responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : المغني المؤلف : ابن قدامة المقدسي    الجزء : 10  صفحة : 189
وَإِذَا لَمْ يُكَلَّفْ الْحُضُورَ، تَعَذَّرَ سَمَاعُ شَهَادَتِهِ، فَاحْتِيجَ إلَى سَمَاعِ شَهَادَةِ الْفَرْعِ.
وَقَالَ أَبُو الْخَطَّابِ: تُعْتَبَرُ مَسَافَةُ الْقَصْرِ. وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ، وَأَبِي الطَّيِّبِ الطَّبَرِيِّ، مَعَ اخْتِلَافِهِمْ فِي مَسَافَةِ الْقَصْرِ كُلٌّ عَلَى أَصْلِهِ؛ لِأَنَّ مَا دُونَ ذَلِكَ فِي حُكْمِ الْحَاضِرِ، فِي التَّرَخُّصِ وَغَيْرِهِ، بِخِلَافِ مَسَافَةِ الْقَصْرِ. وَيُعْتَبَرُ دَوَامُ هَذَا الشَّرْطِ إلَى الْحُكْمِ، فَلَوْ شَهِدَ شَاهِدَا الْفَرْعِ، فَلَمْ يُحْكَمْ بِشَهَادَتِهِمَا حَتَّى حَضَرَ شَاهِدَا الْأَصْلِ، وَقَفَ الْحُكْمُ عَلَى سَمَاعِ شَهَادَتِهِمَا؛ لِأَنَّهُ قَدَرَ عَلَى الْأَصْلِ قَبْلَ الْعَمَلِ بِالْبَدَلِ، فَلَمْ يَجُزْ الْعَمَلُ بِهِ، كَالْمُتَيَمِّمِ يَقْدِرُ عَلَى الْمَاءِ قَبْلَ الصَّلَاةِ، وَلِأَنَّ حُضُورَهُمَا لَوْ وُجِدَ قَبْلَ أَدَاءِ شَهَادَةِ الْفَرْعِ، مَنَعَ، فَإِذَا طَرَأَ قَبْلَ الْحُكْمِ، مَنَعَ مِنْهُ، كَالْفِسْقِ. الشَّرْطُ الثَّانِي، أَنْ تَتَحَقَّقَ شُرُوطُ الشَّهَادَةِ، مِنْ الْعَدَالَةِ وَغَيْرِهَا، فِي كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ شُهُودِ الْأَصْلِ وَالْفَرْعِ، عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ؛ لِأَنَّ الْحُكْمَ يَنْبَنِي عَلَى الشَّهَادَتَيْنِ جَمِيعًا، فَاعْتُبِرَتْ الشُّرُوطُ فِي كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا.
وَلَا خِلَافَ فِي هَذَا نَعْلَمُهُ. فَإِنْ عَدَّلَ شُهُودُ الْفَرْعِ شُهُودَ الْأَصْلِ، فَشَهِدَا بِعَدَالَتِهِمَا وَعَلَى شَهَادَتِهِمَا، جَازَ، بِغَيْرِ خِلَافٍ نَعْلَمُهُ. وَإِنْ لَمْ يَشْهَدَا بِعَدَالَتِهِمَا، جَازَ، وَيَتَوَلَّى الْحَاكِمُ ذَلِكَ، فَإِنْ عَلِمَ عَدَالَتَهُمَا، حَكَمَ، وَإِنْ لَمْ يَعْرِفْهَا بَحَثَ عَنْهَا. وَبِهَذَا قَالَ الشَّافِعِيُّ. وَقَالَ الثَّوْرِيُّ، وَأَبُو يُوسُفَ: إنْ لَمْ يُعَدِّلْ شَاهِدَا الْفَرْعِ شَاهِدَيْ الْأَصْلِ، لَمْ يَسْمَعْ الْحَاكِمُ شَهَادَتَهُمَا؛ لِأَنَّ تَرْكَ تَعْدِيلِهِ يَرْتَابُ بِهِ الْحَاكِمُ.
وَلَيْسَ بِصَحِيحٍ؛ لِأَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ لَا يَعْرِفَا ذَلِكَ، فَيُرْجَعَ فِيهِ إلَى بَحْثِ الْحَاكِمِ، وَيَجُوزُ أَنْ يَعْرِفَا عَدَالَتَهُمَا وَيَتْرُكَاهَا، اكْتِفَاءً بِمَا يَثْبُتُ عِنْدَ الْحَاكِمِ مِنْ عَدَالَتِهِمَا، وَلَا بُدَّ مِنْ اسْتِمْرَارِ هَذَا الشَّرْطِ، وَوُجُودِ الْعَدَالَةِ فِي الْجَمِيعِ إلَى انْقِضَاءِ الْحُكْمِ؛ لِمَا ذَكَرْنَا فِي شَاهِدِ الْأَصْلِ قَبْلَ هَذَا. وَإِنْ مَاتَ شُهُودُ الْأَصْلِ وَالْفَرْعِ، لَمْ يَمْنَعْ الْحُكْمَ، وَكَذَلِكَ لَوْ مَاتَ شُهُودُ الْأَصْلِ قَبْلَ أَدَاءِ الْفُرُوعِ شَهَادَتَهُمْ، لَمْ يَمْنَعْ مِنْ أَدَائِهَا، وَالْحُكْمِ بِهَا؛ لِأَنَّ مَوْتَهُمْ مِنْ شَرْطِ سَمَاعِ شَهَادَةِ الْفُرُوعِ وَالْحُكْمِ، فَلَا يَجُوزُ جَعْلُهُ مَانِعًا، وَكَذَلِكَ إنَّ جُنُّوا؛ لِأَنَّ جُنُونَهُمْ بِمَنْزِلَةِ مَوْتِهِمْ.
الشَّرْطُ الثَّالِثُ، أَنْ يُعَيِّنَا شَاهِدَيْ الْأَصْلِ، وَيُسَمِّيَاهُمَا. وَقَالَ ابْنُ جَرِيرٍ: إذَا قَالَا: ذَكَرَيْنِ، حُرَّيْنِ، عَدْلَيْنِ جَازَ، وَإِنْ لَمْ يُسَمِّيَا؛ لِأَنَّ الْغَرَضَ مَعْرِفَةُ الصِّفَاتِ دُونَ الْعَيْنِ. وَلَيْسَ بِصَحِيحٍ؛ لِجَوَازِ أَنْ يَكُونَا عَدْلَيْنِ عِنْدَهُمَا، مَجْرُوحَيْنِ عِنْدَ غَيْرِهِمَا؛ وَلِأَنَّ الْمَشْهُودَ عَلَيْهِ رُبَّمَا أَمْكَنَهُ جَرْحُ الشُّهُودِ، فَإِذَا لَمْ يَعْرِفْ أَعْيَانَهُمَا، تَعَذَّرَ عَلَيْهِ ذَلِكَ. الشَّرْطُ الرَّابِعُ، أَنْ يَسْتَرْعِيَهُ شَاهِدُ الْأَصْلِ الشَّهَادَةَ، فَيَقُولَ: اشْهَدْ عَلَى شَهَادَتِي أَنِّي أَشْهَدُ أَنَّ لِفُلَانٍ

اسم الکتاب : المغني المؤلف : ابن قدامة المقدسي    الجزء : 10  صفحة : 189
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست