responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : المغني المؤلف : ابن قدامة المقدسي    الجزء : 10  صفحة : 164
ذَلِكَ مِنْهُ، فَيَنْبَغِي أَنْ تُرَدَّ شَهَادَتُهُ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ دَنَاءَةٌ وَسُقُوطُ مُرُوءَةٍ.
وَمَنْ أَخَذَ مِنْ الصَّدَقَةِ مِمَّنْ يَجُوزُ لَهُ الْأَخْذُ مِنْ غَيْرِ مَسْأَلَةٍ، لَمْ تُرَدَّ شَهَادَتُهُ؛ لِأَنَّهُ فِعْلٌ جَائِزٌ، لَا دَنَاءَةَ فِيهِ. وَإِنْ أَخَذَ مِنْهَا مَا لَا يَجُوزُ لَهُ وَتَكَرَّرَ ذَلِكَ مِنْهُ، رُدَّتْ شَهَادَتُهُ؛ لِأَنَّهُ مُصِرٌّ عَلَى الْحَرَامِ.

[فَصْل شَهَادَة مَنْ فَعَلَ شَيْئًا مِنْ الْفُرُوعِ مُخْتَلِفًا فِيهِ مُعْتَقِدًا إبَاحَتَهُ]
(8372) فَصْلٌ: وَمَنْ فَعَلَ شَيْئًا مِنْ الْفُرُوعِ مُخْتَلِفًا فِيهِ مُعْتَقِدًا إبَاحَتَهُ، لَمْ تُرَدَّ شَهَادَتُهُ، كَالْمُتَزَوِّجِ بِغَيْرِ وَلِيٍّ، أَوْ بِغَيْرِ شُهُودٍ، وَآكِلِ مَتْرُوكِ التَّسْمِيَةِ، وَشَارِبِ يَسِيرِ النَّبِيذِ. نَصَّ عَلَيْهِ أَحْمَدُ، فِي شَارِبِ النَّبِيذِ، يُحَدُّ، وَلَا تُرَدُّ شَهَادَتُهُ. وَبِهَذَا قَالَ الشَّافِعِيُّ.
وَقَالَ مَالِكٌ: تُرَدُّ شَهَادَتُهُ؛ لِأَنَّهُ فَعَلَ مَا يَعْتَقِدُ الْحَاكِمُ تَحْرِيمَهُ، فَأَشْبَهَ الْمُتَّفَقَ عَلَى تَحْرِيمِهِ. وَلَنَا، أَنَّ الصَّحَابَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ -، كَانُوا يَخْتَلِفُونَ فِي الْفُرُوعِ، فَلَمْ يَكُنْ بَعْضُهُمْ يَعِيبُ مَنْ خَالَفَهُ، وَلَا يُفَسِّقُهُ، وَلِأَنَّهُ نَوْعٌ مُخْتَلَفٌ فِيهِ، فَلَمْ تُرَدَّ شَهَادَةُ فَاعِلِهِ، كَاَلَّذِي يُوَافِقُهُ عَلَيْهِ الْحَاكِمُ. وَإِنْ فَعَلَ ذَلِكَ مُعْتَقِدًا تَحْرِيمَهُ، رُدَّتْ شَهَادَتُهُ بِهِ إذَا تَكَرَّرَ. وَقَالَ أَصْحَابُ الشَّافِعِيِّ: لَا تُرَدَّ شَهَادَتُهُ بِهِ؛ لِأَنَّهُ فِعْلٌ لَا تُرَدُّ بِهِ شَهَادَةُ بَعْضِ النَّاسِ، فَلَا تُرَدَّ بِهِ شَهَادَةُ الْبَعْضِ الْآخَرِ، كَالْمُتَّفَقِ عَلَى حِلِّهِ. وَلَنَا، أَنَّهُ فِعْلٌ يَحْرُمُ عَلَى فَاعِلِهِ، وَيَأْثَمُ بِهِ، فَأَشْبَهَ الْمَجْمَعَ عَلَى تَحْرِيمِهِ، وَبِهَذَا فَارَقَ مُعْتَقِدَ حِلِّهِ. وَقَدْ رُوِيَ عَنْ أَحْمَدَ، فِي مَنْ يَجِبُ عَلَيْهِ الْحَجُّ فَلَا يَحُجُّ: تُرَدُّ شَهَادَتُهُ.
وَهَذَا يُحْمَلُ عَلَى مَنْ اعْتَقَدَ وُجُوبَهُ عَلَى الْفَوْرِ. فَأَمَّا مَنْ يَعْتَقِدُ أَنَّهُ عَلَى التَّرَاخِي، وَيَتْرُكُهُ بِنِيَّةِ فِعْلِهِ، فَلَا تُرَدُّ شَهَادَتُهُ، كَسَائِرِ مَا ذَكَرْنَا. وَيَحْتَمِلُ أَنْ تُرَدُّ شَهَادَتُهُ مُطْلَقًا لِقَوْلِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «مَنْ قَدَرَ عَلَى الْحَجِّ فَلَمْ يَحُجَّ، فَلْيَمُتْ إنْ شَاءَ يَهُودِيًّا أَوْ نَصْرَانِيًّا» . وَقَالَ عُمَرُ: لَقَدْ هَمَمْت أَنْ أَنْظُرَ فِي النَّاسِ، فَمَنْ وَجَدْته يَقْدِرُ عَلَى الْحَجِّ وَلَا يَحُجُّ، ضَرَبْت عَلَيْهِ الْجِزْيَةَ، ثُمَّ قَالَ: مَا هُمْ بِمُسْلِمِينَ، مَا هُمْ بِمُسْلِمِينَ.

[مَسْأَلَة شَهَادَةُ الْكُفَّارِ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ فِي الْوَصِيَّةِ فِي السَّفَرِ]
(8373) مَسْأَلَةٌ؛ قَالَ: (وَتَجُوزُ شَهَادَةُ الْكُفَّارِ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ، فِي الْوَصِيَّةِ فِي السَّفَرِ، إذَا لَمْ يَكُنْ غَيْرُهُمْ) وَجُمْلَتُهُ، أَنَّهُ إذَا شَهِدَ بِوَصِيَّةِ الْمُسَافِرِ الَّذِي مَاتَ فِي سَفَرِهِ شَاهِدَانِ مِنْ أَهْلِ الذِّمَّةِ، قُبِلَتْ شَهَادَتُهُمَا، إذَا لَمْ يُوجَدْ غَيْرُهُمَا، وَيُسْتَحْلَفَانِ بَعْدَ الْعَصْرِ مَا خَانَا وَلَا كَتَمَا، وَلَا اشْتَرَيَا بِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا {وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى وَلا نَكْتُمُ شَهَادَةَ اللَّهِ إِنَّا إِذًا لَمِنَ الآثِمِينَ} [المائدة: 106] .

اسم الکتاب : المغني المؤلف : ابن قدامة المقدسي    الجزء : 10  صفحة : 164
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست