responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : المغني المؤلف : ابن قدامة المقدسي    الجزء : 10  صفحة : 139
{إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا} [النساء: 58] . فَإِنْ عَجَزَ عَنْ إقَامَتِهَا، أَوْ تَضَرَّرَ بِهَا، لَمْ تَجِبْ عَلَيْهِ؛ لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {وَلا يُضَارَّ كَاتِبٌ وَلا شَهِيدٌ وَإِنْ تَفْعَلُوا فَإِنَّهُ فُسُوقٌ بِكُمْ} [البقرة: 282] .

[فَصْلٌ أَخْذُ الْجَعْلِ عَلَى الشَّهَادَةِ]
(8349) فَصْلٌ: وَمَنْ لَهُ كِفَايَةٌ، فَلَيْسَ لَهُ أَخْذُ الْجُعْلِ عَلَى الشَّهَادَةِ؛ لِأَنَّهُ أَدَاءُ فَرْضٍ، فَإِنَّ فَرْضَ الْكِفَايَةِ إذَا قَامَ بِهِ الْبَعْضُ وَقَعَ مِنْهُمْ فَرْضًا. وَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ كِفَايَةٌ، وَلَا تَعَيَّنَتْ عَلَيْهِ حَلَّ لَهُ أَخْذُهُ؛ وَالنَّفَقَةَ عَلَى عِيَالِهِ فَرْضُ عَيْنٍ، فَلَا يَشْتَغِلُ عَنْهُ بِفَرْضِ الْكِفَايَةِ، فَإِذَا أَخَذَ الرِّزْقَ جَمَعَ بَيْنَ الْأَمْرَيْنِ. وَإِنْ تَعَيَّنَتْ عَلَيْهِ الشَّهَادَةُ، احْتَمَلَ ذَلِكَ أَيْضًا، وَاحْتَمَلَ أَنْ لَا يَجُوزَ؛ لِئَلَّا يَأْخُذَ الْعِوَضَ عَنْ أَدَاءِ فَرْضِ عَيْنٍ. وَقَالَ أَصْحَابُ الشَّافِعِيِّ: لَا يَجُوزُ أَخْذُ الْأُجْرَةِ لِمَنْ تَعَيَّنَتْ عَلَيْهِ، وَهَلْ يَجُوزُ لِغَيْرِهِ؟ عَلَى وَجْهَيْنِ.

[مَسْأَلَة الشَّهَادَةَ لَا تَجُوزُ إلَّا بِمَا عَلِمَهُ]
(8350) مَسْأَلَةٌ؛ قَالَ: (وَمَا أَدْرَكَهُ مِنْ الْفِعْلِ نَظَرًا، أَوْ سَمِعَهُ تَيَقُّنًا، وَإِنْ لَمْ يَرَ الْمَشْهُودَ عَلَيْهِ، شَهِدَ بِهِ) وَجُمْلَةُ ذَلِكَ أَنَّ الشَّهَادَةَ لَا تَجُوزُ إلَّا بِمَا عَلِمَهُ؛ بِدَلِيلِ قَوْله تَعَالَى: {إِلا مَنْ شَهِدَ بِالْحَقِّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ} [الزخرف: 86] . وقَوْله تَعَالَى: {وَلا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولا} [الإسراء: 36] . وَتَخْصِيصُهُ لِهَذِهِ الثَّلَاثَةِ بِالسُّؤَالِ؛ لِأَنَّ الْعِلْمَ بِالْفُؤَادِ، وَهُوَ يَسْتَنِدُ إلَى السَّمْعِ وَالْبَصَرِ؛ وَلِأَنَّ مَدْرَكَ الشَّهَادَةِ الرُّؤْيَةُ وَالسَّمَاعُ، وَهُمَا بِالْبَصَرِ وَالسَّمْعِ. وَرُوِيَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّهُ قَالَ: «سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ الشَّهَادَةِ، قَالَ: هَلْ تَرَى الشَّمْسَ؟ . قَالَ: نَعَمْ. قَالَ: عَلَى مِثْلِهَا فَاشْهَدْ أَوْ دَعْ» . رَوَاهُ الْخَلَّالُ، فِي " الْجَامِعِ " بِإِسْنَادِهِ.
إذَا ثَبَتَ هَذَا، فَإِنَّ مَدْرَكَ الْعِلْمِ الَّذِي تَقَعُ بِهِ الشَّهَادَةُ اثْنَانِ، الرُّؤْيَةُ وَالسَّمَاعُ، وَمَا عَدَاهُمَا مِنْ مَدَارِكِ الْعِلْمِ كَالشَّمِّ وَالذَّوْقِ وَاللَّمْسِ، لَا حَاجَةَ إلَيْهَا فِي الشَّهَادَةِ فِي الْأَغْلَبِ. فَأَمَّا مَا يَقَعُ بِالرُّؤْيَةِ، فَالْأَفْعَالُ؛ كَالْغَصْبِ، وَالْإِتْلَافِ، وَالزِّنَى، وَشُرْبِ الْخَمْرِ، وَسَائِرِ الْأَفْعَالِ، وَكَذَلِكَ الصِّفَاتُ الْمَرْئِيَّةُ؛ كَالْعُيُوبِ فِي الْمَبِيعِ، وَنَحْوِهَا، فَهَذَا لَا تُتَحَمَّلُ الشَّهَادَةُ فِيهِ إلَّا بِالرُّؤْيَةِ؛ لِأَنَّهُ يُمْكِنُ الشَّهَادَةُ عَلَيْهِ قَطْعًا، فَلَا يُرْجَعُ إلَى غَيْرِ ذَلِكَ.
وَأَمَّا السَّمَاعُ فَنَوْعَانِ؛

اسم الکتاب : المغني المؤلف : ابن قدامة المقدسي    الجزء : 10  صفحة : 139
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست