responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : المغني المؤلف : ابن قدامة المقدسي    الجزء : 10  صفحة : 107
وَلِأَنَّهُ لَوْ كَانَ حَقْلَانِ مُتَجَاوِرَانِ لَمْ يُجْبَرْ الْمُمْتَنِعُ مِنْ الْقِسْمَةِ، إذَا لَمْ تُمْكِنْ إلَّا بِأَنْ يَجْعَلَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا سَهْمًا، كَذَا هَاهُنَا. وَلَنَا، أَنَّهُ مَكَانٌ وَاحِدٌ، أَمْكَنَتْ قِسْمَتُهُ، وَتَعْدِيلُهُ، مِنْ غَيْرِ رَدِّ عِوَضٍ وَلَا ضَرَرٍ، فَوَجَبَتْ قِسْمَتُهُ، كَالدُّورِ. وَلِأَنَّ مَا ذَكَرُوهُ يُفْضِي إلَى مَنْعِ وُجُوبِ الْقِسْمَةِ فِي الْبَسَاتِينِ كُلِّهَا وَالدُّورِ؛ فَإِنَّهُ لَا يُمْكِنُ تَسَاوِي الشَّجَرِ وَبِنَاءِ الدُّورِ وَمَسَاكِنِهَا إلَّا بِالْقِيمَةِ، وَلِأَنَّهُ مَكَانٌ لَوْ بِيعَ بَعْضُهُ وَجَبَتْ فِيهِ الشُّفْعَةُ لِشَرِيكِ الْبَائِعِ، فَوَجَبَتْ قِسْمَتُهُ، كَمَا لَوْ أَمْكَنَتْ التَّسْوِيَةُ بِالزَّرْعِ.
وَأَمَّا إذَا كَانَ بُسْتَانَانِ، لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا طَرِيقٌ، أَوْ حَقْلَانِ، أَوْ دَارَانِ، أَوْ دُكَّانَانِ مُتَجَاوِرَانِ أَوْ مُتَبَاعِدَانِ، فَطَلَبَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ قِسْمَتَهُ، بِجَعْلِ كُلِّ وَاحِدٍ بَيْنَهُمَا، لَمْ يُجْبَرْ الْآخَرُ عَلَى هَذَا، سَوَاءٌ كَانَا مُتَسَاوِيَيْنِ أَوْ مُخْتَلِفَيْنِ. وَهَذَا ظَاهِرُ مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ؛ لِأَنَّهُمَا شَيْئَانِ مُتَمَيِّزَانِ، لَوْ بِيعَ أَحَدُهُمَا، لَمْ تَجِبْ الشُّفْعَةُ فِيهِ لِمَالِكِ الْآخَرِ، بِخِلَافِ الْبُسْتَانِ الْوَاحِدِ، وَالْأَرْضِ الْوَاحِدَةِ وَإِنْ عَظُمَتْ، فَإِنَّهُ إذَا بِيعَ بَعْضُهَا، وَجَبَتْ الشُّفْعَةُ لِمَالِكِ الْبَعْضِ الْبَاقِي، وَالشُّفْعَةُ كَالْقِسْمَةِ؛ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يُرَادُ لِإِزَالَةِ ضَرَرِ الشَّرِكَةِ، وَنُقْصَانِ التَّصَرُّفِ، فَمَا لَا تَجِبُ قِسْمَتُهُ، لَا تَجِبُ الشُّفْعَةُ فِيهِ، فَكَذَلِكَ مَا لَا شُفْعَةَ فِيهِ، لَا تَجِبُ قِسْمَتُهُ، وَعَكْسُ هَذَا مَا تَجِبُ قِسْمَتُهُ، تَجِبُ فِيهِ الشُّفْعَةُ، وَمَا تَجِبُ الشُّفْعَةُ فِيهِ، تَجِبُ قِسْمَتُهُ. وَلِأَنَّهُ لَوْ بَدَا الصَّلَاحُ فِي بَعْضِ الْبُسْتَانِ، كَانَ صَلَاحًا لِبَاقِيهِ وَإِنْ كَانَ كَبِيرًا. وَلَمْ يَكُنْ صَلَاحًا لِمَا جَاوَزَهُ وَإِنْ كَانَ صَغِيرًا.

[فَصْلٌ كَانَ فِي الْأَرْضِ زَرْعٌ فَطَلَبَ أَحَدُهُمَا قِسْمَتَهَا دُونَ الزَّرْعِ]
(8313) فَصْلٌ: وَإِذَا كَانَ فِي الْأَرْضِ زَرْعٌ، فَطَلَبَ أَحَدُهُمَا قِسْمَتَهَا دُونَ الزَّرْعِ، أُجْبِرَ الْمُمْتَنِعُ؛ لِأَنَّ الزَّرْعَ فِي الْأَرْضِ كَالْقُمَاشِ فِي الدَّارِ، فَلَمْ يَمْنَعْ الْقِسْمَةَ، كَالْقُمَاشِ، وَسَوَاءٌ خَرَجَ الزَّرْعُ، أَوْ كَانَ بَذْرًا لَمْ يَخْرُجْ، فَإِذَا قَسَمَاهَا، بَقِيَ الزَّرْعُ بَيْنَهُمَا مُشْتَرَكًا، كَمَا لَوْ بَاعَا الْأَرْضَ لَغَيْرِهِمَا. وَإِنْ طَلَبَ أَحَدُهُمَا قِسْمَةَ الزَّرْعِ مُنْفَرِدًا، لَمْ يُجْبَرْ الْآخَرُ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ الْقِسْمَةَ لَا بُدَّ فِيهَا مِنْ تَعْدِيلِ الْمَقْسُومِ، وَتَعْدِيلُ الزَّرْعِ بِالسِّهَامِ لَا يُمْكِنُ؛ لِأَنَّهُ يُشْتَرَطُ بَقَاؤُهُ فِي الْأَرْضِ الْمُشْتَرَكَةِ.
وَإِنْ طَلَبَ قِسْمَتَهَا مَعَ الزَّرْعِ، وَكَانَ قَدْ خَرَجَ، جَازَ، وَأُجْبِرَ الْمُمْتَنِعُ عَلَيْهِ، سَوَاءٌ كَانَ قَصِيلًا، أَوْ اشْتَدَّ الْحَبُّ فِيهِ؛ لِأَنَّ الزَّرْعَ كَالشَّجَرِ فِي الْأَرْضِ، وَالْقِسْمَةُ إفْرَازُ حَقٍّ، وَلَيْسَتْ بَيْعًا. وَإِنْ قُلْنَا: هِيَ بَيْعٌ. لَمْ يُجْبَرْ إذَا اشْتَدَّ الْحَبُّ؛ لِأَنَّهُ يَتَضَمَّنُ بَيْعَ السُّنْبُلِ بَعْضِهِ بِبَعْضِ. وَيَحْتَمِلُ الْجَوَازَ؛ لِأَنَّ السَّنَابِلَ هَاهُنَا دَخَلَتْ تَبَعًا لِلْأَرْضِ، فَلَيْسَتْ الْمَقْصُودَ، فَأَشْبَهَ بَيْعَ النَّخْلَةِ الْمُثْمِرَةِ بِمِثْلِهَا.
وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: لَا يُجْبَرُ الْمُمْتَنِعُ مِنْ قِسْمَتِهَا مَعَ الزَّرْعِ؛ لِأَنَّ الزَّرْعَ مُودَعٌ فِي الْأَرْضِ لِلنَّقْلِ عَنْهَا، فَلَمْ تَجِبْ قِسْمَتُهُ مَعَهَا كَالْقُمَاشِ فِيهَا.

اسم الکتاب : المغني المؤلف : ابن قدامة المقدسي    الجزء : 10  صفحة : 107
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست