responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : المغني المؤلف : ابن قدامة المقدسي    الجزء : 10  صفحة : 114
الشَّرِيفُ أَبُو جَعْفَرٍ، وَحَكَاهُ أَبُو الْخَطَّابِ عَنْ الْقَاضِي.
وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ، وَمُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ: لَيْسَ لَهُ الرُّجُوعُ عَلَيْهِ بِشَيْءٍ؛ لِأَنَّهُ بَنَى وَغَرَسَ بِاخْتِيَارِ نَفْسِهِ، فَلَمْ يَرْجِعْ بِنَقْصِ ذَلِكَ عَلَى غَيْرِهِ، كَمَا لَوْ بَنَى فِي مِلْكِ نَفْسِهِ. وَلَنَا، أَنَّ هَذِهِ الْقِسْمَةَ بِمَنْزِلَةِ الْبَيْعِ؛ فَإِنَّ الدَّارَيْنِ لَا يُقْسَمَانِ قِسْمَةَ إجْبَارٍ عَلَى أَنْ تَكُونَ كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا نَصِيبًا، وَإِنَّمَا يُقْسَمَانِ كَذَلِكَ بِالتَّرَاضِي، فَتَكُونُ جَارِيَةً مَجْرَى الْبَيْعِ، وَلَوْ بَاعَهُ الدَّارَ جَمِيعَهَا، ثُمَّ بَانَتْ مُسْتَحَقَّةً، رَجَعَ عَلَيْهِ بِالْبِنَاءِ كُلِّهِ، فَإِذَا بَاعَهُ نِصْفَهَا، رَجَعَ عَلَيْهِ بِنِصْفِهِ، وَكَذَلِكَ يُخَرَّجُ فِي كُلِّ قِسْمَةٍ جَارِيَةٍ مَجْرَى الْبَيْعِ، وَهِيَ قِسْمَةُ التَّرَاضِي، الَّذِي فِيهِ رَدُّ عِوَضٍ، وَمَا لَا يُجْبَرُ عَلَى قِسْمَتِهِ لَضَرَرٍ فِيهِ، وَنَحْوِ ذَلِكَ.
فَأَمَّا قِسْمَةُ الْإِجْبَارِ، إذَا ظَهَرَ نَصِيبُ أَحَدِهِمَا مُسْتَحَقًّا بَعْدَ الْبِنَاءِ وَالْغَرْسِ فِيهِ، فَنُقِضَ الْبِنَاءُ، وَقُلِعَ الْغَرْسُ، فَإِنْ قُلْنَا: الْقِسْمَةُ بَيْعٌ. فَالْحُكْمُ فِيهَا كَذَلِكَ، وَإِنْ قُلْنَا: لَيْسَتْ بَيْعًا. لَمْ يَرْجِعْ؛ لِأَنَّ شَرِيكَهُ لَمْ يُغْرِهِ، وَلَمْ يَنْقُلْ إلَيْهِ مِنْ جِهَتِهِ بَيْعٌ، وَإِنَّمَا أُفْرِزَ حَقُّهُ مِنْ حَقِّهِ، فَلَمْ يَضْمَنْ لَهُ مَا غَرِمَ فِيهِ. هَذَا الَّذِي يَقْتَضِيه قَوْلُ أَصْحَابِنَا.

[فَصْلٌ اقْتَسَمَ الْوَرَثَةُ تَرِكَةَ الْمَيِّتِ ثُمَّ بَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ]
(8323) فَصْلٌ: وَإِذَا اقْتَسَمَ الْوَرَثَةُ تَرِكَةَ الْمَيِّتِ، ثُمَّ بَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ لَا وَفَاءَ لَهُ إلَّا مِمَّا اقْتَسَمُوهُ، لَمْ تَبْطُلْ الْقِسْمَةُ؛ لِأَنَّ تَعَلُّقَ الدَّيْنِ بِالتَّرِكَةِ لَا يَمْنَعُ صِحَّةَ التَّصَرُّفِ فِيهَا، لِأَنَّهُ تَعَلَّقَ بِهَا بِغَيْرِ رِضَاهُمْ، فَأَشْبَهَ تَعَلُّقَ دَيْنِ الْجِنَايَةِ بِرَقَبَةِ الْجَانِي، وَيُفَارِقُ الرَّهْنَ؛ لِأَنَّ الْحَقَّ يَتَعَلَّقُ بِهِ بِرِضَا مَالِكِهِ وَاخْتِيَارِهِ. فَعَلَى هَذَا يُقَالُ لِلْوَرَثَةِ: إنْ شِئْتُمْ وَفَّيْتُمْ الدَّيْنَ وَالْقِسْمَةُ بِحَالِهَا، وَإِنْ أَبَيْتُمْ نُقِضَتْ الْقِسْمَةُ وَبِيعَتْ التَّرِكَةُ فِي الدَّيْنِ.
فَإِنْ أَجَابَ أَحَدُهُمْ، وَامْتَنَعَ الْآخَرُ، بِيعَ نَصِيبُ الْمُمْتَنِعِ وَحْدَهُ، وَبَقِيَ نَصِيبُ الْمُجِيبِ بِحَالِهِ. وَإِنْ كَانَ ثَمَّ وَصِيَّةٌ بِجُزْءٍ مِنْ الْمَقْسُومِ، فَالْحُكْمُ فِيهِ كَمَا لَوْ ظَهَرَ مُسْتَحَقًّا، عَلَى مَا مَرَّ مِنْ التَّفْصِيلِ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ يُسْتَحَقُّ أَخْذُهُ. وَإِنْ كَانَتْ الْوَصِيَّةُ بِمَالٍ غَيْرِ مُعَيَّنٍ، مِثْلُ أَنْ يُوصِيَ بِمِائَةِ دِينَارٍ، فَحُكْمُهَا حُكْمُ الدَّيْنِ، عَلَى مَا بَيَّنَّا.

[فَصْلٌ طَلَبَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ مِنْ الْآخَرِ الْمُهَايَأَةَ مِنْ غَيْرِ قِسْمَةٍ]
(8324) فَصْلٌ: وَإِذَا طَلَبَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ مِنْ الْآخَرِ الْمُهَايَأَةَ مِنْ غَيْرِ قِسْمَةٍ، إمَّا فِي الْأَجْزَاءِ بِأَنْ يَجْعَلَ لِأَحَدِهِمَا بَعْضَ الدَّارِ يَسْكُنُهَا، أَوْ بَعْضَ الْحَقْلِ يَزْرَعُهُ، وَيَسْكُنُ الْآخَرَ، وَيَزْرَعُ فِي الْبَاقِي، أَوْ يَسْكُنُ أَحَدُهُمَا، وَيَزْرَعُ سَنَةً، وَيَسْكُنُ الْآخَرُ، وَيَزْرَعُ سَنَةً أُخْرَى، لَمْ يُجْبَرْ الْمُمْتَنِعُ مِنْهُمَا. وَبِهَذَا قَالَ الشَّافِعِيُّ. وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ، وَمَالِكٌ: يُجْبَرُ؛ لِأَنَّ فِي الِامْتِنَاعِ مِنْهُ ضَرَرًا، فَيَنْتَفِي بِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: «لَا ضَرَرَ وَلَا ضِرَارَ» . وَوَافَقَنَا أَبُو حَنِيفَةَ فِي الْعَبِيدِ خَاصَّةً، عَلَى أَنَّهُ لَا يُجْبَرُ عَلَى الْمُهَايَأَةِ. وَلَنَا، أَنَّ الْمُهَايَأَةَ مُعَاوَضَةٌ، فَلَا يُجْبَرُ عَلَيْهَا كَالْبَيْعِ، وَلِأَنَّ حَقَّ كُلِّ وَاحِدٍ فِي الْمَنْفَعَةِ عَاجِلٌ، فَلَا يَجُوزُ

اسم الکتاب : المغني المؤلف : ابن قدامة المقدسي    الجزء : 10  صفحة : 114
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست