responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : المغني المؤلف : ابن قدامة المقدسي    الجزء : 10  صفحة : 15
وَقَالَ أَصْحَابُ الشَّافِعِيِّ: يَلْزَمُهُ دَمٌ لِتَرَفُّهِهِ بِتَرْكِ الْإِنْفَاقِ وَقَدْ تَبَيَّنَّا أَنَّ الْوَاجِبَ بِتَرْكِ النَّذْرِ الْكَفَّارَةُ دُونَ الْهَدْيِ، إلَّا أَنَّ هَذَا إذَا مَشَى وَلَمْ يَرْكَبْ مَعَ إمْكَانِهِ، لَمْ يَلْزَمْهُ أَكْثَرُ مِنْ كَفَّارَةٍ؛ لِأَنَّ الرُّكُوبَ فِي نَفْسِهِ لَيْسَ بِطَاعَةٍ وَلَا قُرْبَةٍ.
وَكُلُّ مَوْضِعٍ نَذَرَ الْمَشْيَ فِيهِ أَوْ الرُّكُوبَ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ الْإِتْيَانُ بِذَلِكَ مِنْ دُوَيْرَةِ أَهْلِهِ، إلَّا أَنْ يَنْوِيَ مَوْضِعًا بِعَيْنِهِ، فَيَلْزَمَهُ مِنْ ذَلِكَ الْمَوْضِعِ؛ لِأَنَّ النَّذْرَ مَحْمُولٌ عَلَى أَصْلِهِ فِي الْفَرْضِ، وَالْحَجُّ الْمَفْرُوضُ بِأَصْلِ الشَّرْعِ يَجِبُ كَذَلِكَ. وَيُحْرِمُ لِلْمَنْذُورِ مِنْ حَيْثُ يُحْرِمُ لِلْوَاجِبِ. قَالَ بَعْضُ الشَّافِعِيَّةِ: يَجِبُ الْإِحْرَامُ مِنْ دُوَيْرَةِ أَهْلِهِ؛ لِأَنَّ إتْمَامَ الْحَجِّ كَذَلِكَ.
وَلَنَا، أَنَّ الْمُطْلَقَ مَحْمُولٌ عَلَى الْمَعْهُودِ فِي الشَّرْعِ وَالْإِحْرَامُ الْوَاجِبُ إنَّمَا هُوَ مِنْ الْمِيقَاتِ، وَيَلْزَمُهُ الْمَنْذُورُ مِنْ الْمَشْيِ أَوْ الرُّكُوبِ فِي الْحَجِّ أَوْ الْعُمْرَةِ إلَى أَنْ يَتَحَلَّلَ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ انْقِضَاءُ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ. قَالَ أَحْمَدُ: يَرْكَبُ فِي الْحَجِّ إذَا رَمَى، وَفِي الْعُمْرَةِ إذَا سَعَى؛ لِأَنَّهُ لَوْ وَطِئَ بَعْدَ ذَلِكَ، لَمْ يُفْسِدْ حَجًّا وَلَا عُمْرَةً. وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ إنَّمَا يَلْزَمُهُ فِي الْحَجِّ التَّحَلُّلُ الْأَوَّلُ.

[فَصْلٌ نَذْر الْمَشْي إلَى بَيْتِ اللَّهِ أَوْ الرُّكُوب إلَيْهِ وَلَمْ يُرِدْ بِذَلِكَ حَقِيقَة الْمَشْي وَالرُّكُوب]
(8184) فَصْلٌ: وَإِذَا نَذَرَ الْمَشْيَ إلَى بَيْتِ اللَّهِ، أَوْ الرُّكُوبَ إلَيْهِ، وَلَمْ يُرِدْ بِذَلِكَ حَقِيقَةَ الْمَشْيِ وَالرُّكُوبِ، إنَّمَا أَرَادَ إتْيَانَهُ لَزِمَهُ إتْيَانُهُ، لَزِمَهُ فِي حَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ، وَلَمْ يَتَعَيَّنْ عَلَيْهِ مَشْيٌ وَلَا رُكُوبٌ؛ لِأَنَّهُ عَنَى ذَلِكَ بِنَذْرِهِ، وَهُوَ مُحْتَمِلٌ لَهُ، فَأَشْبَهَ مَا لَوْ صَرَّحَ بِهِ. وَلَوْ نَذَرَ أَنْ يَأْتِيَ بَيْتَ اللَّهِ الْحَرَامَ، أَوْ يَذْهَبَ إلَيْهِ، لَزِمَهُ إتْيَانُهُ فِي حَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ. وَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ: لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ؛ لِأَنَّ مُجَرَّدَ إتْيَانِهِ لَيْسَ بِقُرْبَةٍ وَلَا طَاعَةٍ.
وَلَنَا؛ أَنَّهُ عَلَّقَ نَذْرَهُ بِوُصُولِ الْبَيْتِ، فَلَزِمَهُ، كَمَا لَوْ قَالَ: لِلَّهِ عَلَيَّ الْمَشْيُ إلَى الْكَعْبَةِ. إذَا ثَبَتَ هَذَا، فَهُوَ مُخَيَّرٌ فِي الْمَشْيِ وَالرُّكُوبِ. وَكَذَلِكَ إذَا نَذَرَ أَنْ يَحُجَّ الْبَيْتَ أَوْ يَزُورَهُ؛ لِأَنَّ الْحَجَّ يَحْصُلُ بِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الْأَمْرَيْنِ، فَلَمْ يَتَعَيَّنْ أَحَدُهُمَا، وَإِنْ قَالَ: لِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ آتِيَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ، غَيْرَ حَاجٍّ وَلَا مُعْتَمِرٍ. لَزِمَهُ الْحَجُّ وَالْعُمْرَةُ، وَسَقَطَ شَرْطُهُ. وَهَذَا أَحَدُ الْوَجْهَيْنِ لِأَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ: لِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ آتِيَ الْبَيْتَ. يَقْتَضِي حَجًّا أَوْ عُمْرَةً، وَشَرْطُ سُقُوطِ ذَلِكَ يُنَاقِضُ نَذْرَهُ، فَسَقَطَ حُكْمُهُ.

[فَصْلٌ نَذَرَ الْمَشْيَ إلَى الْبَلَدِ الْحَرَامِ أَوْ بُقْعَةٍ مِنْهُ]
(8185) فَصْلٌ: إذَا نَذَرَ الْمَشْيَ إلَى الْبَلَدِ الْحَرَامِ، أَوْ بُقْعَةٍ مِنْهُ، كَالصَّفَا وَالْمَرْوَةِ وَأَبِي قُبَيْسٍ، أَوْ مَوْضِعٍ فِي الْحَرَمِ، لَزِمَهُ الْحَجُّ أَوْ عُمْرَةٌ. نَصَّ عَلَيْهِ أَحْمَدُ. وَبِهِ قَالَ الشَّافِعِيُّ. وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: لَا يَلْزَمُهُ إلَّا أَنْ يَنْذُرَ الْمَشْيَ إلَى الْكَعْبَةِ، أَوْ إلَى مَكَّةَ. وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ، وَمُحَمَّدٌ إنَّ نَذَرَ الْمَشْيَ إلَى الْحَرَمِ، أَوْ إلَى الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ كَقَوْلِنَا، وَفِي بَاقِي الصُّوَرِ كَقَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَلَنَا، أَنَّهُ نَذَرَ الْمَشْيَ إلَى مَوْضِعٍ مِنْ الْحَرَمِ أَشْبَهَ النَّذْرَ إلَى مَكَّةَ.
فَأَمَّا إنْ نَذَرَ الْمَشْيَ إلَى غَيْرِ الْحَرَمِ، كَعَرَفَةَ،

اسم الکتاب : المغني المؤلف : ابن قدامة المقدسي    الجزء : 10  صفحة : 15
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست