responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : المغني المؤلف : ابن قدامة المقدسي    الجزء : 10  صفحة : 130
أَجْمَعَ الْمُسْلِمُونَ عَلَى أَنَّهُ لَا يُقْبَلُ فِي الزِّنَا أَقَلُّ مِنْ أَرْبَعَةِ شُهُودٍ. وَقَدْ نَصَّ اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ بِقَوْلِهِ سُبْحَانَهُ: {لَوْلا جَاءُوا عَلَيْهِ بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَإِذْ لَمْ يَأْتُوا بِالشُّهَدَاءِ فَأُولَئِكَ عِنْدَ اللَّهِ هُمُ الْكَاذِبُونَ} [النور: 13] . فِي آيٍ سِوَاهَا.
وَقَدْ رُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ: «أَرْبَعَةٌ، وَإِلَّا حَدٌّ فِي ظَهْرِك» فِي أَخْبَارٍ سِوَى هَذَا. وَأَجْمَعُوا عَلَى أَنَّهُ يُشْتَرَطُ كَوْنُهُمْ مُسْلِمِينَ، عُدُولًا، ظَاهِرًا وَبَاطِنًا، وَسَوَاءٌ كَانَ الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ مُسْلِمًا أَوْ ذِمِّيًّا. وَجُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ عَلَى أَنَّهُ يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونُوا رِجَالًا أَحْرَارًا، فَلَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ النِّسَاءِ وَلَا الْعَبِيدِ. وَبِهِ يَقُولُ مَالِكٌ، وَالشَّافِعِيُّ، وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ. وَشَذَّ أَبُو ثَوْرٍ، فَقَالَ: تُقْبَلُ فِيهِ شَهَادَةُ الْعَبِيدِ.
وَحُكِيَ عَنْ عَطَاءٍ، وَحَمَّادٍ، أَنَّهُمَا قَالَا: تَجُوزُ شَهَادَةُ ثَلَاثَةِ رِجَالٍ وَامْرَأَتَيْنِ؛ لِأَنَّهُ نَقَصَ وَاحِدٌ مِنْ عَدَدِ الرِّجَالِ، فَقَامَ مَقَامَهُ امْرَأَتَانِ، كَالْأَمْوَالِ. وَلَنَا، ظَاهِرُ الْآيَةِ، وَأَنَّ الْعَبْدَ مُخْتَلَفٌ فِي شَهَادَتِهِ فِي الْمَالِ، فَكَانَ ذَلِكَ شُبْهَةً فِي الْحَدِّ؛ لِأَنَّهُ بِالشُّبُهَاتِ يَنْدَرِئُ، وَلَا يَصِحُّ قِيَاسُ هَذَا عَلَى الْأَمْوَالِ؛ لِخِفَّةِ حُكْمِهَا، وَشِدَّةِ الْحَاجَةِ إلَى إثْبَاتِهَا، لِكَثْرَةِ وُقُوعِهَا، وَالِاحْتِيَاطِ فِي حِفْظِهَا، وَلِهَذَا زِيدَ فِي عَدَدِ شُهُودِ الزِّنَى عَلَى شُهُودِ الْمَالِ.
(8332) فَصْلٌ: وَفِي الْإِقْرَارِ بِالزِّنَى رِوَايَتَانِ، ذَكَرَهُمَا أَبُو بَكْرٍ. وَلِلشَّافِعِيِّ فِيهِ قَوْلَانِ؛ أَحَدُهُمَا، يَثْبُتُ بِشَاهِدَيْنِ؛ قِيَاسًا عَلَى سَائِرِ الْأَقَارِيرِ. وَالثَّانِي، لَا يَثْبُتُ إلَّا بِأَرْبَعَةِ؛ لِأَنَّهُ مُوجِبٌ لَحَدِّ الزِّنَى، أَشْبَهَ فِعْلَهُ.

[مَسْأَلَة الشُّهُود فِيمَا سِوَى الْأَمْوَالِ مِمَّا يَطَّلِعُ عَلَيْهِ الرِّجَالُ]
(8333) مَسْأَلَةٌ؛ قَالَ: (وَلَا يُقْبَلُ فِيمَا سِوَى الْأَمْوَالِ، مِمَّا يَطَّلِعُ عَلَيْهِ الرِّجَالُ، أَقَلُّ مِنْ رَجُلَيْنِ) وَهَذَا الْقِسْمُ نَوْعَانِ؛ أَحَدُهُمَا، الْعُقُوبَاتُ، وَهِيَ الْحُدُودُ وَالْقِصَاصُ فَلَا يُقْبَلُ فِيهِ إلَّا شَهَادَةُ رَجُلَيْنِ، إلَّا مَا رُوِيَ عَنْ عَطَاءٍ، وَحَمَّادٍ، أَنَّهُمَا قَالَا: يُقْبَلُ فِيهِ رَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ؛ قِيَاسًا عَلَى الشَّهَادَةِ فِي الْأَمْوَالِ.
وَلَنَا، أَنَّ هَذَا مِمَّا يُحْتَاطُ لِدَرْئِهِ وَإِسْقَاطِهِ، وَلِهَذَا يَنْدَرِئُ بِالشُّبُهَاتِ، وَلَا تَدْعُو الْحَاجَةُ إلَى إثْبَاتِهِ، وَفِي شَهَادَةِ النِّسَاءِ شُبْهَةٌ، بِدَلِيلِ قَوْله تَعَالَى: {أَنْ تَضِلَّ إِحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الأُخْرَى} [البقرة: 282] . وَأَنَّهُ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُنَّ وَإِنْ كَثُرْنَ، مَا لَمْ يَكُنْ مَعَهُنَّ رَجُلٌ، فَوَجَبَ أَنْ لَا تُقْبَلَ شَهَادَتُهُنَّ فِيهِ. وَلَا يَصِحُّ قِيَاسُ هَذَا عَلَى الْمَالِ، لِمَا ذَكَرْنَا مِنْ الْفَرْقِ. وَبِهَذَا الَّذِي ذَكَرْنَا قَالَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ، وَالشَّعْبِيُّ، وَالنَّخَعِيُّ، وَحَمَّادٌ، وَالزُّهْرِيُّ، وَرَبِيعَةُ، وَمَالِكٌ،

اسم الکتاب : المغني المؤلف : ابن قدامة المقدسي    الجزء : 10  صفحة : 130
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست