responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : المغني المؤلف : ابن قدامة المقدسي    الجزء : 10  صفحة : 149
قَالَ أَحْمَدُ: لَا تَجُوزُ شَهَادَةُ آكِلِ الرِّبَا، وَالْعَاقِّ، وَقَاطِعِ الرَّحِمِ، وَلَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ مَنْ لَا يُؤَدِّي زَكَاةَ مَالِهِ، وَإِذَا أَخْرَجَ فِي طَرِيقِ الْمُسْلِمِينَ الْأُسْطُوَانَةَ وَالْكَنِيفَ لَا يَكُونُ عَدْلًا، وَلَا يَكُونُ ابْنُهُ عَدْلًا إذَا وَرِثَ أَبَاهُ حَتَّى يَرُدَّ مَا أَخَذَهُ مِنْ طَرِيقِ الْمُسْلِمِينَ، وَلَا يَكُونُ عَدْلًا إذَا كَذَبَ الْكَذِبَ الشَّدِيدَ؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رَدَّ شَهَادَةَ رَجُلٍ فِي كَذِبِهِ. وَقَالَ: عَنْ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لَا تَجُوزُ شَهَادَةُ خَائِنٍ، وَلَا خَائِنَةٍ، وَلَا مَجْلُودٍ فِي حَدٍّ، وَلَا ذِي غِمْرٍ عَلَى أَخِيهِ فِي عَدَاوَةٍ، وَلَا الْقَاطِعِ لِأَهْلِ الْبَيْتِ، وَلَا مُجَرَّبٍ عَلَيْهِ شَهَادَةُ زُورٍ، وَلَا ضَنِينٍ فِي وَلَاءٍ وَلَا قَرَابَةٍ» . وَقَدْ رَوَاهُ أَبُو دَاوُد، وَفِيهِ: «لَا تَجُوزُ شَهَادَةُ خَائِنٍ وَلَا خَائِنَةٍ، وَلَا زَانٍ وَلَا زَانِيَةٍ، وَلَا ذِي غِمْرٍ عَلَى أَخِيهِ» .
فَأَمَّا الصَّغَائِرُ، فَإِنْ كَانَ مُصِرًّا عَلَيْهَا، رُدَّتْ شَهَادَتُهُ، وَإِنْ كَانَ الْغَالِبُ مِنْ أَمْرِهِ الطَّاعَاتِ، لَمْ يُرَدَّ؛ لِمَا ذَكَرْنَا مِنْ عَدَمِ إمْكَانِ التَّحَرُّزِ مِنْهُ. فَأَمَّا الْمُرُوءَةُ فَاجْتِنَابُ الْأُمُورِ الدَّنِيئَةِ الْمُزْرِيَةِ بِهِ، وَذَلِكَ نَوْعَانِ؛ أَحَدُهُمَا، مِنْ الْأَفْعَالِ، كَالْأَكْلِ فِي السُّوقِ. يَعْنِي بِهِ الَّذِي يَنْصِبُ مَائِدَةً فِي السُّوقِ، ثُمَّ يَأْكُلُ وَالنَّاسُ يَنْظُرُونَ. وَلَا يَعْنِي بِهِ أَكْلَ الشَّيْءِ الْيَسِيرِ، كَالْكِسْرَةِ وَنَحْوِهَا. وَإِنْ كَانَ يَكْشِفُ مَا جَرَتْ الْعَادَةُ بِتَغْطِيَتِهِ مِنْ بَدَنِهِ، أَوْ يَمُدُّ رِجْلَيْهِ فِي مَجْمَعِ النَّاسِ، أَوْ يَتَمَسْخَرُ بِمَا يُضْحِكُ النَّاسَ بِهِ، أَوْ يُخَاطِبُ امْرَأَتَهُ أَوْ جَارِيَتَهُ أَوْ غَيْرَهُمَا بِحَضْرَةِ النَّاسِ بِالْخِطَابِ الْفَاحِشِ، أَوْ يُحَدِّثُ النَّاسَ بِمُبَاضَعَتِهِ أَهْلَهُ، وَنَحْوِ هَذَا مِنْ الْأَفْعَالِ الدَّنِيئَةِ، فَفَاعِلُ هَذَا لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ؛ لِأَنَّ هَذَا سُخْفٌ وَدَنَاءَةٌ، فَمَنْ رَضِيَهُ لِنَفْسِهِ وَاسْتَحْسَنَهُ، فَلَيْسَتْ لَهُ مُرُوءَةٌ، فَلَا تَحْصُلُ الثِّقَةُ بِقَوْلِهِ.
قَالَ أَحْمَدُ، فِي رَجُلٍ شَتَمَ بَهِيمَةً: قَالَ الصَّالِحُونَ: لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ حَتَّى يَتُوبَ. وَقَدْ رَوَى أَبُو مَسْعُودٍ الْبَدْرِيُّ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إنَّ مِمَّا أَدْرَكَ النَّاسُ مِنْ كَلَامِ النُّبُوَّةِ الْأُولَى، إذَا لَمْ تَسْتَحِ فَاصْنَعْ مَا شِئْت» . يَعْنِي مَنْ لَمْ يَسْتَحِ صَنَعَ مَا شَاءَ. وَلِأَنَّ الْمُرُوءَةَ تَمْنَعُ الْكَذِبَ، وَتَزْجُرُ عَنْهُ، وَلِهَذَا يَمْتَنِعُ مِنْهُ ذُو الْمُرُوءَةِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ ذَا دِينٍ. وَقَدْ رُوِيَ عَنْ أَبِي سُفْيَانَ، أَنَّهُ حِينَ سَأَلَهُ قَيْصَرُ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَصِفَتِهِ فَقَالَ: وَاَللَّهِ لَوْلَا أَنِّي كَرِهْت أَنْ يُؤْثَرَ عَنِّي الْكَذِبُ، لَكَذَبْته. وَلَمْ يَكُنْ يَوْمئِذٍ ذَا دِينٍ. وَلِأَنَّ الْكَذِبَ دَنَاءَةٌ، وَالْمُرُوءَةُ تَمْنَعُ مِنْ

اسم الکتاب : المغني المؤلف : ابن قدامة المقدسي    الجزء : 10  صفحة : 149
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست