responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : المغني المؤلف : ابن قدامة المقدسي    الجزء : 10  صفحة : 134
فِي الْيَمِينِ مَعَ الشَّاهِدِ إسْنَادٌ جَيِّدٌ.
وَلِأَنَّ الْيَمِينَ تُشْرَعُ فِي حَقِّ مَنْ ظَهَرَ صِدْقُهُ، وَقَوِيَ جَانِبُهُ، وَلِذَلِكَ شُرِعَتْ فِي حَقِّ صَاحِبِ الْيَدِ لِقُوَّةِ جَنْبِهِ بِهَا، وَفِي حَقِّ الْمُنْكِرِ لِقُوَّةِ جَنْبِهِ، فَإِنَّ الْأَصْلَ بَرَاءَةُ ذِمَّتِهِ، وَالْمُدَّعِي هَاهُنَا قَدْ ظَهَرَ صِدْقُهُ، فَوَجَبَ أَنْ تُشْرَعَ الْيَمِينُ فِي حَقِّهِ. وَلَا حَجَّةَ لَهُمْ فِي الْآيَةِ؛ لِأَنَّهَا دَلَّتْ عَلَى مَشْرُوعِيَّةِ الشَّاهِدَيْنِ، وَالشَّاهِدِ وَالْمَرْأَتَيْنِ، وَلَا نِزَاعَ فِي هَذَا. وَقَوْلُهُمْ: إنَّ الزِّيَادَةَ فِي النَّصِّ نَسْخٌ.
غَيْرُ صَحِيحٍ؛ لِأَنَّ النَّسْخَ الرَّفْعُ وَالْإِزَالَةُ، وَالزِّيَادَةُ فِي الشَّيْء تَقْرِيرٌ لَهُ، لَا رَفْعٌ، وَالْحُكْمُ بِالشَّاهِدِ وَالْيَمِينِ لَا يَمْنَعُ الْحُكْمَ بِالشَّاهِدَيْنِ، وَلَا يَرْفَعُهُ؛ وَلِأَنَّ الزِّيَادَةَ لَوْ كَانَتْ مُتَّصِلَةً بِالْمَزِيدِ عَلَيْهِ لَمْ تَرْفَعْهُ، وَلَمْ تَكُنْ نَسْخًا، فَكَذَلِكَ إذَا انْفَصَلَتْ عَنْهُ، وَلِأَنَّ الْآيَةَ وَارِدَةٌ فِي التَّحَمُّلِ دُونَ الْأَدَاءِ، وَلِهَذَا قَالَ: {أَنْ تَضِلَّ إِحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الأُخْرَى} [البقرة: 282] .
وَالنِّزَاعُ فِي الْأَدَاءِ، وَحَدِيثُهُمْ ضَعِيفٌ، وَلَيْسَ هُوَ لِلْحَصْرِ؛ بِدَلِيلِ أَنَّ الْيَمِينَ تُشْرَعَ فِي حَقِّ الْمُودَعِ إذَا ادَّعَى رَدَّ الْوَدِيعَةِ وَتَلَفَهَا، وَفِي حَقِّ الْأُمَنَاءِ لِظُهُورِ جِنَايَتِهِمْ، وَفِي حَقِّ الْمُلَاعِنِ، وَفِي الْقَسَامَةِ، وَتُشْرَعُ فِي حَقِّ الْبَائِعِ وَالْمُشْتَرِي إذَا اخْتَلَفَا فِي الثَّمَنِ وَالسِّلْعَةُ قَائِمَةٌ. وَقَوْلُ مُحَمَّدٍ فِي نَقْضِ قَضَاءِ مَنْ قَضَى بِالشَّاهِدِ وَالْيَمِينِ، يَتَضَمَّنُ الْقَوْلَ بِنَقْضِ قَضَاءِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَالْخُلَفَاءِ الَّذِينَ قَضَوْا بِهِ، وَقَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} [النساء: 65] . وَالْقَضَاءُ بِمَا قَضَى بِهِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَوْلَى مِنْ قَضَاءِ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ الْمُخَالِفِ لَهُ.:

[يَحْلِف عَلَى مَا لَا تَسُوغُ الشَّهَادَةُ عَلَيْهِ]
(8338) فَصْلٌ: قَالَ الْقَاضِي: يَجُوزُ أَنَّ يَحْلِفَ عَلَى مَا لَا تَسُوغُ الشَّهَادَةُ عَلَيْهِ؛ مِثْلُ أَنْ يَجِدَ بِخَطِّهِ دَيْنًا لَهُ عَلَى إنْسَانٍ، وَهُوَ يَعْرِفُ أَنَّهُ لَا يَكْتُبُ إلَّا حَقًّا، وَلَمْ يَذْكُرْهُ، أَوْ يَجِدَ فِي رزمانج أَبِيهِ بِخَطِّهِ دَيْنًا لَهُ عَلَى إنْسَانٍ، وَيَعْرِفَ مِنْ أَبِيهِ الْأَمَانَةَ، وَأَنَّهُ لَا يَكْتُبُ إلَّا حَقًّا، فَلَهُ أَنْ يَحْلِفَ عَلَيْهِ، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَشْهَدَ بِهِ، وَلَوْ أَخْبَرَهُ بِحَقِّ أَبِيهِ ثِقَةٌ، فَسَكَنَ إلَيْهِ، جَازَ أَنْ يَحْلِفَ عَلَيْهِ، وَلَمْ يَجُزْ لَهُ أَنْ يَشْهَدَ بِهِ. وَبِهَذَا قَالَ الشَّافِعِيُّ وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْيَمِينِ وَالشَّهَادَةِ مِنْ وَجْهَيْنِ؛ أَحَدُهُمَا، أَنَّ الشَّهَادَةَ لِغَيْرِهِ، فَيَحْتَمِلُ أَنَّ مَنْ لَهُ الشَّهَادَةُ قَدْ زَوَّرَ عَلَى خَطِّهِ، وَلَا يَحْتَمِلُ هَذَا فِيمَا يَحْلِفُ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ الْحَقَّ إنَّمَا هُوَ لِلْحَالِفِ، فَلَا يُزَوِّرُ أَحَدٌ عَلَيْهِ.
الثَّانِي، أَنَّ مَا يَكْتُبُهُ الْإِنْسَانُ مِنْ حُقُوقِهِ يَكْثُرُ فَيَنْسَى بَعْضَهُ، بِخِلَافِ الشَّهَادَةِ.

اسم الکتاب : المغني المؤلف : ابن قدامة المقدسي    الجزء : 10  صفحة : 134
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست