزُ تَقَدُّمُهَا عَلَيْهَا.
الضَّرْبُ الثَّانِي، مَا كَانَ حَقًّا لِآدَمِيٍّ غَيْرِ مُعَيَّنٍ، كَالْوَقْفِ عَلَى الْفُقَرَاءِ، وَالْمَسَاكِينِ أَوْ جَمِيعِ الْمُسْلِمِينَ، أَوْ عَلَى مَسْجِدٍ، أَوْ سِقَايَةٍ أَوْ مَقْبَرَةٍ مُسَبَّلَةٍ، أَوْ الْوَصِيَّةِ لِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ، وَنَحْوِ هَذَا، أَوْ مَا كَانَ حَقًّا لِلَّهِ تَعَالَى، كَالْحُدُودِ الْخَالِصَةِ لِلَّهِ تَعَالَى، أَوْ الزَّكَاةِ، أَوْ الْكَفَّارَةِ، فَلَا تَفْتَقِرُ الشَّهَادَةُ بِهِ، إلَى تَقَدُّمِ الدَّعْوَى؛ لِأَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ لَهُ مُسْتَحِقٌّ مُعَيَّنٌ مِنْ الْآدَمِيِّينَ يَدَّعِيه، وَيُطَالِبُ بِهِ، وَلِذَلِكَ شَهِدَ أَبُو بَكْرَةَ وَأَصْحَابُهُ عَلَى الْمُغِيرَةِ، وَشَهِدَ الْجَارُودُ وَأَبُو هُرَيْرَةَ عَلَى قُدَامَةَ بْنِ مَظْعُونٍ بِشُرْبِ الْخَمْرِ، وَشَهِدَ الَّذِينَ شَهِدُوا عَلَى الْوَلِيدِ بْنِ عُقْبَةَ بِشُرْبِ الْخَمْرِ أَيْضًا، مِنْ غَيْرِ تَقَدُّمِ دَعْوَى، فَأُجِيزَتْ شَهَادَتُهُمْ، وَلِذَلِكَ لَمْ يُعْتَبَرْ فِي ابْتِدَاءِ الْوَقْفِ قَبُولٌ، مِنْ أَحَدٍ، وَلَا رِضًى مِنْهُ.
وَكَذَلِكَ مَا لَا يَتَعَلَّقُ بِهِ حَقُّ أَحَدِ الْغَرِيمَيْنِ، كَتَحْرِيمِ الزَّوْجَةِ بِالطَّلَاقِ، أَوْ الظِّهَارِ، أَوْ إعْتَاقِ الرَّقِيقِ، تَجُوزُ الْحِسْبَةُ بِهِ، وَلَا تُعْتَبَرُ فِيهِ دَعْوَى. وَلَوْ شَهِدَ شَاهِدَانِ بِعِتْقِ عَبْدٍ أَوْ أَمَةٍ ابْتِدَاءً، ثَبَتَ ذَلِكَ، سَوَاءٌ صَدَّقَهُمَا الْمَشْهُودُ بِعِتْقِهِ، أَوْ لَمْ يُصَدِّقْهُمَا. وَبِهَذَا قَالَ الشَّافِعِيُّ. وَبِهِ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ فِي الْأَمَةِ. وَقَالَ فِي الْعَبْدِ: لَا يَثْبُتُ، مَا لَمْ يُصَدِّقْ الْعَبْدُ بِهِ، وَيَدَّعِيه؛ لِأَنَّ الْعِتْقَ حَقُّهُ، فَأَشْبَهَ سَائِرَ حُقُوقِهِ. وَلَنَا، أَنَّهَا شَهَادَةٌ بِعِتْقٍ، فَلَا تَفْتَقِرُ إلَى تَقَدُّمِ الدَّعْوَى، كَعِتْقِ الْأَمَةِ، وَيُخَالِفُ سَائِرَ الْحُقُوقِ؛ لِأَنَّهُ حَقٌّ لِلَّهِ تَعَالَى، وَلِهَذَا لَا يَفْتَقِرُ إلَى قَبُولِ الْعِتْقِ.
وَدَلِيلُ ذَلِكَ الْأَمَةُ. وَمَا ذَكَرُوهُ يَبْطُلُ بِعِتْقِ الْأَمَةِ. فَإِنْ قِيلَ: الْأَمَةُ يَتَعَلَّقُ بِإِعْتَاقِهَا تَحْرِيمُ الْوَطْءِ. قُلْنَا: هَذَا لَا أَثَرَ لَهُ، فَإِنَّ الْمَنْعَ يُوجِبُ تَحْرِيمَهَا عَلَيْهِ، وَلَا تُسْمَعُ الشَّهَادَة بِهِ إلَّا بَعْدَ الدَّعْوَى.

اسم الکتاب : المغني المؤلف : ابن قدامة المقدسي    الجزء : 10  صفحة : 194
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست