responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : المغني المؤلف : ابن قدامة المقدسي    الجزء : 10  صفحة : 173
وَعَنْهُ رِوَايَةٌ ثَالِثَةٌ، تُقْبَلُ شَهَادَةُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا لِصَاحِبِهِ، فِي مَا لَا تُهْمَةَ فِيهِ، كَالنِّكَاحِ، وَالطَّلَاقِ، وَالْقِصَاصِ، وَالْمَالِ إذَا كَانَ مُسْتَغْنًى عَنْهُ؛ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا لَا يَنْتَفِعُ بِمَا يَثْبُتُ لِلْآخَرِ مِنْ ذَلِكَ، فَلَا تُهْمَةَ فِي حَقِّهِ. وَرُوِيَ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّ شَهَادَةَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا لِلْآخَرِ مَقْبُولَةٌ. وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنْ شُرَيْحٍ. وَبِهِ قَالَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، وَأَبُو ثَوْرٍ، وَالْمَزْنِيُّ، وَدَاوُد، وَإِسْحَاقُ، وَابْنُ الْمُنْذِرِ؛ لِعُمُومِ الْآيَاتِ، وَلِأَنَّهُ عَدْلٌ تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ، فَتُقْبَلُ شَهَادَتُهُ فِيهِ، كَالْأَجْنَبِيِّ. وَلَنَا، مَا رَوَى الزُّهْرِيُّ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ: «لَا تَجُوزُ شَهَادَةُ خَائِنٍ وَلَا خَائِنَةٍ، وَلَا ذِي غِمْرٍ عَلَى أَخِيهِ، وَلَا ظَنِينٍ فِي قَرَابَةٍ وَلَا وَلَاءٍ» .
وَالظَّنِينُ: الْمُتَّهَمُ، وَالْأَبُ يُتَّهَمُ لِوَلَدِهِ؛ لِأَنَّ مَالَهُ كَمَا لَهُ بِمَا ذَكَرْنَاهُ، وَلِأَنَّ بَيْنَهُمَا بَعْضِيَّةً، فَكَأَنَّهُ يَشْهَدُ لِنَفْسِهِ، وَلِهَذَا قَالَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: «فَاطِمَةُ بَضْعَةٌ مِنِّي، يَرِيبُنِي مَا رَابَهَا» . وَلِأَنَّهُ مُتَّهَمٌ فِي الشَّهَادَةِ لِوَلَدِهِ، كَتُهْمَةِ الْعَدُوِّ فِي الشَّهَادَةِ عَلَى عَدُوِّهِ، وَالْخَبَرُ أَخُصُّ مِنْ الْآيَاتِ، فَتُخَصُّ بِهِ.

[فَصْل شَهَادَةُ أَحَدِهِمَا عَلَى صَاحِبِهِ الْوَالِد وَوَلَده]
(8383) فَصْلٌ: فَأَمَّا شَهَادَةُ أَحَدِهِمَا عَلَى صَاحِبِهِ، فَتُقْبَلُ. نَصَّ عَلَيْهِ أَحْمَدُ. وَهَذَا قَوْلُ عَامَّةِ أَهْلِ الْعِلْمِ، وَلَمْ أَجِدْ عَنْ أَحْمَدَ فِي " الْجَامِعِ " فِيهِ خِلَافًا؛ وَذَلِكَ لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالأَقْرَبِينَ} [النساء: 135] . فَأَمَرَ بِالشَّهَادَةِ عَلَيْهِمْ، وَلَوْ لَمْ تُقْبَلْ لَمَا أَمَرَ بِهَا، وَلِأَنَّهَا إنَّمَا رُدَّتْ لِلتُّهْمَةِ فِي إيصَالِ النَّفْعِ، وَلَا تُهْمَةَ فِي شَهَادَتِهِ عَلَيْهِ، فَوَجَبَ أَنْ تُقْبَلَ، كَشَهَادَةِ الْأَجْنَبِيِّ، بَلْ أَوْلَى، فَإِنَّ شَهَادَتَهُ لِنَفْسِهِ لَمَّا رُدَّتْ لِلتُّهْمَةِ فِي إيصَالِ النَّفْعِ إلَى نَفْسِهِ، كَانَ إقْرَارُهُ عَلَيْهِ مَقْبُولًا. وَحَكَى الْقَاضِي، فِي الْمُجَرَّدِ رِوَايَةً أُخْرَى، أَنَّ شَهَادَةَ أَحَدِهِمَا لَا تُقْبَلُ عَلَى صَاحِبِهِ؛ لِأَنَّ شَهَادَتَهُ لَهُ غَيْرُ مَقْبُولَةٍ، فَلَا تُقْبَلُ عَلَيْهِ، كَالْفَاسِقِ.
وَقَالَ بَعْضُ الشَّافِعِيَّةِ: لَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ الِابْنِ عَلَى أَبِيهِ فِي قِصَاصٍ، وَلَا حَدِّ قَذْفٍ؛ لِأَنَّهُ لَا يُقْتَلُ بِقَتْلِهِ، وَلَا يُحَدُّ بِقَذْفِهِ، فَلَا يَلْزَمُهُ ذَلِكَ. وَالْمَذْهَبُ الْأَوَّلُ؛ لِمَا ذَكَرْنَا، وَلِأَنَّهُ يُتَّهَمُ لَهُ وَلَا يُتَّهَمُ عَلَيْهِ، فَشَهَادَتُهُ عَلَيْهِ أَبْلَغُ فِي الصِّدْقِ، كَإِقْرَارِهِ عَلَى نَفْسِهِ.

[فَصْل شَهِدَ اثْنَانِ بِطَلَاقِ ضَرَّةِ أُمِّهِمَا وَقَذْفِ زَوْجِهَا لَهَا]
(8384) فَصْلٌ: وَإِنْ شَهِدَ اثْنَانِ بِطَلَاقِ ضَرَّةِ أُمِّهِمَا، وَقَذْفِ زَوْجِهَا لَهَا، قُبِلَتْ شَهَادَتُهُمَا؛ لِأَنَّ حَقَّ أُمِّهِمَا لَا يَزْدَادُ بِهِ،

اسم الکتاب : المغني المؤلف : ابن قدامة المقدسي    الجزء : 10  صفحة : 173
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست