responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : المغني المؤلف : ابن قدامة المقدسي    الجزء : 10  صفحة : 155
وَأَمَّا الضَّرْبُ بِهِ لِلرِّجَالِ فَمَكْرُوهٌ عَلَى كُلِّ حَالٍ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا كَانَ يَضْرِبُ بِهِ النِّسَاءُ، وَالْمُخَنَّثُونَ الْمُتَشَبِّهُونَ بِهِنَّ، فَفِي ضَرْبِ الرِّجَالِ بِهِ تَشَبُّهٌ بِالنِّسَاءِ، وَقَدْ لَعَنَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْمُتَشَبِّهِينَ مِنْ الرِّجَالِ بِالنِّسَاءِ. فَأَمَّا الضَّرْبُ بِالْقَضِيبِ، فَمَكْرُوهِ إذَا انْضَمَّ إلَيْهِ مُحَرَّمٌ أَوْ مَكْرُوهٌ، كَالتَّصْفِيقِ وَالْغِنَاءِ وَالرَّقْصِ، وَإِنْ خَلَا عَنْ ذَلِكَ كُلِّهِ لَمْ يُكْرَهْ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِآلَةٍ وَلَا بِطَرِبٍ، وَلَا يُسْمَعُ مُنْفَرِدًا، بِخِلَافِ الْمَلَاهِي. وَمَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ فِي هَذَا الْفَصْلِ كَمَا قُلْنَا.

[فَصْل شَهَادَة مِنْ يَسِمَ الْغِنَاء]
(8366) فَصْلٌ: وَاخْتَلَفَ أَصْحَابُنَا فِي الْغِنَاءِ؛ فَذَهَبَ أَبُو بَكْرٍ الْخَلَّالُ، وَصَاحِبُهُ أَبُو بَكْرٍ عَبْدُ الْعَزِيزِ، إلَى إبَاحَتِهِ. قَالَ أَبُو بَكْرٍ عَبْدُ الْعَزِيزِ: وَالْغِنَاءُ وَالنَّوْحُ مَعْنًى وَاحِدٌ، مُبَاحٌ مَا لَمْ يَكُنْ مَعَهُ مُنْكَرٌ، وَلَا فِيهِ طَعْنٌ. وَكَانَ الْخَلَّالُ يَحْمِلُ الْكَرَاهَةَ مِنْ أَحْمَدَ عَلَى الْأَفْعَالِ الْمَذْمُومَةِ، لَا عَلَى الْقَوْلِ بِعَيْنِهِ. وَرُوِيَ عَنْ أَحْمَدَ، أَنَّهُ سَمِعَ عِنْدَ ابْنِهِ صَالِحٍ قَوَّالًا، فَلَمْ يُنْكِرْ عَلَيْهِ، وَقَالَ لَهُ صَالِحٌ: يَا أَبَتِ، أَلَيْسَ كُنْت تَكْرَهُ هَذَا؟ فَقَالَ: إنَّهُ قِيلَ لِي: إنَّهُمْ يَسْتَعْمِلُونَ الْمُنْكَرَ.
وَمِمَّنْ ذَهَبَ إلَى إبَاحَتِهِ مِنْ غَيْرِ كَرَاهَةٍ، سَعْدُ بْنُ إبْرَاهِيمَ، وَكَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ، وَالْعَنْبَرِيُّ؛ لِمَا رُوِيَ عَنْ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - قَالَتْ: «كَانَتْ عِنْدِي جَارِيَتَانِ تُغَنِّيَانِ، فَدَخَلَ أَبُو بَكْرٍ، فَقَالَ: مَزْمُورُ الشَّيْطَانِ فِي بَيْتِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: دَعْهُمَا، فَإِنَّهَا أَيَّامُ عِيدٍ» . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. وَعَنْ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّهُ قَالَ: الْغِنَاءُ زَادُ الرَّاكِبِ. وَاخْتَارَ الْقَاضِي أَنَّهُ مَكْرُوهٌ غَيْرُ مُحَرَّمٍ. وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ، قَالَ: هُوَ مِنْ اللَّهْوِ الْمَكْرُوهِ. وَقَالَ أَحْمَدُ: الْغِنَاءُ يُنْبِتُ النِّفَاقَ فِي الْقَلْبِ، لَا يُعْجِبُنِي.
وَذَهَبَ آخَرُونَ مِنْ أَصْحَابِنَا إلَى تَحْرِيمِهِ. قَالَ أَحْمَدُ: فِي مَنْ مَاتَ وَخَلَّفَ وَلَدًا يَتِيمًا، وَجَارِيَةً مُغَنِّيَةً، فَاحْتَاجَ الصَّبِيُّ إلَى بَيْعِهَا، تُبَاعُ سَاذَجَةً. قِيلَ لَهُ: إنَّهَا تُسَاوِي مُغَنِّيَةً ثَلَاثِينَ أَلْفًا، وَتُسَاوَيْ سَاذَجَةً عِشْرِينَ دِينَارًا. قَالَ: لَا تُبَاعُ إلَّا عَلَى أَنَّهَا سَاذَجَةٌ. وَاحْتَجُّوا عَلَى تَحْرِيمِهِ بِمَا رُوِيَ عَنْ ابْنِ الْحَنَفِيَّةِ فِي قَوْله تَعَالَى: {وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ} [الحج: 30] . قَالَ: الْغِنَاءُ. وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ، وَابْنُ مَسْعُودٍ، فِي قَوْلِهِ: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ} [لقمان: 6] ، قَالَ: هُوَ الْغِنَاءُ. وَعَنْ أَبِي أُمَامَةَ، «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَهَى عَنْ شِرَاءِ الْمُغَنِّيَاتِ، وَبَيْعِهِنَّ، وَالتِّجَارَةِ فِيهِنَّ، وَأَكْلُ

اسم الکتاب : المغني المؤلف : ابن قدامة المقدسي    الجزء : 10  صفحة : 155
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست