responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : المغني المؤلف : ابن قدامة المقدسي    الجزء : 10  صفحة : 162
وَقَالَ الْقَاضِي: هُوَ مَكْرُوهٌ عَلَى كُلِّ حَالٍ. وَنَحْوُهُ قَوْلُ أَبِي عُبَيْدٍ، وَقَالَ مَعْنَى قَوْلِهِ: «لَيْسَ مِنَّا مَنْ لَمْ يَتَغَنَّ بِالْقُرْآنِ» . أَيْ: يَسْتَغْنِي بِهِ. قَالَ الشَّاعِرُ:
وَكُنْت امْرَأً زَمِنًا بِالْعِرَاقِ ... عَفِيفَ الْمُنَاخِ كَثِيرَ التَّغَنِّي
قَالَ: وَلَوْ كَانَ مِنْ الْغِنَاءِ بِالصَّوْتِ، لَكَانَ مَنْ لَمْ يُغَنِّ بِالْقُرْآنِ لَيْسَ مِنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. وَرُوِيَ نَحْوُ هَذَا التَّفْسِيرِ عَنْ ابْنِ عُيَيْنَةَ. وَقَالَ الْقَاضِي أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْبِرْتِيُّ: هَذَا قَوْلُ مَنْ أَدْرَكْنَا مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ.
وَقَالَ الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ: يَتَغَنَّى بِالْقُرْآنِ، يَجْهَرُ بِهِ. وَقِيلَ: يُحَسِّنُ صَوْتَهُ بِهِ. وَالصَّحِيحُ أَنَّ هَذَا الْقَدْرَ مِنْ التَّلْحِينِ لَا بَأْسَ بِهِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ مَكْرُوهًا، لَمْ يَفْعَلْهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. وَلَا يَصِحُّ حَمْلُهُ عَلَى التَّغَنِّيَ فِي حَدِيثِ: «مَا أَذِنَ اللَّهُ لِشَيْءٍ، كَإِذْنِهِ لِنَبِيٍّ يَتَغَنَّى بِالْقُرْآنِ» . عَلَى الِاسْتِغْنَاءِ؛ لِأَنَّ مَعْنَى أَذِنَ: اسْتَمَعَ، وَإِنَّمَا تُسْتَمَعُ الْقِرَاءَةُ، ثُمَّ قَالَ: يَجْهَرُ بِهِ. وَالْجَهْرُ صِفَةُ الْقِرَاءَةِ، لَا صِفَةُ الِاسْتِغْنَاءِ.
فَأَمَّا إنْ أَفْرَطَ فِي الْمَدِّ وَالتَّمْطِيطِ وَإِشْبَاعِ الْحَرَكَاتِ، بِحَيْثُ يَجْعَلُ الضَّمَّةَ وَاوًا، وَالْفَتْحَةَ أَلِفًا، وَالْكَسْرَةَ يَاءً، كُرِهَ ذَلِكَ. وَمِنْ أَصْحَابِنَا مَنْ يُحَرِّمُهُ؛ لِأَنَّهُ يُغَيِّرُ الْقُرْآنَ، وَيُخْرِجُ الْكَلِمَاتِ عَنْ وَضْعِهَا، وَيَجْعَلُ الْحَرَكَاتِ حُرُوفًا. وَقَدْ رَوَيْنَا عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ، أَنَّ رَجُلًا سَأَلَهُ عَنْ ذَلِكَ، فَقَالَ لَهُ: مَا اسْمُك؟ قَالَ: مُحَمَّدٌ. قَالَ: أَيَسُرُّك أَنْ يُقَالَ لَك: يَا مُوحَامَدُ؟ قَالَ: لَا. فَقَالَ: لَا يُعْجِبُنِي أَنْ يَتَعَلَّمَ الرَّجُلُ الْأَلْحَانَ، إلَّا أَنْ يَكُونَ حَرَمُهُ مِثْلَ حَرَمِ أَبِي مُوسَى. فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ: فَيُكَلَّمُونَ؟ فَقَالَ: لَا. كُلُّ ذَا. وَاتَّفَقَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّهُ تُسْتَحَبُّ قِرَاءَةُ الْقُرْآنِ بِالتَّحْزِينِ وَالتَّرْتِيلِ وَالتَّحْسِينِ.
وَرَوَى بُرَيْدَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «اقْرَءُوا الْقُرْآنَ بِالْحُزْنِ، فَإِنَّهُ نَزَلَ بِالْحُزْنِ» .

اسم الکتاب : المغني المؤلف : ابن قدامة المقدسي    الجزء : 10  صفحة : 162
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست