responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : المغني المؤلف : ابن قدامة المقدسي    الجزء : 10  صفحة : 105
مِنْهُمَا، أَوْ طَلَبَ أَحَدُهُمَا إفْرَازَ نَصِيبِهِ، لَمْ تَجِبْ الْقِسْمَةُ عَلَى قِيَاسِ الْمَذْهَبِ لِأَنَّهُ إضْرَارٌ بِالطَّالِبِ وَسَفَهٌ. وَعَلَى الْوَجْهِ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ تَجِبُ الْقِسْمَةُ؛ لِأَنَّ الْمَطْلُوبَ مِنْهُ لَا ضَرَرَ عَلَيْهِ.
الْحَالُ الثَّانِي، الَّذِي لَا يُجْبَرُ أَحَدُهُمَا عَلَى الْقِسْمَةِ، وَهِيَ مَا إذَا عُدِمَ أَحَدُ الشُّرُوطِ الثَّلَاثَةِ، فَلَا تَجُوزُ الْقِسْمَةُ إلَّا بِرِضَاهُمَا، وَتُسَمَّى قِسْمَةَ التَّرَاضِي، وَهِيَ جَائِزَةٌ مَعَ اخْتِلَالِ الشُّرُوطِ كُلِّهَا؛ لِأَنَّهَا بِمَنْزِلَةِ الْبَيْعِ وَالْمُنَاقَلَةِ، وَبَيْعُ ذَلِكَ جَائِزٌ.

[فَصْلٌ كَانَتْ دَارٌ بَيْنَ اثْنَيْنِ سُفْلُهَا وَعُلْوُهَا فَإِذَا طَلَبَا قَسْمَهَا]
(8310) فَصْلٌ: إذَا كَانَتْ دَارٌ بَيْنَ اثْنَيْنِ، سُفْلُهَا وَعُلْوُهَا، فَإِذَا طَلَبَا قَسَمَهَا؛ نَظَرْتُ، فَإِنْ طَلَبَ أَحَدُهُمَا قِسْمَةَ السُّفْلِ وَالْعُلْوِ بَيْنَهُمَا، وَلَا ضَرَرَ فِي ذَلِكَ، أُجْبِرَ الْآخَرُ عَلَيْهِ. لِأَنَّ الْبِنَاءَ فِي الْأَرْضِ يَجْرِي مَجْرَى الْغَرْسِ، فَيَتْبَعُهَا فِي الْبَيْعِ وَالشُّفْعَةِ، ثُمَّ لَوْ طَلَبَ قِسْمَةَ أَرْضٍ فِيهَا غِرَاسٌ، أُجْبِرَ شَرِيكُهُ عَلَيْهِ، كَذَلِكَ الْبِنَاءُ. وَإِنْ طَلَبَ أَحَدُهُمَا جَعْلَ السُّفْلِ لِأَحَدِهِمَا وَالْعُلْوِ لِلْآخَرِ، وَيُقْرَعُ بَيْنَهُمَا، لَمْ يُجْبَرْ عَلَيْهِ الْآخَرُ؛ لِثَلَاثَةِ مَعَانٍ؛ أَحَدُهَا، أَنَّ الْعُلْوَ يَتْبَعُ لِلسُّفْلِ، وَلِهَذَا إذَا بِيعَا، تَثْبُتُ الشُّفْعَةُ فِيهِمَا، وَإِذَا أُفْرِدَ الْعُلْوُ بِالْبَيْعِ، لَمْ تَثْبُتْ فِيهِ الشُّفْعَةُ، وَإِذَا كَانَ تَبَعًا لَهُ، لَمْ يُجْعَلْ الْمَتْبُوعُ سَهْمًا وَالتَّبَعُ سَهْمًا، فَيَصِيرُ التَّبَعُ أَصْلًا.
الثَّانِي، أَنَّ السُّفْلَ وَالْعُلْوَ يَجْرِيَانِ مَجْرَى الدَّارَيْنِ الْمُتَلَاصِقَتَيْنِ؛ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يَسْكُنُ مُنْفَرِدًا، وَلَوْ كَانَ بَيْنَهُمَا دَارَانِ، لَمْ يَكُنْ لِأَحَدِهِمَا الْمُطَالَبَةُ بِجَعْلِ كُلِّ دَارٍ نَصِيبًا كَذَا هَاهُنَا. الثَّالِثُ، أَنَّ صَاحِبَ الْقَرَارِ يَمْلِكُ قَرَارَهَا وَهَوَاءَهَا، فَإِذَا جُعِلَ السُّفْلُ نَصِيبًا انْفَرَدَ صَاحِبُهُ بِالْهَوَاءِ، وَلَيْسَتْ هَذِهِ قِسْمَةً عَادِلَةً. وَبِهَذَا قَالَ الشَّافِعِيُّ. وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: يَقْسِمُهُ الْحَاكِمُ، يَجْعَلُ ذِرَاعًا مِنْ السُّفْلِ بِذِرَاعَيْنِ مِنْ الْعُلْوِ. وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ: ذِرَاعٌ بِذِرَاعٍ. وَقَالَ مُحَمَّدٌ: يَقْسِمُهَا بِالْقِيمَةِ. وَاحْتَجُّوا بِأَنَّهَا دَارٌ وَاحِدَةٌ، فَإِذَا قَسَمَهَا عَلَى مَا يَرَاهُ جَازَ، كَاَلَّتِي لَا عُلْوَ لَهَا.
وَلَنَا مَا ذَكَرْنَاهُ مِنْ الْمَعَانِي الثَّلَاثَةِ، وَفِيهَا رَدُّ مَا ذَكَرُوهُ، وَمَا يَذْكُرُونَهُ مِنْ كَيْفِيَّةِ الْقِسْمَةِ تَحَكُّمٌ، وَبَعْضُهُ يَرُدُّ بَعْضًا. وَإِنْ طَلَبَ أَحَدُهُمَا قِسْمَةَ الْعُلْوِ وَحْدَهُ، أَوْ السُّفْلِ وَحْدَهُ، لَمْ يُجَبْ إلَيْهِ؛ لِأَنَّ الْقِسْمَةَ تُرَادُ لِلتَّمْيِيزِ، وَمَعَ بَقَاءِ الْإِشَاعَةِ فِي أَحَدِهِمَا لَا يَحْصُلُ التَّمْيِيزُ. وَإِنْ طَلَبَ قِسْمَةَ السُّفْلِ مُنْفَرِدًا، أَوْ الْعُلْوِ مُنْفَرِدًا، لَمْ يُجَبْ إلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَحْصُلُ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عُلْوُ سُفْلِ الْآخَرِ، فَيَسْتَضِرُّ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا، وَلَا يَتَمَيَّزُ الْحَقَّانِ.

اسم الکتاب : المغني المؤلف : ابن قدامة المقدسي    الجزء : 10  صفحة : 105
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست