responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : المغني المؤلف : ابن قدامة المقدسي    الجزء : 10  صفحة : 172
كَتَبَهَا؟ قَالَ: لَا أَدْرِي. وَهَذَا قَوْلُ أَصْحَابِ الرَّأْيِ. وَقَالَ مَالِكٌ، وَالشَّافِعِيُّ، وَابْنُ الْمُنْذِرِ: تُقْبَلُ إذَا فُهِمَتْ إشَارَتُهُ؛ لِأَنَّهَا تَقُومُ مَقَامَ نُطْقِهِ فِي أَحْكَامِهِ، مِنْ طَلَاقِهِ، وَنِكَاحِهِ، وَظِهَارِهِ، وَإِيلَائِهِ، فَكَذَلِكَ فِي شَهَادَتِهِ. وَاسْتَدَلَّ ابْنُ الْمُنْذِرِ بِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَشَارَ وَهُوَ جَالِسٌ فِي الصَّلَاةِ إلَى النَّاسِ وَهُمْ قِيَامٌ، أَنَّ اجْلِسُوا. فَجَلَسُوا.
وَلَنَا، أَنَّهَا شَهَادَةٌ بِالْإِشَارَةِ، فَلَمْ تَجُزْ، كَإِشَارَةِ النَّاطِقِ، يُحَقِّقُهُ أَنَّ الشَّهَادَةَ يُعْتَبَرُ فِيهَا الْيَقِينُ، وَلِذَلِكَ لَا يَكْتَفِي بِإِيمَاءِ النَّاطِقِ، وَلَا يَحْصُلُ الْيَقِينُ بِالْإِشَارَةِ، وَإِنَّمَا اُكْتُفِيَ بِإِشَارَتِهِ فِي أَحْكَامِهِ الْمُخْتَصَّةِ بِهِ لِلضَّرُورَةِ، وَلَا ضَرُورَةَ هَاهُنَا، وَلِهَذَا لَمْ يَجُزْ أَنْ يَكُونَ حَاكِمًا، وَلِأَنَّ الْحَاكِمَ لَا يُمْضِي حُكْمَهُ إذَا وَجَدَ حُكْمَهُ بِخَطِّهِ تَحْتَ خَتْمِهِ، وَلَمْ يَذْكُرْ حُكْمَهُ، وَالشَّاهِدُ لَا يَشْهَدُ بِرُؤْيَةِ خَطِّهِ، فَلَأَنْ لَا حُكْمَ بِخَطِّ غَيْرِهِ أَوْلَى. وَمَا اسْتَدَلَّ بِهِ ابْنُ الْمُنْذِرِ لَا يَصِحُّ؛ فَإِنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ قَادِرًا عَلَى الْكَلَامِ، وَعَمِلَ بِإِشَارَتِهِ فِي الصَّلَاةِ. وَلَوْ شَهِدَ النَّاطِقُ بِالْإِيمَاءِ وَالْإِشَارَةِ، لَمْ يَصِحَّ إجْمَاعًا، فَعُلِمَ أَنَّ الشَّهَادَةَ مُفَارِقَةٌ لِغَيْرِهَا مِنْ الْأَحْكَامِ.

[مَسْأَلَة شَهَادَةُ الْوَالِدَيْنِ وَإِنْ عَلَوَا لَلْوَلَدِ وَإِنْ سَفُلَ]
(8382) مَسْأَلَةٌ؛ قَالَ: وَلَا تَجُوزُ شَهَادَةُ الْوَالِدَيْنِ وَإِنْ عَلَوَا، لِلْوَلَدِ وَإِنْ سَفُلَ، وَلَا شَهَادَةُ الْوَلَدِ وَإِنْ سَفُلَ، لَهُمَا وَإِنْ عَلَوَا. ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ أَنَّ شَهَادَةَ الْوَالِدِ لِوَلَدِهِ لَا تُقْبَلُ، وَلَا لِوَلَدِ وَلَدِهِ، وَإِنْ سَفُلَ، وَسَوَاءٌ فِي ذَلِكَ وَلَدُ الْبَنِينَ وَوَلَدُ الْبَنَاتِ. وَلَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ الْوَلَدِ لَوَالِدِهِ، وَلَا لِوَالِدَتِهِ، وَلَا جَدِّهِ، وَلَا جَدَّتِهِ مِنْ قِبَلِ أَبِيهِ وَأُمِّهِ وَإِنْ عَلَوْا، وَسَوَاءٌ فِي ذَلِكَ الْآبَاءُ وَالْأُمَّهَاتُ، وَآبَاؤُهُمَا وَأُمَّهَاتُهُمَا. وَبِهِ قَالَ شُرَيْحٌ، وَالْحَسَنُ، وَالشَّعْبِيُّ، وَالنَّخَعِيُّ، وَمَالِكٌ، وَالشَّافِعِيُّ، وَإِسْحَاقُ، وَأَبُو عُبَيْدٍ، وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ.
وَرُوِيَ عَنْ أَحْمَدَ، - رَحِمَهُ اللَّهُ -، رِوَايَةٌ ثَانِيَةٌ، تُقْبَلُ شَهَادَةُ الِابْنِ لِأَبِيهِ، وَلَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ الْأَبِ لَهُ؛ لِأَنَّ مَالَ الِابْنِ فِي حُكْمِ مَالِ الْأَبِ، لَهُ أَنْ يَتَمَلَّكَهُ إذَا شَاءَ، فَشَهَادَتُهُ لَهُ شَهَادَةٌ لِنَفْسِهِ، أَوْ يَجُرُّ بِهَا لِنَفْسِهِ نَفْعًا. قَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «أَنْتَ وَمَالُكَ لِأَبِيك» . وَقَالَ: «إنَّ أَطْيَبَ مَا أَكَلَ الرَّجُلُ مِنْ كَسْبِهِ، وَإِنَّ أَوْلَادَكُمْ مِنْ أَطْيَبِ كَسْبِكُمْ، فَكُلُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ» . وَلَا يُوجَدُ هَذَا فِي شَهَادَةِ الِابْنِ لِأَبِيهِ.

اسم الکتاب : المغني المؤلف : ابن قدامة المقدسي    الجزء : 10  صفحة : 172
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست